ثروة أسطولنا البحري المضيّعة..؟!
أكثر من سبعمئة سفينة شحن بحري من مختلف الأوزان والأشكال وتواريخ التصنيع الحديثة التي تتيح لها الإبحار في كل البحار والمحيطات، وتتجاوز قيمتها مليارات الدولارات، يملكها سوريون ملكية خالصة مئة بالمئة، تجوب بلاد الشرق والغرب، والهند والسند، لكنها بكل أسف تحمل أعلاماً ليست سورية لأنها مسجّلة بدول جاذبة للاستثمار والرساميل، مثل بنما وجزر القمر والمالديف وغيرها من بلاد الواق الواق.. والعلّة في القوانين البحرية السورية البالية والتعقيدات والبيروقراطية العفنة التي تحكم تسجيل تلك السفن، والرسوم الباهظة التي تترتب على مالكيها، ومعاملة التطفيش التي يلاقيها الراغبون في تسجيل سفنهم في دوائر الملكية السورية لحمل علم وراية البلد!.
ورغم أن الموضوع قديم جديد، ورغم أن وزارة النقل أعلنت غير مرة على لسان الوزراء المتعاقبين النيّة في تحديث تلك القوانين، لكن الحقيقة المؤكدة أنه لم يطرأ أي شيء يذكر حتى تاريخه، فلا القوانين تغيّرت ولا السفن حملت علم الوطن، فظلت سفناً سورية مهاجرة تجوب “البحور” بأعلامها الأجنبية ومالكيها وربما طواقمها السوريون أيضاً!.
هي خسارة كبيرة بفعل القوانين المعيقة التي لم تستطع أن ترتقي لتلبي وتخدم…!.
غريب أمر حكومتنا التي تبحث “بالسراج والفتيلة” -كما يقال- عن المزيد من مطارح ومصادر الدخل لدعم الخزينة التي تعجز وتؤجل وتجدول الكثير من المتطلبات لضيق ذات اليد، فكيف يغيب عنها رزق البحر الذي لا ينضب؟.
لعلّ الاشتغال على تعديل قوانينا البحرية وعصرنتها لتتماشى مع ما يخدم هذا القطاع الذي يدرّ ذهباً يعيد لحضن الوطن نوارس البحر المهاجرة ويفتح الكثير من الآفاق وفرص العمل.. صحيح أننا نعاني من تداعيات حرب قذرة تستهدفنا، وصحيح أننا نرزح تحت حصار ما يُسمّى “قانون قيصر” اللئيم، لكن الصحيح أيضاً أننا أحفاد السوريين الفنيقيين، سادة البحر، وربابنته لقرون بلا منازع، ولن نعدم الحيلة، ولا الوسيلة، التي تجعلنا قادرين على الالتفاف على الحصار وكسر شوكته، لكن بعد أن نعالج ونسيطر على المشكلات الطاردة ونقدّم التسهيلات الجاذبة لتلك الأموال التي تبحر وتغرد خارج السرب.. حينها فقط ستعود حياة البحر لمياهنا الدافئة ومرافئنا الباردة وسفننا المهجرة.. فلماذا وإلى متى؟!!.
وائل علي
Alfenek1961@yahoo.com