(سفر تكوين الحب).. ديوان أنتجته الروح من وجع القلب
شهد المركز الثقافي – أبو رمانة – مؤخراً حفل توقيع الشاعر بلال أحمد لثاني إصداراته الشعرية (سفر تكوين الحب) ضمن أمسية تضمنت ندوة أدارها الإعلامي محمد خالد الخضر، وشارك فيها الشاعر سليمان السلمان والإعلامية فاتن دعبول.
وبيّن أحمد في تصريح لـ “البعث” أن ديوانه يضم قصائد منتقاة من سنوات متعددة تشترك في الرؤيا والفكرة والديوان يحتوي على قصائد الحب وأنه سمى الديوان بهذا الاسم لأن الكتب المقدسة والميثولوجيا تبدأ بسفر التكوين، وهو تكلم في ديوانه كيف بدأ الحب كما يراه شاعر، مبيناً أن قصيدة (سفر تكوين الحب) ترى أن الحب يكون في دمشق أم الياسمين، مشيراً إلى أن ديوانه الأول (الهوا الشرقي) تحدث فيه عن حياة الإنسان السوري ومعاناته في بدايات الحرب الإرهابية على سورية إلى جانب وجدانه وحبه وتطلعاته وكل ما يلامس حياته، وأن “سفر تكوين الحب” يحمل تطوراً واختلافاً عنه من خلال بناء القصيدة وبنيتها وعلى صعيد الصور والدهشة والانزياحات، ولكن بالتوازي مع الإنسان السوري ومعاناته اليومية ومشاكله وآلامه التي لم تنتهِ بعد، موضحاً أن الشعر هو قصيدة لم تكتمل و(الهوا الشرقي) مقطع منها و(سفر تكوين الحب) هو المقطع الثاني مع قناعته أن الشاعر يكتب قصيدة واحدة في حياته ليوصل رسالته المليئة بالمحبة والقيم فالشاعر بلا رسالة يكتب للفراغ وأن الشاعر يهدم قيماً ويبني قيماً جديدة ويضيف على ما بناه الآخرون.
وحول الشعر وقصيدة التفعيلة والنثر رأى أحمد أن الشعر أتى من كلمة شعور وأن الشعور موجود في كل الفنون ولكن ما يميز الشعر أنه يتفق مع النثر والرواية والقصة على صعيد الشعور بالكلمة، ولكن ما يميزه عن النثر بناؤه الموسيقي على صعيد الشكل فقصيدة التفعيلة برأيه تعيد إعادة تشكيل هذا البناء العمودي وتلون قافيته دون أن تلغيه في حين أن النثر يحمل الشاعرية كما في الرسم والموسيقا ولكن يبقى نثراً، وختم أحمد تصريحه بقوله أن لديه ديواناً جديداً يحمل عنوان “قلبي على الشام” وهو قيد الطبع من قبل وزارة الثقافة.
الوطن والحب والحياة
وأشار الشاعر سليمان السلمان إلى أن الديوان بعنوانه لا يفارق ثلاثية الوطن والحب والحياة حيث يغوص الشاعر في دورات لا تتوقف من خلال جمالية تجددت وتنوعت في إشارات إلى دمشق فالوطن عند الشاعر أحمد موله بالحب على صورة المصلوب المقدس رابطاً بين مدينتي دمشق والقدس في واقع المرارة والتقديس معتبراً أن الشاعر صور الواقع ومعاناة المجتمع وبقي ملتزماً بقضايا الوطن، منوهاً السلمان إلى أن أحمد لم يتخطّ في قصائده مرارة ما عبر في بلادنا وقد بقي عالقاً بروحه وأحاسيسه، مشيراً إلى أن الشاعر ختم الديوان بقصيدة “انتصار” وهو المؤمن بأنه لا يبقى إلا الثمار: “وعدُ المطر مهما اشتد البرد فنحن إلى ربيع الحياة ساعون”، مؤكداً السلمان إنه ديوان أنتجته الروح من وجع القلب وصاغ الشاعر فيه بإتقان الصورة والفكرة والخيال.
توثيق ما جرى
وبينت الإعلامية فاتن دعبول أنها ليست ضليعة بتحليل القصائد الشعرية وأنها تتذوق الشعر أحياناً وتبدي به رأياً انطباعياً، ومع هذا استوقفتها قصائد ديوان (سفر تكوين الحب) التي قرأت بعضها أكثر من مرة بما تحتويه من فيضٍ في الحزن تارةً والقهر والشعور بالهزيمة تارةً أخرى، والعشق في أحيان، وتوقفت دعبول عند غلاف الديوان القاتم والذي يشي بما تحمل القصائد من ألم وحسرة على وطن أدمته الحروب وحطمت أوابده الأيادي الآثمة ولأن الشعر هو السجل التاريخي الذي يحفظ الأحداث والوقائع التي نمر بها ولأنه مرآة المجتمع، عمد شاعرنا برأيها إلى توثيق ما جرى في الوطن خلال تلك الحرب الآثمة دون أن يعمد إلى استخدام المصطلحات الصعبة ليوصل المغزى من وراء كلماته التي قدمها بأبسط الطرق الممكنة وبتراكيب رقيقة ومحببة إلى الأذن والقريبة من القلب والوجدان فيربط بين أبيات شعره التي اعتمد فيها على الأوزان الخليلية بطريقة موسيقية ليؤكد لنا أن تلك الأوزان لا تزال تحمل من القوة والقدرة على حمل كل تجليات الحداثة بعناوينها وطروحاتها، موضحة أنه ورغم أن المجموعة الشعرية تناولت مختلف هموم أبناء جلدته من القهر والحزن والشعور بالفقد إلا أنه تفوّق في الهم الوطني الذي استأثر في قصائده جلها بشكلٍ أو بآخر ما يؤكد تماهيه إلى كل ما يدور حوله من أحداث، مطالبة دعبول الشاعر في نهاية مشاركتها أن ينثر بين جنبات قصائده شعاعاً من بريق أمل ونور، فالحياة برأيها لا تسكن على حال: “لتنظر بعين زرقاء اليمامة فهناك في الأفق مزيد من الحب والأمل”.
أمينة عباس