العالم يدفع فاتورة فشل الولايات المتحدة في احتواء الوباء
عائدة أسعد
أعلنت الولايات المتحدة عن أكثر من مليون حالة جديدة يومياً بسبب متغير أوميكرون الجديد، ومن المدهش أن هذا البلد الذي يسكنه أقل من 5 في المائة من سكان العالم يمثل أكثر من خمس إجمالي حالات الإصابة في جميع أنحاء العالم، و 15 في المائة من الوفيات، والسؤال هو: كيف يمكن أن يكون للرائد العالمي في العلوم الطبية والعلاج والتكنولوجيا مثل هذا السجل الوضيع؟
لقد اختارت الولايات المتحدة عدم الاستجابة لتهديد أوميكرون على الرغم من تعرضها لانتشار الوباء لأكثر من عام ونصف، وبدلاً من ذلك تركته ينفجر مما يعرض العالم للخطر، وليس الشعب الأمريكي فقط.
وفي الحقيقة، خربت واشنطن المعركة العالمية ضد الوباء بأكثر من طريقة، وهددت الأمن الصحي العالمي من خلال عدم الوفاء بمسؤولياتها كقوة عظمى على الرغم من كونها رائدة عالمية في العلوم والتكنولوجيا، ولديها أفضل المرافق الطبية في العالم.
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحب من منظمة الصحة العالمية، ورفض تحمل مسؤوليته كقائد عالمي، ما أضر بشكل كبير بالتعاون العالمي في مكافحة الفيروس، وها هو الرئيس الحالي جو بايدن على الرغم من تغيير بعض سياسات ترامب يواصل القيام بذلك، ويتبع سلفه عندما يتعلق الأمر بتشجيع المعلومات المضللة المتعلقة بالفيروس ضد الصين وتشويه الرأي العام العالمي.
وإلى جانب ذلك عطلت الولايات المتحدة سلاسل التوريد العالمية من خلال تشجيعها لفصل الاقتصادين الصيني والأمريكي. وعلى سبيل المثال، اعترض المسؤولون الأمريكيون 200 ألف قناع مصنع في الصين متجهة إلى ألمانيا في مطار بانكوك في تايلاند، وأعادوا توجيهها إلى الولايات المتحدة عندما تفشى الوباء في أوائل عام 2020 والتي اعتبرت تلك الخطوة على أنها قرصنة.
ووفقاً للمراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، لم تساعد الولايات المتحدة في إحداث فجوة في المناعة في جميع أنحاء العالم فحسب، بل أهدرت أيضاً بسبب أنانيتها الكثير من الموارد وبما لا يقل عن 15.1 مليون جرعة من لقاحات كوفيد 19 من آذار إلى أيلول 2021، وتفيد التقارير بأنها سمحت بانتهاء صلاحية المزيد من اللقاحات أكثر مما تلقته العديد من البلدان النامية.
وبسبب أداء الولايات المتحدة أيضاً، تفاقم التضخم في جميع أنحاء العالم من خلال اللجوء إلى تدابير غير محدودة للتيسير الكمي مما خلق أرضاً خصبة للأزمة المالية العالمية المقبلة، كما أطلقت شركات الأدوية الأمريكية العملاقة مع بعض اللاعبين السياسيين العنان لفيروس رأس المال والفيروس السياسي في جميع أنحاء العالم.
وعلاوة على ذلك فرضت الولايات المتحدة وشددت عقوبات على دول مختلفة وسط الوباء، مما زاد من صعوبة احتواء الفيروس. وبسبب تلك العقوبات لم تتمكن العديد من الدول من الحصول على مساعدة من المجتمع الدولي وشراء المعدات الطبية واللقاحات اللازمة لمكافحة الوباء.
وأما بالنسبة للعدد الكبير من وفيات كوفيد -19 في الولايات المتحدة فيمكن أن يعزى إلى سياسات الحزبين التي تسللت إلى المكاتب الفيدرالية والولائية والمحلية والدوائر الإدارية والتشريعية والقضائية، فضلاً عن وسائل الإعلام بينما في المقابل احتوت الصين الوباء في الداخل إلى حد كبير على الرغم من الإصابات العرضية في بعض أجزاء من البلاد.
وبينما تروج العديد من الدول الغربية لـ “الداروينية الاجتماعية”، وتأمل في تطوير مناعة القطيع من أجل القضاء على الفيروس، تؤكد الصين على اتخاذ تدابير علمية لاحتواء الوباء، واستعادة التوازن بين البشر والطبيعة. وبينما يؤمن الكثيرون في الغرب بالحرية المطلقة و يرفضون التطعيم أو يرتدون أقنعة الوجه أو يحافظون على التباعد الاجتماعي، يعتقد الصينيون أنه يجب الاعتزاز بالحياة واحترامها واتباع بروتوكولات الوباء.
إن الولايات المتحدة، التي تسمي نفسها زعيمة الحرب العالمية ضد الفيروس، تظهر على أنها لا تزال تعيش في الأسطورة القديمة التي ابتكرها الغرب، وحان الوقت لأن تتصرف كقوة عظمى لأن العالم ليس مستعدا لدفع فاتورة فشلها في احتواء الوباء.