وزير .. ورتوش “المناصب”..!
بشير فرزان
أوقفت الظروف الجوية السائدة والمتوقعة خلال الأيام القادمة العمل في جميع المؤسسات وجمدت الحياة العامة كافة، حيث جاء بلاغ العطلة ليرأف بأحوال الموظفين الذين باتوا مع تردي أوضاعهم المعيشية والحياتية أكثر قرباً “للشفقة” وخاصة في هذا البرد القارس الذي يزيد من أعبائهم ومن توغلهم تحت خطوط الحاجة والقلة.
وطبعاً، الظروف الجوية السائدة لم تكن عائقاً أمام وزارة الصناعة للإعلان عن الهيكلية التنظيمية الجديدة لها بإصدار قرارات تكليف مدراء لمديرياتها المركزية وبشكل يكرس تكرار السيناريو المتبع في جميع الوزارات من خلال بعض الرتوش العامة “المناصب” التي تحشر في سياق مشروع الإصلاح الإداري بينما “يترك الحبل على الغارب” – كما يقال – في القطاع العام الصناعي حيث يستمر البعض بالرهان على أداء الإدارات في المؤسسات والشركات الصناعية لتحقيق قفزة نوعية والنهوض بواقع هذه المؤسسات التي أشبعت على مدار السنوات الماضية بالخطط الصناعية المكررة.. وللأسف، بقيت حبراُ على ورق وطبعاً ليس المقصود هنا إلغاء دور الإدارات أو تهميش أهميتها في إحداث ذلك التغيير الجوهري المأمول في المستقبل الصناعي، بل الإشارة إلى أن عجز غالبيتها ناتج عن ضبابية الإستراتيجية الموضوعة داخل القطاع الصناعي وتأرجح عملها بين التشاركية والاستثمار وغيرها من الأفكار التي لم تثبت حتى هذه اللحظة أي عائدية حقيقية أو تغيير فعلي في حالة الشركات العامة الصناعية.
ومن جهة أخرى، تفرض الموضوعية عدم تجاهل الإضرار الكبيرة التي سببتها الحرب وتعرض كافة الشركات للاعتداءات الإرهابية بشكل أدى إلى تدمير وتخريب شامل للقطاع الصناعي، إضافة إلى وقائع أخرى لابد من الأخذ بها. وما بين التبرير والانتقاد تكمن تلك التساؤلات التي تضرب بشدة على وتر التصريحات المتتالية الصادرة من أكثر من اجتماع صناعي وبشكل يثقل كاهل وزارة الصناعة التي لم تنفّذ رؤاها وأفكارها بعد إلى ساحة الواقع وتحديداً لجهة الإنتاج.
وإذا كانت الأنظار اليوم ترنو إلى التغيير المرتقب من الإدارة الجديدة للدفة الصناعية ممثلة بمديرين من ذوي الكفاءات والشهادات العليا والخبرات الكبيرة وبخطة عمل وزير الصناعة إلا أن ذلك لا يلغي الكثير من المخاوف من تكرار السيناريو الصناعي مع بعض الرتوش على الشعارات خاصة مع احتشاد الكثير من الآراء التي تزعم أن عمل وزارة الصناعة بعيد بأولوياته عن القطاع الصناعي ومستقبل العديد من الشركات لجهة البقاء في ساحة العمل والإنتاج أو الإقصاء وتغيير النشاط، وهنا لابد من التأكيد أن فاتورة التغيير ستكون أوفر من فاتورة الترقيع والإصلاح التي اتبعت في الماضي لأسباب عديدة.
وكما قلنا قبل سنوات .. إن وزارة الصناعة اليوم على المحك وفي امتحان صعب ولذلك عليها إما إثبات نفسها والبقاء أو إحالتها إلى التقاعد واستبدالها بهيئات أخرى قد تكون أكثر فاعلية منها .. ولاشك أن الرهان على الأشخاص هو رهان خاسر بكل المقاييس خاصة في غياب البوصلة الصناعية والاعتماد على أفكار مجتزئة وخطط مطاطية تتوازى بعائديتها الاقتصادية مع الورش الصغيرة.. فهل تتكاثف الأفكار على سكة أنشاء مجمعات صناعية متكاملة في كل محافظة وبالتشبيك مع وزارات أخرى وتحديداً وزارة الزراعة لإحياء مشروع كبير للتصنيع الزراعي؟!