“الرابسودي السوري”.. ملحمة موسيقية سورية في “إكسبو دبي 2020”
بروح يحدوها الأمل والتفاؤل والسعي لتقديم ما يليق بسورية والسوريين، تستمر تدريبات الموسيقيين في دار الأوبرا استعداداً لتقديم الملحمة الموسيقية “الرابسودي السوري” في العرض العالمي الأول لها في السابع من شباط على مسرح اليوبيل ضمن البرنامج الثقافي الذي ينظمه جناح الجمهورية العربية السورية في “إكسبو دبي 2020″، وهي من تأليف وتوزيع الموسيقي المعروف إياد الريماوي، وقيادة المايسترو ميساك باغبودريان، ومشاركة أكثر من 100 موسيقي.. والملحمة هي أوّل عمل موسيقي مخصّص للاحتفال بتاريخ الغناء الجماعي في سورية.
أنشودة نيكال
وبيّن الريماوي في تصريح لـ “البعث”، التي حضرت جزءاً من التدريبات في دار الأوبرا، أن “الرابسودي السوري” عمل موسيقي يلخص 3 آلاف سنة من تاريخ الموسيقا في سورية، حيث يسلّط الضوء على فترات مهمّة في تاريخ الموسيقا السورية برؤية بصرية وموسيقية، والبداية ستكون مع أقدم تدوين موسيقي عرفه العالم هو “أنشودة نيكال” التي اكتُشفت على لوح طيني يعود لأكثر من 1400 سنة قبل الميلاد في مدينة أوغاريت السورية، وهي حكاية سوريّة عن سيدة تبتهل لإله القمر كي تنجب، ثم يتمّ الانتقال إلى عصر الترانيم السريانية، فإلى تقاليد الإنشاد الصوفي، وصولاً إلى الموسيقى المعاصرة، ليكون ختام الملحمة بوقوف الجميع على المسرح باختلاف الثقافات للغناء معاً بصوت واحد.
المتعة أولاً
ولأن الريماوي يسعى دوماً لتقديم ما هو جديد ومختلف، أشار إلى أن هذه الأنشودة التي غناها الغرب كثيراً ستُغنّى لأول مرة على مقام البيات المغرق في القِدم والمعروف في كل مناطق سورية الكبرى، موضحاً أن المقطوعات التراثية المُقدّمة في الملحمة لن تتجاوز العشر دقائق وما تبقى موسيقا كُتِبَت خصيصاً لهذه الملحمة التي هي وإن كانت حكاية سورية إلا أنها في الوقت ذاته حكاية عالمية، والجميع اليوم معنيّ بهذا التراث الموجود لدينا، مؤكداً أن الملحمة، وإن كانت في أحد جوانبها عملاً توثيقياً بشكل أو بآخر ،إلا أن ما يعنيه بالدرجة الأولى تحقيق المتعة لأنه بالنهاية ليس محاضراً بالتاريخ، وإنما هو مؤلف موسيقي همّه أن يستمتع الجمهور بما يُقدّمه، وأن تصل الموسيقا التي يقدمها إلى قلوب الناس.. هو هدفه بالدرجة الأولى، ثم تأتي الأهداف الأخرى بتقديم موروثنا الذي لم يسبق أن قُدّم، والتأكيد على أننا نغنّي لسورية الأم حتى لو كنا ننتمي لثقافات مختلفة.
من أهم العروض
عن أهمية تقديم هذه الملحمة في “إكسبو دبي 2020″، بيّن الريماوي أن الإكسبو تبنّى العمل بطلب من الجناح السوري لتقديم عمل مهمّ وكبير، وأن الإكسبو متفائل بأن يكون من أهم العروض التي ستُقَدَّم ضمن فعالياته، ورأى أن تقديم هذه الملحمة الموسيقية في إكسبو دبي بعد أن اعتدنا على تقديم حكاياتنا لبعضنا أمرٌ في غاية الأهمية، حيث بات من الضروري أن تصل هذه الحكايات بموسيقانا للعالم من خلال إكسبو وجمهوره الذي يضمّ كل جنسيات العالم، وعلى مسرح كبير يتّسع لآلاف الناس، مؤكداً أن إنجاز الملحمة لم يكن أمراً سهلاً، وهو تطلّب إمكانيات كثيرة موجودة في دبي، أما الصعوبات فقد رفض الريماوي الحديث عنها لأن المتلقي – برأيه – غير معني بها، وكل ما ينتظره تقديم عمل يستمتع به.
حكاية سورية بلغة أوركسترالية
وبيّن باغبودريان، قائد الفرقة الموسيقية في “الرابسودي السوري”، أن العمل مكتوب بلغة أوركسترالية، لكنه ليس عملاً سيمفونياً صرفاً لأنه يتضمن عدة عناصر من الموسيقا الشرقية، مشيراً إلى أنه تمّ اختيار أفضل الموسيقيين الموجودين داخل سورية وخارجها، حيث تمّت دعوتهم وأتوا إلى سورية للمشاركة فيه؛ كما سيلتحق بالفرقة في دبي عدد من العازفين الأجانب الذين تمّت دعوتهم من جميع أنحاء العالم، مؤكداً أن مشكلتنا الدائمة هي أننا نحكي حكاياتنا دوماً بلغتنا، فلا يفهم علينا الآخر وإن تأثر بها، لذلك كان من الضروري تقديم هذه الملحمة بلغة أوركسترالية يفهمها الأجانب، لنؤكد لهم أن لدينا أوركسترا وكورالاً متعدّد الأصوات والإمكانيات لفعل ذلك من خلال وجود عازفين سوريين مهرة يعزفون على مختلف الآلات الأوركسترالية، وجميع هؤلاء درسوا وعاشوا أصعب اللحظات خلال فترة الحرب على سورية وما زالوا مستمرين وقادرين على العطاء.
عمل فني ضخم
وعبّرت الفنانة ميرنا قسيس، المغنية السوريّة التي تدرس في إيطاليا وتغني في أكبر الأوبرات فيها، وقد حَضرَتْ خصيصاً إلى سورية للمشاركة في الملحمة، عن سعادتها بوجودها ضمن عمل فني ضخم يحكي عبر الموسيقا عن حضارتنا والثقافات التي مرت على بلادنا، مشيرة إلى أنها ستغني “أنشودة نيكال” التي كُتِبَت سنة 3 آلاف ق. م على رقم طيني، ورأت أن المشاركة في “إكسبو دبي” فرصة لإيصال موسيقانا لكل العالم.
رحلة موسيقية عبر الزمن
وأوضحت الفنانة ايلونا دنحو، المغنية السوريّة المشهورة في عالم الإنشاد السرياني، وجاءت من السويد إلى سورية خصيصاً للمشاركة في الملحمة، أن العمل رحلة موسيقية عبر الزمن منذ 3 آلاف ق. م حتى يومنا هذا، وهي ستغنّي قطعتين موسيقيتين سريانيتين: الأولى لـمار يعقوب السروجي من 450 م، والثانية لمار افرام السرياني والعائدة للفترة الزمنية نفسها، معبّرة عن سعادتها بالمشاركة في هذه التجربة الفريدة من نوعها.
عرض بصري
وكمدير للفرقة الموسيقية في “الرابسودي السوري”، أشار أمير قرجولي إلى أن الفرقة تضمّ أكثر من 100 موسيقي، 80 منهم من سورية بالإضافة إلى موسيقيين من جنسيات مختلفة سيلتحقون بالفرقة في دبي بهدف التعريف بموسيقانا وحضارتنا وثقافتنا، مبيناً أنه تمّ اختيار الموسيقيين المشاركين حسب إمكانياتهم ومتطلبات العمل، وأن الموسيقا سيرافقها عرض بصري من إخراج د. عمار العاني، كما ستقوم مصمّمة الأزياء المعروفة رجاء مخلوف بتصميم أزياء للموسيقيين خاصة بهذا الحفل الكبير.
أمينة عباس