ارتفاع أجور المعاينات وغلاء الأدوية يجعل “الطب البديل” ملاذاً للمتألمين من الفقراء!
دفعت الظروف المعيشية المرهقة الكثير من الناس للبحث عن حلول بديلة في محاولة للتأقلم مع هذه الحالة الطارئة، سواء ما يتعلّق بتأمين متطلبات المعيشة أو اللجوء إلى التداوي والعلاج بالطب البديل، وسط غلاء أجور المعاينات والأدوية ووصولها إلى أسعار خيالية لا تقدر على حملها جيوب أصحاب الدخل المحدود.
غير معتمدة.. ولكن!
السؤال الذي يطرح نفسه بهذا الخصوص: ما وجهة نظر وزارة الصحة بالعلاج الطبيعي أو الطب البديل، وهل هناك ضوابط لممارسته وشروط لمزاولته أو الترخيص له؟. يوضح مدير الشؤون القانونية بوزارة الصحة أحمد الأحمد لـ”البعث” أن القرار التنظيمي رقم 37/ت لعام 2009 نظم مهنة التداوي بالأعشاب وعرّفها بأنها عبارة عن إعطاء وصفات طبية من قبل أطباء مؤهلين ومرخصين من وزارة الصحة، ويتمّ ذلك في عيادات أو مراكز طبية مرخصة أصولاً، مشيراً إلى أن شهادات الطب الشعبي والطب البديل غير معتمدة لدينا، وأن إمكانية ترخيص مركز متعدّد الاختصاصات إنما يكون بإدارة طبيب بشري ولا يمكن أن يتضمن اختصاص الطب الشعبي والطب البديل، أما باقي اختصاصات الطب البديل فلم يتمّ تنظيمها لدى وزارة الصحة.
بدورها ذكرت معاون الوزير لشؤون الصيدلة والهندسة الطبية الدكتورة رزان عمر سلوطة لـ”البعث” أن الطب البديل يتضمن أكثر من اتجاه أو نوع، ويشمل العلاج بالأعشاب، حيث تمّ تسجيل مستحضرات عشبية تصنع في منشآت صحية مرخصة أصولاً في وزارة الصحة وفق الشروط والضوابط المعتمدة، أما فيما يخصّ أنواع الطب البديل الأخرى فهي لم تُعتمد من قبل وزارة الصحة أو تخضع لقرارات تنظيمية معينة.
آراء متضاربة
في جولة رصدنا فيها آراء مجموعة من المواطنين، إضافة لآراء بعض الصيادلة في الطب البديل والتداوي به، بعضهم أعربوا عن امتعاضهم معلّلين هذا بأن هناك أمراضاً مزمنة ومستعصية لا يقدر على علاجها الطب البديل، بل ربما يمكن أن يكون بحسب رأيهم رديفاً أو مساعداً ولكن ليس أساسياً، واصفين من يلجأ للتداوي بالطب البديل كـ”الغريق الذي يتمسّك بقشه”، بينما وجدنا نسبة كبيرة ممن أبدى ارتياحاً وميلاً للطب البديل باعتباره يقوم على أدوية طبيعية تخلو من أي مواد كيماوية وأسعارها زهيدة لا تشكّل عبئاً إضافياً على سلة الأعباء التي يحملونها، رغم أن علاج الطب البديل يأخذ وقتاً في إعطاء النتيجة، ولكن على حسب رأيهم “الرمد أحسن من العمى”!.
تجارب ناجحة
أم محمد “سيدة خمسينية” تقول بعد معاناة طويلة من التعب في اليدين لجأت إلى العلاج بالطب البديل، حيث خضعت لجلسات علاج فيزيائي وذلك بعد أن تمّ التشخيص الدقيق لحالتها، وقد حصلت على نتائج مفيدة جداً من العلاج بالطب البديل. وتجربة أخرى للسيدة “ليال” ذات الأربعين عاماً، تمّ تشخيص حالتها بمشكلات بالأمعاء والطحال وتمّ وصف الخلطة الطبية النباتية المناسبة لها، إضافة إلى معالجة حالة الشاب مجد “طالب جامعة” من ألم في الرقبة بسبب الإجهاد في الدراسة، وذلك عن طريق تشخيص حالته بتقنية الـ”سو جوك”.
إقصاء للدواء
اختصاصي طب شمولي اعتبر هذا النوع من الطب بديلاً عن الطب التقليدي الحديث، فهو عبارة عن تقنيات ووسائل علاجية متنوعة مثل “العلاج بالحجامة، العلاج بسم النحل، العلاج بالفصائل الدموية، العلاج بردود الأفعال العصبية، العلاج بالأعشاب، العلاج الطبيعي لتقويم العمود الفقري المعروف بـ الكايروبراتيك، التنويم الإيحائي المغناطيسي، والعلاج بالمساج أو التدليك العلاجي، والعلاج بالتأمل، أو العلاج بفيزياء طاقة الكم، العلاج بالطاقة الحيوية، العلاج الروحاني، العلاج بقوة العقل، العلاج بالطب الصيني”، وهذه التقنيات تهتمّ بعلاج نوع معيّن من الأمراض وقد ثبتت فوائدها في علاج الأمراض، ولكن للأسف لم تأخذ تقنيات الطب البديل بالبحث والدراسات والأبحاث والتوسّع فيها والاعتماد والترخيص، لأن هذا الطب الذي يعتمد في جزء منه على التركيبات والخلطات العشبية الدوائية يعتبر إقصاءً للدواء والمركبات الكيميائية، وهذا يخفّف من ميزانية الاقتصاد والتجارة الدوائية العالمية الربحية.
يحتاج للضبط
بالمختصر.. الطب البديل بات واقعاً والكثير من الناس لهم ثقة فيه، خاصة وأن هناك تجارب ناجحة للعلاج رغم تقنياته البسيطة، وفي المحيط المجاور هناك اعتراف بهذا النوع من الطب، ونعتقد أن المراقبة ضرورية لمن يمارسونه، بحيث تكون العيادات بإدارة أو معرفة وزارة الصحة، خاصة وأن هناك البعض من العطارين “المشعوذين” حاول أن يركب هذه الموجة واستغلال حاجة الناس للعلاج بعيداً عن عيادات الأطباء الاختصاصيين، لذا نؤكد على من يتعاطون مع هذا الطب أن يكونوا حذرين من هؤلاء.
ليندا تلي