ملف معالجة النفايات الصلبة على “صفيح بارد”.. وكلام عن التحكم بالتكاليف بمبدأ “الملوث يدفع”
مع عدم وجود خطة إستراتيجية مستقبلية لإدارة النفايات الصلبة في سورية، كان الحلّ المقترح يقضي بضرورة وضع إستراتيجية لسنوات مستقبلية عدة ترسم نهجاً لحلّ جميع المشكلات الخاصة بهذا المجال.
ولأن أرشيف وزارة الإدارة المحلية والبيئة يسجّل عقداً مع شركة “تريفالور” الفرنسية لإعداد المخطط التوجيهي لإدارة النفايات الصلبة، فإن أهم المبادئ العامة التي نصّ عليها المخطط هو إيلاء المزيد من الاهتمام للنفايات البلدية الصلبة، وإيجاد نظام منطقي لعمليات الجمع، بحيث تشمل جميع المواطنين والاستغناء عن الجرارات مع مضي الوقت، مع التقليل من كميات النفايات إلى أدنى حدّ ممكن، ومكافحة التلوث والتأثيرات الصحية الناشئة عن النفايات البلدية الصلبة، والتوجيه بمنع الحرق العشوائي للنفايات.
لا تزال متواضعة!
يدرك المتابع أن تجربة معالجة وتدوير النفايات في سورية لا تزال متواضعة بوجود معملين في طرطوس وريف دمشق وثالث متوقف في القنيطرة منذ بداية الحرب، وبوجود خطط لتأهيل واستثمار البنى التحتية، ثمة وعود بتحسين الواقع وتطويره وفق معلومات مديرية النفايات الصلبة بدمشق وريفها، إلا أن هناك مشكلات تتعلق بمطامر النفايات غير الصالحة للتدوير وهي أربعة مطامر بريف دمشق اثنان منها قيد العمل وجميعها معروضة للاستثمار، في وقت تمّ تجهيز البنية التحتية لمطمر رخلة بريف دمشق بشكل كامل تمهيداً لعرضه للاستثمار، وهو ذو استطاعة تتجاوز 400 طن يومياً، إضافة إلى مطمر الغزلانية الحالي ومطمري منطقة جيرود والرمدان المتوقفين عن العمل، كما يوجد 15 محطة نقل نفايات “مكبات” مؤقتة وسيطة موزعة على مناطق ريف دمشق، بالإضافة إلى محطة رئيسية ضمن دمشق “مكب الزبلطاني”، علماً أن هذه المحطات موضوعة ضمن خطة التأهيل والاستثمار.
التحكم بالتكاليف
في سياق كهذا حريّ القول إنه لابد من التحول على المدى الطويل إلى معالجة جميع النفايات البلدية الصلبة قبل التخلّص منها، أما على المدى المتوسط فمن المهمّ التركيز على وجوب التخلّص من النفايات في المطامر الصحية مباشرة، إضافة للتحكم بالتكاليف في مجال إدارة النفايات البلدية الصلبة مع العمل بمبدأ “الملوث يدفع”، على أن يتمّ التركيز في ذلك على الشركات في القطاعين العام والخاص.
وخلال السنوات السابقة تمّ الانتباه لوضع القوانين بهدف تحديد النظم والمسؤوليات اللازمة في عمليات الجمع والمعالجة، والأطر المالية التي سيتوجب مراعاتها في هذه العمليات، بالتزامن مع إقامة مجموعة من الوحدات لمعالجة النفايات الخطرة.
مبادئ فنية
وتفيد معلومات الوزارة بأن المخطط التوجيهي تضمن مبادئ فنية لمعالجة النفايات على رأسها التقليل من كميات النفايات إلى أدنى حدّ ممكن، وتفعيل خدمات نقل النفايات، وفرز النفايات القابلة للتدوير (الورق، الكرتون، البلاستيك…)، وصنع الأسمدة من النفايات العضوية.
وتؤكد رئيسة دائرة إدارة النفايات المهندسة رولا أبا زيد لـ”البعث” أن نصّ قانون البيئة رقم 12 لعام 2012 يهدف إلى إرساء القواعد الأساسية لسلامة البيئة وحمايتها من التلوث، وتحقيق التنمية البيئية وتحديد المهام المنوطة بالوزارة، وكذلك المهام التي تقوم بها بالتعاون مع الجهات المختصة لمتابعة التنفيذ. وبالتالي فإن دور وزارة الإدارة المحلية والبيئة يتجلّى بالمراقبة والإشراف على عمليات إدارة نفايات الرعاية الصحية في جميع مراحلها ومنح الموافقة البيئية لمنشآت النقل والمعالجة وتأسيس لجنة وطنية تنسيقية تضمّ الجهات المعنية بإدارة نفايات الرعاية الصحية تضمّ وزارتي (الصحة والإدارة المحلية) وأخرى فرعية مهمتها الإشراف والمراقبة على عمليات الفرز والجمع والنقل والمعالجة.
وكي تبدو الوزارة أكثر تعاوناً راحت تقوم بالعديد من حملات النظافة المباشرة والميدانية، بالتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية في وزارة الإدارة المحلية والجمعيات الأهلية والمنظمات الشعبية، لإزالة التلوث الناجم عن النفايات الصلبة في الأحياء والأنهار والحدائق، أما فيما يتعلق بمرافقة موظفي البيئة لعمال النظافة فإن الجهة التنفيذية للإدارة المتكاملة للنفايات هي الإدارة المحلية ممثلة بالمحافظات ومديريات النظافة وإدارة النفايات والبلديات والتي تقوم بدورها بتنفيذ ومراقبة أعمال النظافة، حيث يتمّ تعيين مراقبين فنيين يقومون بمراقبة أداء عمال النظافة.
لجان مشتركة
هنا يقرّ مدير النظافة في محافظة دمشق المهندس عماد العلي بالتعاون المستمر بين مديرية النظافة ومديرية شؤون البيئة من خلال اللجان المشتركة، مثل لجنة الكشف عن الحالة الراهنة لإدارة النفايات، الرعاية الصحية في مشافي دمشق وهي خاصة بمتابعة تطبيق المشافي للقوانين والأنظمة النافذة في مجال إدارة النفايات الطبية، ويتمّ التعامل أيضاً عن طريق تنفيذ مشاريع بيئية مشتركة مثل فرز النفايات المنزلية في منطقة شرق التجارة والحملات التوعوية البيئية المشتركة في مختلف مناطق مدينة دمشق ومدارسها، حيث تقدم مديرية النظافة مستلزمات الحملات والمشاركة فيها بالكادر البشري اللازم.
وترى مديرية النظافة أن مديرية البيئة من خلال التنسيق والتعاون على مرّ السنوات الماضية تساهم بشكل فعّال وجيد بالعمل الخدمي، حيث تقوم شؤون البيئة بالمؤازرة من خلال الملاحظات الخدمية التي تشاهدها أثناء العمل الميداني ليتمّ معالجتها بشكل فوري، وبالتالي فإن حضور البيئة المباشر مرحّب به وفق هذه الصيغة والآلية مادام يخدم ويطوّر العمل ويرفع سوية النظافة، مع التأكيد أن (الإدارة المحلية) هي المعنيّ الأساسي بإدارة النفايات الصلبة، وتنحصر مهمة تنفيذ العمل والإشراف عليها مباشرة بالمؤسّسات والمديريات التابعة، ويأتي دور باقي الوزارات والمؤسّسات كمتمّم من أجل تطوير العمل، وعند ظهور مشكلات مشتركة تستلزم حلها يتمّ تشكيل لجان فنية مشتركة لتجاوزها.
جدير بالذكر أنه يصل إلى إدارة معالجة النفايات الصلبة في الغزلانية ما بين 2800 إلى 3000 طن نفايات يومياً من دمشق، وتزداد الكمية أحياناً خلال أشهر معينة لتصل إلى 3500 طن بعد جمعها في السيارات ونقلها إلى مكب النفايات في منطقة الزبلطاني، مع الإشارة إلى وجود 6000 حاوية قمامة موزعة على كامل مساحة دمشق، إضافة إلى 2000 سلة مهملات تمّ تركيبها على الأعمدة.
علي بلال قاسم