السفير الهندي: الهند ستقدم كل المساعدات لإعمار سورية
رقصة “أرداس” ذات البعد الروحي والإيقاع الهادئ المترافقة مع الدعاء والتضرّع إلى الله، كانت افتتاحية الأمسية الغنائية الراقصة التي قدّمتها فرقة “بهانغرا الدولية” التي تعكس خصوصية فلكلور ولاية البنجاب في الهند، لمناسبة الاحتفالات العامة بالذكرى الخامسة والسبعين لاستقلال الهند، على مسرح الأوبرا بحضور رسمي وجماهيري. وأظهرت علاقات الصداقة بين الشعبين الصديقين السوري والهندي والتقاطعات الإنسانية بينهما بالتراث الإنساني غير المادي ابتداءً من السينوغرافيا البسيطة للمسرح بوضع الجرار وأطباق القش إلى الأواني الفخارية والمهارات اليدوية والتشابه الموسيقي في جانب ما.
رقصة الحناء
أخذ رئيس الفرقة بارفيندر سينغ دور الصوليصت وتميّز بحضوره القريب من الجمهور، وعلى مدى ساعة ونصف قدّمت الفرقة الكثير من الرقصات والأغنيات، فبدأت برقصة “غوبيندي” وهي رقصة جماعية تعتمد على استخدام جميع الآلات الموسيقية “دهول تامبي وألغوجا وتشيمتا وخوندا ساب”، وأخذت طقوس الحناء حيزاً من التراث الإنساني الممتد على مساحة الدول العربية والشرقية، فقدمت الفرقة على وقع تأثير أغنية “مهيندي” أي الحناء رقصة خاصة بالراقصات اللواتي يؤدين حركات سريعة تتقاطع في جانب ما مع حركات الرقص الشرقي، يتخللها الدوران الثنائي واستخدام العصا المعدنية البراقة.
الشعر الشعبي
ورقصة “مالواي غيدها” وهي رقصة شعبية للراقصين مبنية على الشعر الشعبي في قرية تشاثا، وحضور الصوليصت على وقع الطبل الكبير. ويتابع الراقصون والراقصات وهم حفاة رقصة “جيندوا” الرقصة الأساسية في حفلات الزفاف والمهرجانات وتتميّز بدور الراقصات بالحركات الراقصة السريعة وبالتصاعد الموسيقي.
سينوغرافيا المسرح
كما ارتبطت بعض الرقصات بمواسم الحصاد بجلوس الفتيات على المسرح وممارسة المهارات اليدوية بالإبرة وحركات الراقصين. إضافة إلى ذلك قدّمت الأمسية مجموعة أغنيات ترافقت مع الرقص من أجملها أغنية “ماهي نيلكلا غادي لايكيه” الأغنية الثنائية لفيلم “غادار” من أشهر أفلام قصص الحب في العالم، إضافة إلى أغنية ميرزا الشعبية وأغنية سوني دي تشيلي وغيرها.
عرض منفرد
تخلّل الأمسية عرض أداء “دهول” قدمه بارفيندر سينغ بولا بانشي الذي قدمه في ألعاب الهوكي الآسيوية عندما فاز الفريق بالميدالية الذهبية عام 1998 في لعبة الهوكي. كما قدّم عدد من الراقصين مشهداً غنائياً يعتمد على الآلات الإيقاعية وعلى الغناء الإفرادي بدرجة حادة ومرتفعة للصوت.
عُرف الديك
وزاد من جمالية الأمسية ألوان الأزياء المبهجة بين الأحمر والأصفر والأخضر، ووضع قلنسوة خاصة للراقصين تشبه عُرف الديك.
تشابه موسيقي
والملفت هو الآلات الموسيقية المشابهة لبعض الآلات الموسيقية السورية مثل الآلات الإيقاعية الخشبية وآلات النفخ الخشبية ليبقى الطبل الكبير القاسم المشترك والذي كان أساسياً في أغلب الرقصات والأغنيات. كما تعتمد الرقصات على المزمار للبوح بمكنونات الذات وترجمة معاني المفردات.
حضارات مشتركة
وتحدث سعادة السفير ماهيندر سينغ كانيال عن العلاقات الهندية السورية التي تعود إلى زمن بعيد وعن الحضارات التي تجمع بينهما، ووقوف الهند إلى جانب سورية التي تدعو إلى السلام، وأوضح أن الهند مستعدة لتقديم كل المساعدات الإنسانية والتقنية والتنموية الممكنة للمشاركة بعمليات إعادة الإعمار.
العاصمة العالمية دمشق
وانتقل إلى المشهد الثقافي في الهند الغنيّ الذي يمتلك مجموعة كبيرة غنية بالموسيقا والتنوع الغنائي والفلكلور والطقوس المعروفة ضمن التراث غير المادي، وتابع: شرف لنا أن تقدم فرقة بهانغرا الدولية أمسية بالعاصمة العالمية للثقافة العربية دمشق، ثم تحدث عن ولاية البنجاب وتطورها في العلوم والفنون وتميّزها بالشعر الروحاني.
العيش بكرامة
د. لبانة مشوّح وزيرة الثقافة تحدثت عن هذه الأمسية الغنائية التي تقيمها الفرقة الهندية للاحتفاء بالذكرى الخامسة والسبعين لاستقلال الهند بعد استعمارها قرنين من قبل الاستعمار البريطاني البغيض المذل للشعوب، المستغل لطاقاتها البشرية والطبيعية السالب خيراتها، لكنه لم يستطع سلب إرادتها في نيل الحرية والعيش بكرامة. وتابعت مشوّح عن حركة التحرر في الهند والمقاومة بكل أشكالها التي انتزعت استقلالها وأعطت للعالم دروساً بالتضحية والصبر، لتصبح الهند قوة اقتصادية كبرى، وأشادت بالتطور الحضاري والتكنولوجي والتقانات الحديثة فيها.
روابط استثنائية
كما أعربت عن سعادة سورية بمشاركة الهند فرحة عيد استقلالها، فالروابط التاريخية والثقافية بين الشعبين متينة ولاتزال استثنائية، وأضافت: كنّا شركاء في نقل العلوم والتراث العريق إلى العالم أجمع، وروابطنا الثقافية ليست وليدة اليوم، وتشهد على ذلك الحضارة العربية في الهند بتراثها المادي وغير المادي، وكذلك للثقافة الهندية أثر بحياتنا اليومية، ونأمل بأن تتوطد العلاقات الثقافية بين الشعبين الصديقين بما يعرّف بثقافة كلّ منهما للآخر ويلقي الضوء على المشاركات القيمية والجمالية بينهما.
فيلم توثيقي
سُبقت الأمسية بعرض فيلم توثيقي عن ولاية البنجاب صوّر تطورها الحضاري ومعالمها العمرانية والأثرية وطبيعتها الجغرافية والمواسم الزراعية فيها وحضور المرأة الريفية، وركز على الجانب الإنساني بالتراث غير المادي الذي يحفظ فلكلورها وطقوسها وتقاليدها والأطعمة المتداولة والتقليدية فيها.
وفي نهاية الأمسية قدّمت وزيرة الثقافة د. مشوّح مع سعادة السفير ماهيندر سينغ كانيال باقة ورد لأعضاء الفرقة، وسيقدم الحفل على مدى يومين في دار الأسد للثقافة والفنون في حمص واللاذقية.
ملده شويكاني