التعبير اللاذع بأدوات ناعمة
تنشر على بعض مواقع التواصل وأدوات الميديا العديد من أعمال الفيديو آرت والأغاني والفيديو كليب، قد تجلب هذه المنشورات اهتمام الآلاف من المتابعين الذين ينتمون إلى مذاهب فكرية مختلفة، منها السطحي الركيك والبذيء أحياناً، ومنها ما يحمل قيمة جديدة تضيف وتغني وتؤثر في مجتمع المتابعين.. يلفت الانتباه في بداية أي منشور العنوان أو الصور الأولية للعمل كمقدمة جاذبة تغري بالمتابعة، وقد تكون المرأة الجميلة أحد هذه العناوين الكافية لالتقاط أي متابع!.
التقطتني السيدة بقسوة نظرتها وهي تردّ على محدثها عبر هاتفها الخليوي معتذرة منه بأن الشخص الذي يتحدث معه ليس هو المقصود، لنكتشف أن هذه المحادثة ما هي إلا معاكسة من أحد أولئك المهتمين بالمظاهر والماركات الباذخة دون أن يملك أدنى حدّ من الثقافة والمعرفة، بل ما هو إلا مجرد كائن مستهلك ومدعٍ تغريه تلك العلامات التي تدلّ على طبقة من الأثرياء الجدد الذين لا يعنيهم سوى المال والربح.
هي موقف احتجاجي وحالة من التعبير بطريقة ذكية أقرب ما تكون إلى أغنية الراب، ويمكن القول إنها ليست أغنية بالمعنى الطربي بقدر ما هي بيان يدعو أولئك القادرين على الحب للتوجّه نحو القيم والمعاني التي تكمن مدلولاتها في الرواية والشعر وسائر أنواع الإنتاج الأدبي الرفيع، أو في تلك الأعمال الفنية من لوحات ومنحوتات تتغنّى فيها المتاحف وتغني زوارها وتحيي مجد الإبداع الإنساني، أو تلك المقطوعات الموسيقية الخالدة لموزارت وبيتهوفن وباخ أو تلك العمارات والتحف المعمارية التي يتجلّى فيها الفن والعلم معاً.
موقف تمليه علينا السيدة هتون شويكي خلال دقائق بصورتها المتزنة والواثقة بفضيلة الفن والخير من خلال كلمات بسيطة ترسم حادثة أو موقفاً بسيطاً ينتهي إلى حالة تعبير راقية بأدواتها وخطابها، موسيقى بسيطة ذات إيقاع سريع ومجموعة من الصور الثابتة والمتحركة على خلفية سوداء جدية الحضور يتوسطها دائرة حمراء حيناً وبيضاء حيناً آخر، وكأن المشهد يحتفي بالمسرح والسينما والفن التشكيلي معاً بلياقة بصرية عالية، ويحتفي باللغة البسيطة المتداولة بين الناس والتي لا تحتمل إلا المعنى ذاته دون لفّ أو دوران.. لتنتقد حالات الادّعاء والنفاق والشكل الأجوف، وتختتم “سلملي ع برستيجك”.
أكسم طلاع