المنتخب الوطني لكرة القدم ضاع في زحمة المصالح والمنافع وغياب المحاسبة
ناصر النجار
من غير المجدي أن نتحدّث عن المنتخب الوطني لكرة القدم الذي قدّم أسوأ أداءٍ له في تاريخ مشاركاته بالتصفيات المونديالية، وقد أحزن جماهيره كثيراً بعد أن كانت تنتظر منه الفرح، وأن يرسم البهجة والبسمة على وجهها، وكم هي المقارنة ظالمة بين التصفيات الحالية والتصفيات الماضية التي أعلت راية الكرة السورية بعد أن قدّم منتخبنا أداءً جيداً فرض فيه هويته على كبار آسيا وتأهل إلى الملحق وخانته العارضة، بينما “خان” منتخبنا الحالي القائمون عليه!
والمقارنة أيضاً ظالمة مع التصفيات الماضية، لأن المنتخبات التي واجهناها في التصفيات الماضية كانت أقوى وأعرق وأكثر هيبة وتاريخاً.
المحصلة العامة التي جنتها كرتنا أنها لم تفز في هذه التصفيات منذ الخسارة أمام الصين 1/3 أيام المعلول، والفوز الوحيد الذي حقّقه منتخبنا في عامين كان طفرة أمام تونس مقابل 11 خسارة وتعادلين، وسجلنا مع تيتا كان مملوءاً بالخسارة والأداء السيئ، ما يدلّ على قصور فهم هذا المدرّب وعدم قدرته على قيادة فريق كروي، وهذا ما تبيّن لكل المتابعين من خلال القراءة الخاطئة للمباريات، والقراءة الخاطئة نكتشفها من اعتماد التشكيلة الرئيسية وأسلوب اللعب والتغييرات المحتملة في الأسلوب واللاعبين حسب المجريات، وهذه من أساسيات التدريب والتوجيه التي افتقدها مدرّب المنتخب.
اللاعبون من جانبهم لا يتحمّلون المسؤولية كاملة، لأن هناك من يوجّههم، وهناك من يعطيهم التحرك والأسلوب أو من يغيّر المراكز، ربما من أجل شيء مفيد أو من أجل مصلحة خاصة، واللاعب قد يتأثر بما يرى ويشاهد، وخاصة عندما يرى مدرباً عديم الجدوى، وعندما يشعر أن المنتخب قائم على (الخيار والفقوس)، وأن المنتخب ليس للاعب الأفضل، وأن الوضع العام الإداري والتنظيمي يشبه وضع فرق الأحياء الشعبية.
أمام كلّ هذا الواقع المرير، قد لا يقدّم اللاعب كل طاقته وكل إمكانياته، لأن هناك من يعرقل تحركاته ويخمد نشاطه وهذه حقيقة.
وماذا بعد؟ طار تيتا ومن جاء لأجله من المدرّبين والإداريين وماسحي الجوخ، وماذا استفادت كرتنا؟
لم تستفد كرتنا أي شيء، خسرت هيبتها واسمها وتاريخها ودخلت العناية المشدّدة وهي الآن في غيبوبة.
على الدوام، لا بد مع كل فشل أن تدفع الحلقة الأضعف الضريبة، وهذه المرة (كالعادة) دفعها الطاقم الفني والإداري للمنتخب فأقالوه، وهذه هي المرة الثانية في عهد اللجنة المؤقتة التي يتمّ فيها تغيير المدرّب وإقالة الكوادر في فترة لا تتجاوز المئة يوم، فهل هذا يدلّ على أن أمور القائمين على كرة القدم صحيحة، وهم في كامل وعيهم عند إصدار القرارات وإبرام العقود؟!
مباراتا لبنان والعراق المتبقيتان لن تغيّرا في الواقع شيئاً، وأكثر من السوء الذي فيه كرتنا لن يحدث، لذلك من المفترض أن يصدر قرار بحلّ اللجنة المؤقتة والدعوة لانتخابات عاجلة، فالوقت لم يعد فيه متسع لإضاعة المزيد من الوقت، وعامان على التخبط والعشوائية والفساد يحتاجان إلى سنوات من الإصلاح شرط أن يحمل هذه التركة الثقيلة أشخاصٌ لهم باعهم وخبرتهم بكرة القدم.
مسؤولية إخفاق المنتخب الوطني وغيره من المنتخبات مسؤولية جماعية، تبدأ من القائمين على الرياضة، وصولاً إلى المسوّقين والمتنفذين الذين صارت كلمتهم أعلى من أصحاب القرار أنفسهم!!