بيسكوف: نشر مزيد من القوات الأمريكية في أوروبا يبرّر إجراءات روسيا المضادة
تدريجياً تقود سياسات البيت الأبيض المدمّرة الدول الأوروبية إلى مزيد من انعدام الأمن والاستقرار في محيطها، وربما يؤدّي الانجرار الغربي وراءها إلى تدمير منظومة الأمن الأوروبية برمّتها، وهذا ما حذّر منه كثير من المسؤولين الأوروبيين المحايدين، فضلاً عن تأكيد روسي ثابت أن هذه السياسات لن تقود إلا إلى مزيد من التدهور الأمني في أوروبا.
وفي هذا السياق، أكد المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أن نشر مزيد من القوات الأمريكية في أوروبا يؤكد مشروعية قلق روسيا من الخطوات الغربية، محذراً من أن نشر هذه القوات سيؤثر سلباً في الوضع المتوتر أصلاً في أوروبا.
ونقلت وكالة تاس الروسية عن بيسكوف قوله في تصريح اليوم: إن “الولايات المتحدة تواصل بالفعل تصعيد التوتر في أوروبا، وإن عمليات الانتشار للقوات في أوروبا هي أفضل دليل على أنه لدينا سبب واضح للقلق”، داعياً واشنطن إلى الكف عن تأجيج التوترات في هذه القارة.
ولفت بيسكوف إلى أن الموضوع لم يعُد تصريحات استفزازية مفادها أن الحرب قادمة وسيدفع الجميع ثمناً باهظاً، بل وصل إلى مرحلة نشر عسكريين أمريكيين في دول أوروبية على مقربة من حدود روسيا، مبيّناً أن القلق الروسي إزاء هذا الأمر وكذلك أي إجراءات تتخذها روسيا لضمان أمنها ومصالحها واضحة ومبرّرة.
وكانت وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت أمس عزمها نقل نحو ألف جندي أمريكي قريباً من ألمانيا إلى رومانيا، بالإضافة إلى ما مجموعه نحو ألفي جندي إضافي من الولايات المتحدة إلى ألمانيا وبولندا.
وأعرب بيسكوف عن أسف روسيا لقرار ألمانيا حظر بث قناة “RT” الناطقة بالألمانية في أراضيها، واصفاً ذلك بأنه اعتداء على حرية التعبير.
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية اليوم إغلاق مكتب مراسلي (دويتشه فيله) في روسيا وإلغاء اعتماد جميع الموظفين الروس العاملين فيه، وذلك ردّاً على إيقاف بث قناة RT بالألمانية.
وجاء في بيان للوزارة حول هذا الشأن: “في إطار إجراءات الردّ التي تم الإعلان عنها أمس ردّاً على الإجراءات غير الودية التي اتخذتها ألمانيا لحظر البث الفضائي وغيره من البث للقناة التلفزيونية RT بالألمانية، يعتزم الجانب الروسي تنفيذ المرحلة الأولى من إجراءات الردّ وهي إغلاق مكتب مراسلي شبكة الإذاعة والتلفزيون الألمانية (دويتشه فيله) في روسيا وإلغاء اعتماد جميع موظفيه”.
وأعلنت الهيئة الناظمة لوسائل الإعلام في ألمانيا (زاك) أمس أنها حظرت على أراضيها بث محطة روسيا اليوم التلفزيونية الروسية الذي بدأ في السادس عشر من كانون الأول الماضي بدعوى عدم التقدّم بأي طلب للحصول على الترخيص الضروري بموجب قانون وسائل الإعلام.
وفي شأن آخر، أعلنت جمهورية دونيتسك الشعبية المعلنة من جانب واحد أن أوكرانيا قامت بنشر نحو 120 ألفاً من قواتها العسكرية على الحدود مع منطقة دونباس.
ونقلت وكالة سبوتنيك الروسية عن المتحدثة باسم وزارة الخارجية في دونيتسك ناتاليا نيكونوروفا قولها: إن “المعطيات العسكرية والاستخباراتية تؤكد قيام كييف بنشر نحو 120 ألفاً من قواتها العسكرية على الحدود مع دونباس، إضافة إلى وجود عسكري غربي متمثل بضباط من دول غربية يقومون بالتنسيق مع قوات كييف”.
وشدّدت نيكونوروفا على أن هذه الإمدادات العسكرية الغربية التي وصلت إلى أوكرانيا تشجّع السلطات في كييف على شنّ هجوم واسع على دونباس.
هذا الكلام أكدته السفارة الروسية في واشنطن التي أعلنت أن إمداد أوكرانيا بالسلاح الأمريكي يدفع سلطات كييف الساعية للانتقام نحو حل عسكري للوضع في منطقة دونباس شرق البلاد.
وحثت السفارة في بيان لها اليوم الولايات المتحدة على إجبار كييف على الوفاء بالتزاماتها فيما يخص اتفاقات مينسك، مشيرة إلى أن روسيا ليست طرفاً في النزاع.
من جانب آخر، علقت السفارة على تصريحات المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس حول ضرورة تنفيذ اتفاقيات مينسك واعتبرتها إشارة إيجابية.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو اعتبر أن قرار الولايات المتحدة نشر قوات أمريكية إضافية في أوروبا الشرقية خطوة مدمّرة تزيد من التوترات العسكرية وتشجّع السلطات في كييف على الاستمرار في تقويض اتفاقيات مينسك.
وكثفت الدول الغربية وخاصة الولايات المتحدة خلال الأسابيع الأخيرة عمليات تزويد أوكرانيا بالأسلحة الفتاكة في الوقت الذي تدّعي فيه السلطات في كييف والإدارة الأمريكية أن روسيا تحشد قوات كبيرة على حدود أوكرانيا، بينما تؤكد روسيا باستمرار عدم وجود أي نية للتدخل في أوكرانيا وأن كل التقارير التي تتحدث عن ذلك كاذبة والغرض منها تصعيد التوتر في المنطقة وتأجيج الخطاب المعادي لروسيا، إضافة إلى الاستعداد لفرض عقوبات اقتصادية جديدة وتبرير توسّع حلف شمال الأطلسي “ناتو” باتجاه الشرق، الأمر الذي تعارضه موسكو بشدة وتعتبره تهديداً لأمنها القومي.