“مشيخة الإخوان”.. الضرب في الميت..؟!
سنان حسن
بعد أربع سنوات من المقاطعة الخليجية، ووقوف إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، في صف الدول المقاطعة لها، أعاد الرئيس جو بايدن النفخ في مشيخة قطر الإخوانية من جديد بإعلانها شريكاً إستراتيجياً من خارج ناتو، الأمر الذي وجد فيه شيوخ الإمارة الخليجية باباً جديداً لاستعادة الدور الذي كانوا مكلفين به مع انطلاق “الربيع العربي” المزعوم، وتفويضاً من الإدارة الأمريكية لهم في إعادة بث الروح في الخلايا الإخوانية التي كانوا يدعمونها في الدول العربية التي شهدت فصول الربيع المأساوي، و الأهم تسجيل نقاط على جيرانهم في الخليج بأنها الأمضى في تنفيذ سياسات واشنطن بدلاً منهم، ولكن السؤال الملح بالفعل: هل إدارة بايدن الديمقراطية بالفعل ترى أن مشيخة قطر شريك إستراتيجي، أم أنها تريدها ورقة بيدها في حرب الغاز التي تخوضها مع روسيا والصين، كما استخدمت السعودية سابقاً في حرب النفط ؟
مع غرق مملكة الرمال السعودية في الحرب على اليمن وفشلها في لعب أي دور لها على صعيد المنطقة والإقليم كانت إدارة الرئيس ترامب تريدها فيه، وفي ظل الأزمة الناشئة على حدود روسيا وأوكرانيا ومحاولة واشنطن اللعب على ورقة إمدادات الطاقة القادمة من موسكو عبر كييف إلى أوروبا وبالتحديد الغاز وجعلها بعبعا بوجه حلفائها الأوروبيين، وجدت إدارة الرئيس بايدن في مشيخة قطر والتي تعد من أكبر منتجي الغاز المسال حول العالم ضالتها في هذا البلد الصغير لنفخ الروح فيه من جديد واستخدامه في ابتزاز كل من إيران روسيا في مجال إمدادات الطاقة، والقول لحلفائها الأوروبيين أنها تستطيع تأمين بدائل للغاز الروسي، علماً أن هذا الأمر تقف في وجهه مجموعة من الصعوبات أهمها صعوبة إيصال الغاز إلى أوروبا بأسعار منافسة، فضلاً عن عجز الإمارة عن تغطية جزء بسيط من حاجة أوروبا من الغاز الذي تؤمنه روسيا.
كما أن اختيار واشنطن للمشيخة القطرية ينضوي على ابتزاز مباشر لباقي مشيخات النفط في الخليج لدفع المزيد من أموالها وثرواتها في سبيل استرضاء السيد الأمريكي، والذي بدأت أولى بوادره مع عرض وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ببيع السعودية منظومات دفاعية جديدة لحمايتها من هجمات الجيش اليمني، ما يعني أن العرض الأمريكي للدوحة لا يعدو كونه مجرد استعراض إعلامي في محاولة لابتزاز مجموعة من الدول الإقليمية وحتى حلفائها في أوروبا.
بالمحصلة، كل المحاولات الأمريكية لنفخ الروح في المشيخة الخليجية المتهالكة تحت ضغط مغامراتها الخارجية في كل من سورية وليبيا والعراق واليمن لن يكون لها أي أثر في إعادة إنتاج دور جديد لها في المنطقة، لأن أوراقها جميعاً كانت قد سقطت خلال ما يسمى “الربيع العربي”، وبالتالي فإن تصريح وزير مشيخة قطر ومساواته بالتطبيع بين سورية وكيان العدو الصهيوني ما هو إلا محاولة مكشوفة لللتعمية على الأمور، ولكن يبدو أن الوزير القطري نسي أو تناسى أن مشيخته كانت من أولى الدول التي فتحت مكتباً تمثيلاً لكيان العدو في الدوحة 1996 (مكتب التجارة الإسرائيلي في قطر)، وكانت بينهما زيارات دبلوماسية رفيعة المستوى، وبالتالي النفخ اليوم بهذا الأمر ووضع تطبيع العلاقة مع سورية بمنزلة واحدة مع “إسرائيل” هو نفاق سياسي مفضوح، وكأنه يغمز من قناة أن الممر الوحيد لخروج سورية من الحصار الاقتصادي المفروض عليها هو قبولها بالقرار الخليجي بالانضمام إلى منظومة المطبعين مع الكيان، وهذا ما يحدث مع أغلب دول المنطقة (السودان مثالا).
وعليه، فالجميع في المنطقة، بل في العالم، يعلم أن سورية لا تلهث وراء تطبيع العلاقات مع أي من الكيانات الإقليمية التي ترتهن لواشنطن، وليست أصلاً في وارد البحث عن العودة إلى أي منظومة جامعة في هذا المجال إلا بما يتناسب مع شروطها ومبادئها، فإذا كان التطبيع مع العدو عنوان العودة فهذا يعني أنها لن تعود مطلقاً.