أهل “الكار” في حلب لا يعلمون شيئاً عن نشاطات هيئة دعم الإنتاج والصادرات ومشاريعها!!
في ظل حاجة منتجنا الوطني للدعم كي يعود وينمو من خلال اتخاذ الإجراءات الداعمة، للتشجيع والعودة إلى الإنتاج في المناطق المتضررة، أو الاستمرار بالإنتاج في القطاعات المتأثرة بالحرب الاقتصادية، وبهدف الوصول إلى منتج تنافسي قادر على أخذ مكانه ضمن الأسواق الوطنية أو التصديرية، يتساءل الصناعيون والعاملون في الزراعة والقطاع السياحي والخدمي: لماذا يغيب دور هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات بهذا الخصوص؟
إحلال المستوردات
معاون مدير عام هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات سامية المعري بينت أن الهيئة حاضرة وبقوة وخاصة في حلب، مؤكدة أن تحديد الإنتاج المعد للتصدير سيساهم في خلق فرص تصديرية، من خلال رفع جودة المنتجات ذات القيمة المضافة العالية، وبينت أن الهيئة تركز حالياً على تنمية المشاريع التي تخلق قيما مضافة عالية من خلال دعم أسعار فائدة القروض، ومنح حوافز التصدير، ودعم نفاذ السلع إلى الأسواق الداخلية والخارجية عبر دعم الشركات في المعارض سواء كانت داخلية أم خارجية، أو من خلال برنامج دعم شحن الصادرات، أو بزيادة الصادرات الصناعية والزراعية.
ولفتت المعري إلى أن إبرنامج إحلال المستوردات يهدف إلى إنشاء قاعدة إنتاجية وطنية واسعة من خلال تحديد 67 مادة، ما أتاح فرص واعدة لتنمية إنتاج مثيلاتها محلياً عبر إطلاق مزايا ومحفزات تشجيعية، وذلك إما بتخفيض الرسوم على تلك المواد، أو زيادة الرسوم على مثيلاتها المستوردة، إضافة لسعي الهيئة لتمكين أصحاب المشروعات من العودة إلى سوق العمل والاستمرار بالعملية الإنتاجية, في ظل الظروف الصعبة التي نعانيها نتيجة الحرب والعقوبات الاقتصادية.
وذكرت المعري أنه تم تخصيص مبلغ 20 مليار ليرة لدعم فائدة القروض من الموازنة العامة للدولة، وتحديد 14 مصرف خاص، و 6 مصارف عامة، لتطبيق البرنامج، حيث تتكفل الهيئة بدفع 7%، وقدرت قيمة تحمل الهيئة من نسبة فائدة القروض بحدود 1,5 مليار ليرة، وهذا يعد بمثابة دعم واضح لكافة المشروعات الإنتاجية المتنوعة المتعلقة بمجالات مختلفة.
أغلب البرامج في حلب!
هناك 35 برنامجاً صناعياً، وزراعياً فرعياً تم دعمها غالبيتها مشاريع صناعية – والكلام لمعاون المدير العام – تشمل كافة قطاعات الصناعات، وأكدت المعري أنه كان لمحافظة حلب النصيب الأكبر بنسبة 9 مشاريع من أصل 17 في أماكن أخرى، وترميم المنشآت الصناعية وإعادة تأهيلها حيث أعطيت الأهمية الكبرى للدعم، واحتل إعادة التأهيل الصناعي في حلب المرتبة الأولى في البرنامج.
أما على صعيد المشاريع الزراعية، فتهتم الهيئة بعدة برامج مثل برنامج دعم تشغيل المداجن المتضررة والمتوقفة عن العمل، والتي تحتاج إلى إعادة تأهيل، وإنشاء المباقر وإعادة تأهيلها وتشغيلها، وبرنامج دعم إقامة منشآت تصنيع مشتقات الحليب، وإنشاء أو ترميم مزارع لتربية أغنام العواس والماعز الشامي ومزارع تسمين الخراف على تجارب الفطام المبكر، وبرنامج صناعة الأسمدة، وإكثار بذار الفطر الزراعي، وبرنامج دعم أسعار الفائدة لقروض إقامة محطات إكثار بذار الخضروات، مشيرة إلى أنه استفاد من برنامج أسعار فائدة القروض المتضررين من الحرائق التي حدثت في العام 2020 في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماه.
وأضافت المعري: تعمل الهيئة على إعطاء حوافز تصديرية من 7 – 9% من قيمة ما تم تصديره تدفع على شكل تسديد فواتير الكهرباء، أو رسوم، أو ضرائب، أو تأمينات للعمال، ودفع 25% من أجور شحن البضائع المصدرة إلى العراق، والخليج حصراً، وبلغ مجموع ما تم دفعه لدعم أجور الشحن775 مليون ليرة.
لا نعلم عنها شيئاً!
لكن المفاجأة كانت في كلام مديرة السياحة بحلب، المهندسة نايلة شحود، التي ناقضت ما أكدته المعري من أن غالبية نشاطات الهيئة تتركز في حلب، خاصة لجهة إعادة تأهيل المنشآت السياحية المتضررة وإعادة إعمارها، حيث قالت شحود رداً على سؤال حول تقييم الدور الذي تلعبه الهيئة في القطاع السياحي، قائلة: “لا علم لنا بوجود مشاريع للهيئة ضمن القطاع السياحي بحلب وفق المعلومات المتوفرة في مديرية السياحة”، وأنها لا تعلم أي شيء عن نشاطات هذه الهيئة.!
من جانبه، نفى نائب رئيس مجلس إدارة غرفة صناعة حلب، مصطفى كواية، علمه بوجود أي دعم مقدم من الهيئة للمشاريع الصناعية أو إعادة تأهيل المنشآت في حلب، و”لو وجدت مثل تلك المشروعات لكانت غرفة الصناعة قد علمت بها!”.. وقد “وعدنا بتدقيق الأمر مع مدير عام الهيئة والتأكد من ذلك دون أن يعطينا الجواب الشافي”، في حين اكتفى أحد كبار الصناعيين في حلب – فضل عدم ذكر اسمه – بالتعليق على الموضوع بعبارة: “للهيئة وجود نادر في حلب.. اسم فقط، وعملها جلّه على الورق”.
وهذه الآراء تثير الالتباس حول العمل الفعلي للهيئة التي تكتفي بتعداد الإنجازات، وتشير إلى إنفاق المليارات دون أن يسمع أحد بنشاطها، فكيف إذا كان ذلك في المنطقة التي حددتها كمكان لتمركز معظم نشاطاتها؟!
لوحدها لن تنمي
رئيس اتحاد شحن البضائع، محمد صالح كيشور، ذهب إلى أن من واجب الهيئة أن تهتم وبشكل فعال بتنمية الإنتاج المحلي الذي يعتمد بالدرجة الأولى على توافر المواد الأولية التي تحتاج لمرونة في الاستيراد، وللأسف فإن معظم المواد الأولية إما موجودة بكميات شحيحة أو مفقودة من الأسواق، وهذا طبعاً سيؤدي إلى عدم إمكانية تصدير المنتج المحلي أو يخفض قدرته على المنافسة في جميع الأسواق، كون التصدير يعتمد على التنافسية من خلال انخفاض سعر المنتج وارتفاع جودته.
أما بخصوص دعم الصادرات، فذكر كيشور أن معظم القوانين التي صدرت مؤخراً قد حدت من حجم الصادرات إلى الخارج، وخاصة المواد الغذائية التي كانت تصدر إلى الأسواق الأوروبية، معرباً عن أسفه بتوجه مستوردي منتجاتنا هناك للبحث عن سلع مشابهة في الدول المجاورة، واستمرار ذلك يعني برأيه “خسارتنا لتلك الأسواق، فالمسألة تحتاج جهود مكثفة من جميع الجهات المعنية لتحقيق زيادة ونماء في حجم الصادرات وعم الهيئة لوحده لم يعد كافياً في الوضع الحالي”.
وبيّن الصناعي “درويش بيان” مالك شركة “أماندا” للصناعة والتجارة أن من الأجدى قبل تنمية الإنتاج المحلي والصادرات، ودعم المنشآت الصناعية والزراعية وشركات الشحن، أن نعمل على تغيير الواقع الإنتاجي نحو الأفضل، مطالباً الحكومة بإعادة النظر بجميع الهيئات والنقابات المعنية بالمنتج السوري لتدارك ما وصل إليه الحال من صعوبات ومعوقات عديدة في الإنتاج، إذ نحتاج – حسب قوله – لوضع سياسة وهيكلية مغايرة وتتناسب مع ما نعيشه من حرب اقتصادية وحصار وما يتبعه من شح في حوامل الطاقة والمادة الأولية.
بالمختصر، يبدو أن الأزمة وحدها ليست المعنية بتدهور الوضع الاقتصادي، بل على العكس فإن النقابات والاتحادات والمؤسسات والهيئات تتقاعس عن أداء دورها المطلوب منها، فلماذا لا يتم مساءلتها؟!
بشار محي الدين المحمد