مطبات الموت؟!
بشير فرزان
رغم ضجيج الدعم وما آلت إليه أحوال الناس من معاناة وصعوبات معيشية، إلا أنه لابد من إكمال مسيرة الحياة والبقاء، والالتفات إلى الأمور الأخرى بما فيها التفاؤل بمنعكسات هيكلة الدعم الجديدة على الواقع الاقتصادي بشكل عام، والمعيشي خاصة، والانتظار لمعرفة مطارح وأماكن استثمار الوفر المحقق الذي من المتوقع أن يوفر الاحتياجات الأساسية للناس بكل سهولة، وبما يحقق التوازن بين الدخل والأسعار، مع العلم أن ما يحدث بعد قرارات الاستبعاد عكس ذلك تماماً.
في هذا السياق التفاؤلي، كما يحبذ البعض تسميته، هل سيكون هناك انعكاس لهيكلة الدعم الجديدة على الواقع الخدمي المتردي في كل المجالات؟ فعلى سبيل المثال، لم تعد كلمة اوتستراد مناسبة أو تليق بواقع الكثير منها، خاصة اوتستراد درعا الذي بات أكثر عشوائية وفوضوية من كل المناحي، والغريب أنه في كل مرة نتناول فيها واقع هذه الطرق المصنفة ضمن قائمة الطرق الدولية، يزداد الأمر سوءاً بدلاً من إيجاد الحلول العلاجية المناسبة للعديد من المنغصات التي ترافق مستخدمي هذا الطريق الدولي، لجهة الازدحام، وغياب التنظيم المروري، والوقوف المخالف على جانبي الاوتستراد، وإهمال الأنفاق الموجودة وخروجها عن الخدمة لتصبح مكبات للقمامة ومأوى لكافة الإساءات التي تتم بحق المجتمع، إلى جانب التصرفات الخارجة عن القانون بحضور الجهات المختلفة التي لن يجدي البحث عن تواجدها، سواء في القسم المدرج تحت تصرف محافظة دمشق، أو في القسم الآخر التابع لمحافظة ريف دمشق، والحالة الأهم الموجودة على الاوتستراد، وتدين محافظة ريف دمشق، وجهات أخرى، بشكل مباشر، تلك المطبات التي تم وضعها من قبل جهات خاصة استثمرت الاوتستراد على هواها وكيفما تريد وبشكل يعرّض مستخدمي الطريق للخطر، وهناك الكثير من الحوادث التي وقعت بسبب هذه المطبات المخالفة لكل القوانين المرورية، ومعايير السلامة العالمية، ولم تكتف هذه الجهات بذلك، بل قامت إضافة إلى المطبات بفتح ممرات مخالفة خاصة بها لمرور السيارات والميكروباصات التابعة لها، وهذا سابقة لم تحدث على أي طريق دولي، وما يثير الغرابة أكثر أن هذه الفتحات موجودة أمام مركز لشرطة المرور، حيث يتعامى عناصره عن هذه المخالفة، وينشغلون بملاحقة أمور أكثر جذباً لصفاراتهم وعصيهم التي تعمل كالمراوح أمام السيارات الشاحنة، فما قصة مطبات الموت؟ وماهي مبررات وأهداف وجودها؟ وكيف تمت الموافقة على إقامتها لتحقيق مصالح خاصة، في حين كان الأسلم والأصح أن تتوجه آليات هذه المؤسسة كما هو حال كافة مستخدمي هذا الطريق إلى جسر أشرفية صحنايا، ومن ثم الالتفاف والعودة إلى دمشق؟
طبعاً هذه التساؤلات الجامعة لهواجس الناس ومخاوفهم من تهديداتها على حياتهم، وما تلحقه من خسائر مادية وأضرار بآلياتهم ترقى إلى مستوى الإدانة الواضحة لوزارة الداخلية ومحافظة ريف دمشق لاستهتارهما بأرواح المواطنين من خلال تلك التسهيلات والموافقات الممنوحة للبعض للتصرف بالأملاك العامة كما يحلو لهم، وبما يحقق مصالحهم فقط، وبغض النظر عن الجهة التي نجحت في استثمار جزء من الاوتستراد بما تمثّله من نفوذ أو وسائل أخرى، تتكاثر وتتعدد الأسئلة حول الهدف من إنشاء أي مطب على طريق دولي، كما لابد من التأكيد أنه في زمن تكثر فيه التحديات المعيشية، وتقل فيه الموارد، وتنعدم الرفاهية، يجب أن يتم تفعيل المحاسبة والاقتصاص من الفساد أياً يكن، وبذلك نضمن للقرارات الحكومية مسارات سريعة النتائج على اوتسترادات العمل والإصلاح دون مطبات؟!