الأسعار تطيح بالمدعومين..!
لم نبالغ عندما وصفنا انشغال الجهات الحكومية والباحثين والأكاديميين بالدعم بـ “الهمروجة”، ففي الوقت الذي طبقت فيه الحكومة قرار الآليات الجديد لـ “إيصال الدعم إلى مستحقيه” تكفل الصقيع من جهة، والتجار من جهة أخرى، بالإطاحة بالدعم وبالمدعومين.!
نعم .. أطاح الصقيع بالمبالغ “النظرية” المخصصة للأسرة السورية، فرفع أسعار الخضار البلاستيكية والشتوية إلى نسب لاتقل عن ضعفي سعرها قبل أسبوع واحد فقط..!
حسنا، لنستثني الخضار التي تنتجها البيوت البلاستيكية خارج مواسمها، كالبندورة والكوسا والباذنجان، من موجة جنون الأسعار الجديدة بفعل “موجة الصقيع القطببية”، ولنركز على مادة البطاطا فقط التي يُفترض أن لا تغيب عن موائد ملايين الأسر السورية يوميا.. لقد قفز سعر كيلو البطاطا من 1700 ليرة إلى 2500 ليرة، وقد بشرتنا لجنة تجار ومصدري الخضر والفواكه بدمشق أن تنخفض أسعار الخضر خلال عشرة أيام في حال استقرار الطقس وتحسنه، باستثناء البطاطا لأن الموسم الخريفي لإنتاجها بات في نهاياته حالياً ولن يعود سعرها للانخفاض إلى حين بدء إنتاج العروة الصيفية..!
نستنتج من هذه “البشرى” إن كل أسرة لا تزال مدعومة ستضطر إلى اقتطاع ما لا يقل عن 8000 ليرة من دخلها الثابت في حال استهلكت 10 كيلوغرامات من مادة البطاطا شهريا.. ونؤكد إن الأمر لو اقتصر على مادة البطاطا لهان الأمر، ولكان بإمكان الأسر تعويضها من خلال تخفيض الاستهلاك بمواد أخرى أقل ضرورة من البطاطا، ولكن التجار كعادتهم دائما، هم بالمرصاد لشفط الدعم “الهزيل” وضمان وصوله إلى جيوبهم وليس إلى مستحقيه، حسب تعبير وزارة التجارة الداخلية..!.
وقد أكد هذا الواقع رئيس جمعية حماية المستهلك مع سريان تطبيق “آليات الدعم الجديدة”: ارتفاع الأسعار شمل كل السلع والمواد وليس الخضار الشتوية والبلاستيكية فقط..!.
نعم .. رفع التجار كردة فعل انتقامية على قرار الحكومة أسعار المواد الأساسية لملايين الأسر السورية إلى مستويات “مريعة”، بذريعة ارتفاع أجور النقل، فكيلو البرغل ارتفع من 4800 ليرة إلى 6000 ليرة، وكيلو السكر الحر من 3200 ليرة إلى 3500 ليرة، والرز من 4000 ليرة إلى 6000 ليرة، كما ارتفعت أسعار المنظفات بنسب لا تقل عن 20 %.. فإذا استهلكت الأسرة أربعة أكياس برغل، ومثلها رزاً، فستقتطع مبلغاً إضافياً من دخلها المحدود لا يقل عن 12800 ليرة، فإذا أضفنا إليها المواد الأساسية الأخرى فهذا يعني أن قرار الحكومة باستبعاد شرائح من الدعم، وبخاصة صغار التجار، ستتحمل تكلفته ملايين الأسر السورية..!.
الخلاصة: موجة الأسعار الجنونية التي هبت مؤخراً أفرغت آليات “إيصال الدعم إلى مستحقيه” من أهدافها المزعومة، وأطاحت بملايين الأسر المدعومة “نظرياً”، وثبت بالدليل الواقعي إن المبالغ التي وفرتها، أو ستوفرها، الحكومة من الشرائح المستبعدة سيتكبد تكلفتها المدعومين فقط وسيسددونها من دخولهم اللامدعومة..!
علي عبود