“التنين البحري” يضرب مزارعي طرطوس.. خسائر بمئات الملايين وصندوق الكوارث عاجز!
تعرّضت البيوت البلاستيكية المحمية في محافظة طرطوس لخسائر جمّة جراء موجة الصقيع والعاصفة الثلجية والتنين البحري الذي ضربها خلال شهر كانون الثاني الفائت، وخسر المزارعون بسببها ملايين الليرات، حيث تضرّر /٤٠٤/ بيوت بلاستيكية مزروعة بعدة محاصيل، قامت على إثرها الجهات المعنية بمعاينة الواقع وحصر الأضرار لكن تبقى الإجراءات الفعلية على أرض الواقع “قاصرة” حسب بعض المزارعين الذين لم يعوّض لهم عن خساراتهم العام الماضي وما قبله!.
خسائر وخيبات!
“البعث” تواصلت مع بعض المزارعين المتضررين والذين تقاطعت وتقاسمت همومهم وشكواهم، والبداية مع المزارع خالد من قرية الخرابة التابعة لمنطقة الحميدية بطرطوس، حيث أفاد بأن لديه عشرين بيتاً بلاستيكياً مزروعةً بالبندورة تضرر منها /١٥/ بيتاً بالكامل، بخسائر تُقدّر بـ١٥٠ مليون ليرة، لافتاً إلى أنه ومنذ سنتين تتعرّض زراعاته للخسائر دون أي تعويض يذكر، فنظرياً الجهات المعنية لم تقصّر في حصر الأضرار، لكن فعلياً وعلى أرض الواقع لا يعوّض لنا من “الجمل أذنه”، مضيفاً: مهما بلغت خسائرنا لا خيار لنا سوى الزراعة فهي مصدر عيشنا الوحيد “وإن استدنا” لنزرع وننتج، مشيراً إلى ارتفاع كيلو البندورة بعد موجة الصقيع والثلوج ليصل إلى ألفي ليرة من أرض المزارع، وبالتالي يصل سعره بالسوق إلى ٣٠٠٠ ليرة، مطالباً بتعويض المزارعين عن الحديد والنايلون فقط واللذين تفوق كلفتهما سبعة ملايين ليرة، بينما تُقدّر خسائر المحصول بـ/١٥٠/ مليون ليرة “والعوض على الله”!.
يتشارك لمزارع بهاء مع جاره خالد في المعاناة، فلدى بهاء /١٣/ بيتاً بلاستيكياً مزروعة بالبندورة والفليفلة، خسرها بالكامل، مشيراً إلى أنه ومنذ ثلاث سنوات وبيوته المحمية تتعرّض للضرر دون أي تعويض يذكر، مع أن خسارته هذا العام تُقدّر بـ٧٠ مليون ليرة.
“برمش العين”
وفي السياق ذاته بيّن زاهد أحمد برهوم ” رئيس جمعية فلاحية” تضرّر البيوت المحمية في قطاعه والمزروعة بالبندورة والكوسا والباذنجان والفليفلة، حيث تضرر /٤٢/ بيتاً بلاستيكياً بسبب التنين وعشرة بيوت ضربها الصقيع بشكل تام وأخرى بشكل جزئي، ليطال الضرر والخسائر عشرة مزارعين جراء التنين وخمسة بأثر الصقيع، مشيراً إلى وجود إجحاف بحق المزارعين لجهة التعويض عن الخسائر، حيث إن الجهات المعنية تحمّل المزارع جزءاً من المسؤولية، علماً أن المزارع يداري مزروعاته “برمش العين”، مطالباً بضرورة منح السماد لحاجة مزروعاتهم له ولاسيما للبطاطا المحصول الأساسي والرئيسي الذي يعتمد عليه المزارع بالسهل، حيث يشتريه بسعر حر يصل إلى /١١٠/ آلاف ليرة للكيس زنة ٥٠ كيلو في حين أن سعره بالمصرف 69.200 ليرة والفرق كبير.
بالمقابل وفي قطاع جمعية الخرابة والشيخ جابر لحق الضرر بـ٦٣ بيتاً بلاستيكياً، بمساحة /٣٠/ دونماً وفقاً لخضر المحمود رئيس الجمعية، مبيناً أن تكلفة البيت البلاستيكي الواحد تفوق الـ٧ ملايين ليرة بين نايلون وحديد ومستلزمات الزراعة، وفي قطاعه تضرّر ثمانية مزارعين دمرت بيوتهم بشكل كامل إثر التنين، وهنا يطالب برهوم بالتعويض على المزارعين الذين لم يعوّض لهم العام الماضي رغم الخسائر.
أعداء الزراعة!
تقوم الزراعات المحمية على زراعة نباتات ومحاصيل وخضار صيفية في فصل الشتاء ضمن ظروف اصطناعية قريبة من الظروف المطلوبة لنمو النباتات صيفاً، من خلال تغطية وتدفئة وتأمين رطوبة وحرارة عاليين، وبالتالي فإن أي خلل في هذه الظروف سوف يؤثر على نمو النبات، وأشدّ أعداء الزراعة المحمية البرودة والصقيع اللذان يسبّبان وقف النمو وموتاً في المجموع الخضري والثمار، وذلك حسب رئيس دائرة الإنتاج النباتي بمديرية زراعة طرطوس المهندس محمد حسن، وأضاف: يصل العدد الأولي للبيوت المتضررة إلى /٤٠٤/ بيوت محمية مزروعة بالكوسا والبندورة والخيار والباذنجان والفاصولياء، لعدة مناطق منها منطقة طرطوس في قرى المنطار والحميدية والسودا وجديتي والحسنة ويحمور، وفي منطقة الشيخ بدر في قرى القمقمة والشبوبية والصفلية وبريصين وبغمليخ وبنمرا والزريقة وحمام قنية وبيت حجو والرقمة وبرمانة المشايخ، كذلك أصاب الضرر منطقة بانياس في قرى القلوع والخريبة وبديفان والزوبة، ولم تكن الحمضيات بعيدة عن أضرار العاصفة الثلجية، حيث تعرّضت الأشجار لأضرار في قرى بنمرا والزريقة أدّت إلى تساقط الثمار بسبب الصقيع. ولتقليل خسائر المزارعين خلال موجة الصقيع بيّن المهندس حسن أنه تمّ التنسيق بين مديرية الزراعة والشركة العامة لكهرباء طرطوس من أجل إلغاء التقنين ليلاً في المناطق التي تتواجد فيها بيوت محمية والمعرّضة للصقيع، حيث تمّ تزويد مناطق الزراعة المحمية بالتيار الكهربائي ليلاً للحدّ قدر الإمكان من الأضرار والخسائر على البيوت المحمية.
إجراءات الزراعة
وعن إجراءات مديرية الزراعة بعد حصول الأضرار والكوارث وآلية التعويض على المزارعين المتضررين، أفاد رئيس صندوق التخفيف من الجفاف والكوارث الطبيعية المهندس حيدر شاهين لـ”البعث” أن المديرية قامت من خلال اللجان المكانية ودائرة صندوق التخفيف من آثار الجفاف ودائرة الإنتاج النباتي بتفقد الأراضي والحقول المتضررة وحصر الأضرار، ليتمّ تعويض الإخوة المزارعين وفق الشروط والقوانين الناظمة لعمل الصندوق، وهي أن يكون الضرر ناجماً عن كارثة طبيعية وتتجاوز نسبة الضرر ٥٠% على الإنتاج الزراعي و١% من مساحة المحصول على مستوى القرية فيما يخصّ البيوت المحمية /أضرار التنين/ و٥% من مساحة المحصول للمحاصيل الزراعية الأخرى.
للعودة إلى الإنتاج
لا شك أن ذلك يكمن في دعم المزارع المنتج، وذلك من خلال التعويض على المتضررين ثمن الحديد والنايلون لينهضوا من ركامهم ويعيدوا ترتيب بيوتهم ليعودوا إلى دائرة الإنتاج لتغذية السوق بالمنتجات والتخفيف عن المستهلك من نار الأسعار التي لا ترحم!.
دارين حسن