أي مستقبل ينتظره هذا الجيل..!.
حسن النابلسي
إذا ما أسقطنا مبدأ “المقدمات الحالية والنتائج المتوقعة منها” على القطاع التربوي في المدى القريب، سرعان ما نلحظ أن تقصير وزارة التربية لجهة نقص المدرسين، واكتظاظ الشعب الصفية، واعتماد الكتب القديمة في التدريس، ونقصها أحياناً، أو تأخر وصولها إلى المدارس، كـ “مقدمة”، أدى إلى انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية “كنتيجة”..!.
هذه “المقدمة” دفعت ميسوري الحال لتدريس أبنائهم في المدارس الخاصة الملتزمة – نسبياً – بتأمين مدرسين للمواد كافة وبالتالي ضمان تدريس المنهاج كاملاً، بالتوازي مع عدد طلاب أقل بالشعب الصفية، وتأمين كتب المنهاج كاملاً منذ اللحظات الأولى.. على حين أن نظرائهم “محدودي الدخل” –وهم الشريحة الأوسع – لا خيار لهم إلا المدارس الحكومية..!.
إذا ما أسقطنا هذا المبدأ على المدى البعيد.. أغلب الظن أننا سنكون أمام كارثة مستقبلية، إذ أن معظم طلابنا لن يكونوا – وقتها – أكفياء بمستوى ما تطلبه مفرزات التطور المستقبلي..!.
في وقت لا يختلف اثنان على ضرورة الاستثمار في البشر لما لذلك من انعكاسات اجتماعية واقتصادية وأخلاقية لا تضاهى بثمن، لم يسلم التعليم في بلادنا من المتاجرة البشعة والنأي عن هذا الاستثمار، إذ بتنا نسمع ونشاهد ونقرأ شبه يوميا عن تقصّد عديد المدرسين التقصير في إعطاء ما يوجبه الضمير المهني عليهم في تأهيل من اؤتمنوا على تعليمهم، لاضطرار من يصنفون ضمن خانة “الأمانة في أعناقهم”، لينهلوا خارج نطاق المدرسة ما يفترض أن ينهلوه مجاناً.. لا بل لا يجد بعض هؤلاء المدرسين – إن لم يكن أغلبهم – حرجاً بأن يسوقوا لأنفسهم في عقر مدارسهم بأنهم خير من يجيد إعطاء الدروس الخصوصية..!.
ربما يعزو الكثيرون ما يشوب القطاع التربوي من إشكاليات إلى ما يعانيه البلد من ظروف قاسية لا تخرج عن السياق الموضوعي.. لكن هذا لا يعطي أي تبرير لوزارة التربية ولا للحكومة أن تغض النظر عن حُسن سير العملية التربوية، فمهما كانت قساوة الظرف، يفترض أن يستثنى التعليم منها..!.
إذا كانت وزارة التربية على دراية بهذه التفاصيل الخطيرة ولم تتخذ أية إجراءات لتصويب مسار التعليم، فتلك مصيبة، وإن كانت لا تعلم فحتماً المصيبة أكبر وأشد وطأة، وقد لا يطول الوقت حتى لا نتلمس تداعياتها الكارثية على جيل يعوّل عليه أن يحدث فارقاً في مستقبل سورية..!.
hasanla@yahoo.com