هجرة المدربين والحكام مستمرة… والاحتراف الخارجي يُفقد رياضتنا أبرز كوادرها
البعث الأسبوعية – عماد درويش
ظاهرة هجرة كوادر الرياضة السورية (من مدربين ولاعبين وحكام) الى الاحتراف والتعاقد مع فرق عربية باتت هاجساً مقلقاً لبعض اتحادات الألعاب، خاصة أن هجرة تلك الكوادر جاءت من الكفاءات وأصحاب الخبرة المعروفة بنتاجها المميز خلال سنوات عديدة.
وبالتالي غيابها عن الساحة الرياضية سيتسبب في حرمان هذه اللعبة أو تلك من الاستفادة من خبرات هذه الكفاءات التي تؤثر بالنهاية على تطور الألعاب بشكل أو بآخر.
بعض الاتحاد لم تستطع الحفاظ على كوادرها بسبب عدم وجود أنظمة تسمح بربط تلك الكوادر باللعبة وعدم منعهم من السفر رغم القوانين التي صدرت والمتعلقة بقانون الاحتراف الذي جاء في مصلحة اللاعبين والمدربين وبنسبة قليلة الحكام، إلا أن الأوضاع الاقتصادية ورغبة تلك الكوادر بتأمين “لقمة العيش” وذريعة الاحتراف الخارجي كانت المبرر الأبرز.
ضرر على الأندية
هذه الهجرة أثرت بشكل أو بآخر على مفاصل كل الألعاب وبدأت آثارها تتجلى بشكل واضح على الأندية، فعانت أغلبها من عدم قدرتها على التعاقد مع مدربين قادرين على قيادة دفة فرقها ، أما على صعيد المنتخبات الوطنية وطواقمها فقد عانت اتحادات الألعاب كثيراً لتجد مدربين قادرين على قيادة منتخباتنا الوطنية لعدم توفر مدربين مؤهلين ، فذهبت للتعاقد مع مدربين أجانب (مثل كرة القدم والسلة) اللعبتين المحترفتين وكذلك لعبة كرة اليد وغيرها من الألعاب ، فجاءت النتائج عكس التوقعات وخرجنا من البطولات العربية والآسيوية دون نتائج تذكر.
وفي هذا السياق لن نتحدث عن كافة الألعاب التي فقدت الكثير من أهم كوادرها (ولن نتكلم عن كرة القدم) بل سنأخذ بعض الألعاب التي كانت لقيادات بعض الاتحادات السبب المباشر “بتطفيش” كوادرها.
عصر الهواية
فعلى سبيل المثال تفقد كرة السلة كوادرها واحداً تلو الآخر دون أن تتدخل الاتحادات التي تعاقبت على اللعبة لإيقاف هذا النزيف حيث فقدت الكثير من المدربين واللاعبين وحتى الحكام الذين هاجروا للبحث عن فرصة للعمل خارج حدود الوطن، ورغم مضي نحو عشرين عاماً على دخول عالم الاحتراف إلى اللعبة نجد أنها ما زالت بعيدة كل البعد عن الاحتراف و تعيش عصر الهواية، حيث نجد أن أبرز المدربين المحليين الذين هاجروا ومن هم(نضال البكري وفراس القوجة ومحمد القدسي وجاسم خلف وعماد كنجو وعماد عثمان ولؤي الملقي ومحمد الحلبي ورامي الخطيب وهمام كركوكلي وأحمد حلفاوي وعامر خباز وعمر الشريف وخالد الحلبي وعمر كركوكلي ومجد سراج وعروة ملحم وغادة الراعي وهلا شحادة وعبدالله هاشم ومحمد الإمام ومحمود العابد) إضافة للمدرب سامر كيالي الذي يدرب في سلطنة عُمان وأخرهم مدرب منتخبنا الأول هادي درويش، وبالنسبة للاعبين فهناك أكثر من ثلاثين لاعباً من اللاعبين المميزين الذين هاجروا مثل بلال أطلي ولاعب الوثبة السابق طارق السباعي و محمود عصفيرة، ولعل الهجرة لم تطال فقط لاعبي الرجال بل تعدتها لفئة لشباب.
طاولتنا تعاني
وفي ذات السياق وبعيداً عن المشاكل التي طغت مؤخراً على اتحاد كرة الطاولة، فإن الوضع الحالي للعبة يعتبر مأساوياً خاصة بعد هجرة ستة مدربين يعتبرون من أهم من درب في اللعبة خلال السنوات العشر الأخيرة وكانوا فيما مضى من أبطال دوليين، حيث أن بعض الكوادر رأت أن اللعبة بحاجة لتغيير في قوانينها فمنذ بداية الأزمة وحتى الآن لم يتم تصنيف الأندية، ولم يقم أي دوري لها، وكل ما يقام حالياً عبارة عن بطولات غير مفيدة ولا تخدم اللعبة ولا تطورها، فاللاعب يتدرب لمدة أسبوع من ثم يشارك بالبطولة لمدة عدة أيام ثم ينقطع نهائيا عن التدريب، أما بنظام الدوري فاللاعب يتدرب يوميا ًومن ثم يلعب مباراة نهاية كل أسبوع وهذا يصب بمصلحة اللعبة واللاعبين، إضافة إلى دخول أشخاص لا يمتون لها ولم يمارسوها على الإطلاق إلى اتحادها وهذا أمر خطير جداً، حيث سافر للتدريب في السعودية أفضل المدربين على الساحة ومنهم سهى أنوس وماهر برهم وأدهم الجمعان(مكتشف هند ظاظا) ومحمد دبساوي وفهد بغدادي ومجتبى حلاق وعماد مارديني.
وما ذكر عن كرة الطاولة ينطبق على الريشة الطائرة التي تراجعت بشكل مخيف ، وما يحز في النفس أن اللعبة فقدت العديد من مدربيها الذين تعاقدوا لتدريب منتخبات عربية في الأردن والسعودية والبحرين والإمارات ولبنان ومع اختلاف خبراتهم وكفاءة كل مدرب وكان أخرهم المدرب أحمد السواس مدرب المنتخب الوطني ونادي الوثبة الذي تعاقد مع نادي عكاظ السعودي.
رأي خبير
مدربنا الوطني بالريشة الطائرة والذي يدرب منتخبات السعودية عمار عوض كشف لـ”البعث الأسبوعية” أن المدرب السوري يعتبر من أفضل المدربين على المستوى العربي، مرجعاً سبب هجرة المدربين لسببين الأول عدم وجود فرص عمل كافية لتدريب أندية أو منتخبات محلياً، اما السبب الثاني وإن وجدت الفرص تكون برواتب رمزية لا تغطي تكاليف المعيشة بسبب الأوضاع الاقتصادية الحالية، وهو سبب تركهم للتدريب والتوجه للعمل الحر، لافتاً إلى أن المدرب السوري دائماً ما يطمح لتحقيق الأفضل وتقديم أفضل ما لديه عندما تتاح له الفرص لإبراز نفسه وعمله.
ليبقى السؤال ألا يؤثر نزيف هذه القدرات والكفاءات نتيجة استقطابها من الخارج على واقع ألعابنا محلياً؟،وهل من بقي من الخبرات قادر على إكمال مسيرة الرياضة وتطويرها نحو مستويات أفضل؟.