حرّاس المعلومة!
غسان فطوم
في حضرة الإعلام الجديد الذي كسر القيود وعبر الحدود، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي بأنواعها المختلفة المصدر الأول للمعلومة، بل والأسرع، وإن كانت هناك شكوك حول مصداقية بعضها، لكن هذا لا يمنع من أن تلك الوسائل باتت جزءاً لا يتجزّأ من الممارسة الصحفية اليومية، والجميل أنها أدخلت الديناميكية والحيوية إلى المادة الصحفية، فأصبحت أكثر تنوّعاً لوجود إمكانية التحديث المباشر لوقائع أو مجريات الحدث بالكلمة والصوت والصورة، ورغم كلّ ذلك لا تزال المكاتب الصحفية في الوزارات والمؤسّسات تغرد خارج السرب، وكأنها منفصلة عن هذا الفضاء الإعلامي الرحب، فهي لا تزال تفرض حراسة مشدّدة على بوابة المعلومات ولا تعطيها للصحفيين والإعلاميين إلا بالطريقة التي تُلمع فيها “رأس الهرم”، وتبيّض صفحة المؤسّسة حتى لو كانت مخرجاتها متشحة بالسواد!!
العودة للحديث عن شجون “المعلومة” تأتي بمناسبة إعلان وزير الإعلام الدكتور بطرس حلاق عقب اجتماع الحكومة الأخير عن اقتراب صدور قانون الإعلام بحلة جديدة بعد مخاض طويل، والذي يحمل ميزات جيدة، حسب قوله. وعليه.. فإن كلّ ما يأمله الصحفيون هو أن يكون القانون عصرياً يتماشى والتطورات الحاصلة في مجال الإعلام والاتصال، وأن يؤسّس لبيئة إعلامية جديدة، بل تشريعية آمنة تحمي الصحفي وتمكّنه من حقوقه وتفرض على الجهات المعنية إلزامية تزويده بالمعلومات اللازمة لإنجاز مهمته طالما تأتي في سياق الرسالة الإعلامية الهادفة بالكشف عن خفايا الفساد بكل أنواعه متحدياً تطوير عملية التنمية والإصلاح الإداري!
وإذا كانت وزارة الإعلام جادة في طرحها لجهة “تطوير الخطاب الإعلامي ليكون أكثر قدرة على ملامسة هموم المواطن عبر إستراتيجية مبنية على الانتقال إلى إعلام الدولة المؤسساتي البعيد عن المركزية”، فإن أولى الخطوات يجب أن تكون بتأمين المعلومة الصحيحة والرقم الدقيق، وبإلغاء الخطوط الحمراء، من خلال رفع سقف النقد البنّاء الذي لا يخشاه إلا المقصّر في عمله أو المختلس لأموال الدولة ويعمل لمصلحته الشخصية.
ما يريده الصحفيون اليوم أن يذهب عهد التدخل في شؤون الإعلام إلى غير رجعة، ويريدون أيضاً ألا يكون قانون الإعلام الجديد مجرد نصوص مكتوبة على الورق يتمّ تفسيرها بالطريقة التي تقيّد حرية الرأي والتعبير بما يخدم الوطن والمواطن.
بالمختصر.. آن الأوان لأن يتخلّص إعلامنا من أحماله الثقيلة التي تجعله نمطياً ويكسر قيوده، وينطلق ليكون مرآة حقيقية للواقع بكل شفافية يحكي بلسان المواطن، وغير ذلك ستبقى الفجوة تتسع بينهما طالما لا يحقّق له ما يريده ويحتاجه!!