مجلة البعث الأسبوعية

محافظ دير الزور في حديث لـ “البعث الأسبوعية: ما تم تأهيله لايزال خجولاً وأمامنا الكثير لنقوم به

“البعث الأسبوعية” – وائل حميدي

استعرض محافظ دير الزور القاضي فاضل نجار واقع المحافظة الخدمي والبُنيَوي من أجل النهوض بمؤسسات الدولة وبُنى المحافظة التحتية ما أمكن، وفق القدرات، وبما يتماشى مع الظروف الراهنة، مؤكداً أن ما تمَّت إعادة تأهيله ما زال خجولاً قياساً بما يزيد عن ثلاثة أعوام على تحرير المحافظة من رجس الإرهاب والفصائل المأجورة المسلحة التي عاثت فساداً بممتلكات الدولة ومعاملها ومنشآتها التعليمية والسياحية والدينية وغيرها.

 

خُطط مدروسة

المحافظ وفي رده على أسئلة “البعث الاسبوعية”، اعتبر القاضي نجار أن الأحياء التي عانت من التدمير، والتي شهدت عودة متزايدة للأهالي، عانت من تخريب ممنهج على يد العصابات الإرهابية المسلحة، حيث استهدف الإرهاب البنى التحتية والمرافق العامة والمقرات الحكومية، لكن ذلك لم يقف عائقاً أمام أبنائها وكوادرها الخدمية للعمل على إعادة إعمار ما خربه الإرهاب، وعلى سد الاحتياجات الناجمة عن هذا التخريب، والتي تزايدت بشكل كبير نتيجة للعودة المكثفة والمتسارعة للأهالي إلى المناطق المحررة.

ويضيف النجار بأن محافظة دير الزور تحظى بدعم من الحكومة ترافَق مع عمل متواصل من الفريق الخدمي في المحافظة، وهذا ما انعكس بصورة إيجابية وملحوظة على تحسن الواقع الخدمي والتنموي والإنتاجي في كل المناطق المحررة، وليس فقط في أحياء المدينة التي نسعى وفق خطط مدروسة لإعادة كافة الخدمات إليها. ومنذ تحرير المدينة وأجزاء واسعة من المحافظة من رجس الإرهاب، نهاية العام 2017، عملت المحافظة على تأمين الخدمات الأساسية للمناطق المحررة وفي مقدمتها إزالة الأنقاض وفتح الشوارع وتأهيل الصرف الصحي ومحطات المياه والمخابز والمدارس، إضافة إلى باقي الخدمات من كهرباء واتصالات وإنارة بالطاقة الشمسية وتفعيلٍ للدوائر الحكومية وإعادة إحياء للأسواق التجارية، وبهذا عادت الحياة بشكل كبير إلى أحياء الجبيلة والبعاجين والعمال والعرفي والحميدية، إضافة الى عودة العديد من الأهالي إلى باقي الأحياء مثل الشيخ ياسين والمطار القديم والحويقة، ونتابع العمل وفق الإمكانات المتاحة لاستكمال الخدمات وعودة الأهالي الى منازلهم.

وأضاف القاضي النجار أن حجم التخريب الذي تعرضت له أحياء المدينة كبيرٌ جداً، والحكومة لم تدخر جهداً في تقديم كل الدعم المتاح والممكن لإعادة تأهيل البنى التحتية وتوفير الخدمات الأساسية.

دعم المواصلات

 

وبالنسبة لموضوع المواصلات، أشار القاضي نجار إلى أن المحافظة تحتاج لدعم حقيقي بمزيد من حافلات النقل الداخلي، وهناك وعود حكومية بدعمنا بالعديد منها في أقرب وقت. بالمقابل عملنا على توظيف الحافلات الموجودة لدينا بشكل يغطي ولو بالحد الأدنى معظم مناطق المدينة، ووجهنا بتشديد الرقابة على الحافلات الخاصة العاملة على خطوط النقل الداخلي في المدينة ونأمل بالمزيد من التعاون من الأهالي بهذا الخصوص.

 

تعويض أضرار

وعن تعويض الأضرار، أوضح المحافظ أن المحافظة بدأت، عام 2013، استقبال طلبات تعويض الاضرار عن العقارات غير المؤمَّن عليها والمتضررة نتيجة العمليات الإرهابية والتخريبية، وتم إرسال طلبات التعويض المقدمة من المواطنين إلى وزارة الإدارة المحلية والبيئة على دفعات بعد أن قامت اللجان المكلفة بعمليات الكشف الحسي والدراسة المالية والتدقيق للحصول على الموافقة بصرف الدفعات المُرسلة بعد الحصول على الموافقات المطلوبة من الجهات المختصة. وقد تم إرسال 8 دفعات منذ 2013، وتمت الموافقة على صرف الدفعتين الأولى والثانية بانتظار باقي الدفعات، ولدينا حاليا 3300 إضبارة قيد الدراسة والتدقيق، بعد أن تم إجراء الكشف الحسي من اللجان المختصة، ونحن مستمرون باستقبال طلبات المواطنين لغاية انتهاء الفترة المحددة من قبل وزارة الإدارة المحلية والبيئة، والتي تنتهي بتاريخ 30 /6 /2022.

 

القطاعان بخير… ولكن..!؟

وحول القطاعين الزراعي والصناعي، تحدث المحافظ عن خصوصية المحافظة من الناحية الزراعية بامتياز، فكانت الأولوية دائما لإعادة الحياة إلى القطاع الزراعي الذي تمكن من العودة إلى العمل والإنتاج، ويحظى بالكثير من الدعم الحكومي من خلال توفير مستلزمات الإنتاج من بذار وأسمدة ومحروقات ومياه سقاية، حيث تم إعادة تأهيل القطاعين الثالث والخامس للري الحكومي، وتمَّت المباشرة بإعادة تأهيل القطاع السابع في البوكمال، كما تم إعادة تأهيل وتركيب أكثر من 120 مجموعة ري زراعي، الأمر الذي زاد من مساحة الأراضي الزراعية التي وصلت الموسم الماضي إلى نحو 30 ألف هكتار لموسم القمح، و4216 هكتاراً لموسم القطن، و3372 لموسم الخضار، و1252 هكتاراً لمحصول السمسم، و4518 هكتاراً لمحصول الذرة الصفراء، وهناك خطة طموحة لهذا الموسم. كما تمت إعادة تفعيل العمل في 44 وحدة إرشادية تعمل على تقديم الدعم للمزارعين وتقديم منح تتضمن شبكات الري بالتنقيط إضافة إلى المنح الإنتاجية – والكلام للمحافظ – الذي لفت إلى المباشرة بإعادة تأهيل منطقة الصناعات الاسمنتية بدير الزور، ودعوة وتشجيع جميع الصناعيين لافتتاح مشاريع تنعكس بصورة إيجابية على واقع المحافظة ومستعدون لتقديم كل التسهيلات في هذا الاطار.

 

أسواقنا تحت السيطرة

ومع موجة الغلاء التي تشهدها البلاد، كان لا بد من التطرق لواقع الأسواق في دير الزور، والسؤال عن الإجراءات الحكومية لضبط الفلتان فيها؛ وفي هذا يقول محافظ دير الزور بأن الغلاء أمر عام، ولا يقتصر على محافظة دير الزور، بل على العكس هناك العديد من السلع في أسواق دير الزور.. أسعارها أرخص بكثير من أسواق باقي المحافظات، ولاسيما المنتجة محلياً من منتجات زراعية أو حيوانية. وبالتأكيد، هناك توجيهات ومتابعة مستمرة لضبط الأسواق من خلال الجهات المعنية في مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك واللجان المحلية المكلفة بتطبيق المرسوم رقم 8 لعام 2021 المتضمن قانون حماية المستهلك، والتي تم تشكيلها في كافة الأحياء والمناطق، ويقوم معظمها بدورها الرقابي، وهناك ضبوط تُنظَّم بشكل شبه يومي بحق الفعاليات التجارية المخالفة، وفي هذا الإطار – والحديث للنجار- نهيب بالأخوة المواطنين ضرورة التعاون مع اللجان من خلال تقديم الشكاوى بحق كل من يقوم باستغلالهم، ونعوِّل على وسائل الإعلام للمساهمة ببث ثقافة الشكوى لمنع الاستغلال ووضع حد لكل من يحاول غش واستغلال المواطن.

ويضيف محافظ دير الزور بأن فرع “السورية للتجارة” يقوم بدور مهم من خلال التدخل الإيجابي بالأسواق عبر طرح تشكيلة واسعة من المواد بأسعار منافسة، وكانت هناك تجارب إيجابية تم من خلالها استجرار الخضار والفواكه والحمضيات والفروج، وغيرها من المنتجات، إلى المستهلك وطرحها في الصالات وعبر السيارات الجوالة بأسعار منافسة والتوسع بافتتاح منافذ جديدة في الريف والمدينة.

 

خطوة جريئة

لعل من أكثر القرارات جرأة تلك التي اتخذتها المحافظة بتأهيل شارع سينما فؤاد الذي يعد العصب التجاري في المدينة، وهي خطوة أثبتت نجاحها بكل المقاييس، إذ عادت الحياة إلى هذا السوق بعد تنفيذ عدة إجراءات اعتبرها البعض في بداية الأمر قاسية إلى حد ما، وأهمها إلزام عددٕ من أصحاب الفعاليات – الذين افتتحوا محالهم خلال المراحل السابقة في مواقع مخالفة – على الانتقال إلى سوق شارع سينما فؤاد، وهذه القرارات جاءت لمصلحة التجار أنفسهم بعد أن عاد السوق إلى سابق عهده. وفي هذا الإطار، يقول القاضي نجار أن قرار تفعيل هذا السوق كان بداية لإعادة إحياء باقي الأسواق، وقد قطعنا شوطاً كبيراً في إعادة تأهيل سوق الجبيلة، ويجري العمل حاليا على إعادة تأهيل سوق شارع ستة إلا ربع، ولدينا خطط لإعادة الحياة إلى كافة الأسواق التجارية في المدينة.

 

التشاركية بالأعمار

وعن التشاركية الإيجابية الملموسة للمنظمات المانحة، والتي كان لها يد واضحة في أعمال التأهيل وتجاوز تبعات الحرب، يوضح المحافظ أنه تم التنسيق مع المنظمات الدولية لوضع خطة عمل مشتركة للوصول إلى حالة التعافي، وتنقسم هذه الخطة إلى مستويين، على مستوى المحافظة بشكل عام وعلى مستوى مدينة دير الزور بشكل خاص، حيث تم تنفيذ عدد من المشاريع التي تسهم بتوفير الخدمات الأساسية للأهالي العائدين إلى مدنهم وقراهم، على صعيد تأهيل المدارس وشبكات الصرف الصحي ومحطات وشبكات المياه والمراكز الصحية والمخابز والمراكز الثقافية وتأهيل المنازل، كما تم التركيز على القطاع الزراعي عبر إعادة تأهيل العديد من مشاريع الري وتوزيع مُدخلات الإنتاج الزراعي من بذار وأسمدة وشبكات الري والاهتمام بمربي الثروة الحيوانية من خلال توزيع المواشي والدواجن والأعلاف. كما تم تأهيل البنى التحتية في عدد من أحياء المدينة، إضافة إلى تأهيل الأسواق والحدائق وكراج الانطلاق القديم وجسر البعث والطريق الممتد من جامع المفتي لغاية ساحة الباسل، وتركيب أجهزة الإنارة بالطاقة الشمسية، ومساعدة الأهالي في إعادة تأهيل منازلهم ومحالهم التجارية، وتقديم العِدد الصناعية لأصحاب الحرف، وهناك خطة طموحة يتم العمل على تنفيذها في المرحلة المقبلة تتضمن تأهيل عدد من الأسواق والشوارع وإنارتها بالطاقة الشمسية، إضافة إلى تأهيل جزءٌ من المنطقة الصناعية، وتأهيل القطاع السابع وقطاع الوفاء للري الحكومي في البوكمال.

 

قطاعنا الصحي ليس مثالياً

ولم يخف المحافظ أن القطاع الصحي لم يكن بسوية التطور الذي شهدته باقي القطاعات، فهو يعاني من نقص كبير في الكوادر المختصة مع الإشارة إلى أن هذا القطاع تعرض لتخريب كبير جداً، ووصل إلى حالة حرجة خلال سنوات الحصار، وهو يعمل على تقديم الخدمات وفق الإمكانات المتاحة، علماً أن الوضع الصحي تحسن بشكل ملحوظ بعد موافقة مجلس الوزراء منتصف شباط الماضي على إرسال 20 طبيباً بكل الاختصاصات بشكل شهري إلى مشافي المدينة، إضافة إلى ضرورة الدعم لهذا القطاع، فهناك إشكاليات يتم العمل على حلها ولاسيما في موضوع جهاز التصوير الطبقي المحوري، وهناك أكثر من مشروع لمشافي خاصة ستدخل العمل قريباّ.

 

الكهرباء.. مشكلة عامة

وعن واقع الكهرباء السيء بالمحافظة، يجيب المحافظ بأن مشكلة الكهرباء هي مشكلة عامة ولا تخص محافظة دير الزور والسبب هو خروج الكثير من آبار الغاز والنفط عن الخدمة، ونهب ثروات سورية ولاسيما في منطقة الجزيرة من قبل الاحتلال الأمريكي، والحصار الاقتصادي الجائر الذي تتعرض له سورية والذي يسهم بنقص بالتوريدات.. كل ذلك أثَّر على منظومة الشبكة الكهربائية في عموم القطر ونحن على تواصل مستمر مع وزارة الكهرباء لتأمين ما يمكن من احتياجات ودعم المحافظة بصورة أكبر، وبالتأكيد الحكومة لن تبخل على دير الزور أو على أية محافظة حينما يكون الأمر متاحاّ.

 

بنيوياً مدارسنا بخير

ولم يغفل المحافظ من تأهيل وتحسين الواقع التربوي وما شهدته السنوات السابقة من إدخال عشرات المدارس في الخدمة مع ملاحظة أهمية تأمين الكوادر الكافية لتلك المدارس، معرجاً على أهمية المسابقة المركزية التي سترمم الشواغر المحددة بالمسابقة لصالح التربية وستشكل إضافة للقطاع التربوي الذي يحتاج لكوادر تعليمية في العديد من الاختصاصات، منوهاً بالتعافي الحاصل مع العودة المتزايدة للأهالي إلى المناطق التي حررها الجـيش العربي السوري من الإرهـاب وتحسن الواقع الخدمي والإنتاجي فيها، حيث بلغ عدد الطلاب في العام الدراسي الحالي 155 ألف طالب وطالبة موزعين على 6400 شعبة صفية منهم 7550 طالب وطالبة (فئة ب). وبلغ عدد المدارس الداخلة في الخدمة 358 مدرسة وتمت خلال العام الماضي صيانة وتأهيل 55 مدرسة توزعت على كامل مساحة المحافظة، كما تم تأمين كافة مستلزمات العملية التربوية من مقاعد صفية وكتب ولوازم مدرسية وتوفير مستلزمات التعليم الفني والمهني من مخابر وأجهزة وتفعيل عدد من الورشات الإنتاجية وفق الإمكانات المتاحة. وبالتأكيد فإن العدد الاختصاصي الذي سيدخل في قطاع التربية بنتيجة المسابقة المركزية سيكون له بالغ الأثر باستقرار العملية التربوية ووصولها نحو المطلوب.

 

النقص ما زال قائماً

وفي الحديث عن مؤسسات المحافظة الحكومية ونقص الآليات والإمكانيات، بين القاضي نجار أن المحافظة تعاني من نقص في الآليات، وقد تم دعم المحافظة بالعديد من الآليات الهندسية وآليات النظافة وباصات النقل الداخلي وغيرها، ونأمل المزيد، وهذا مرتبط بالإمكانات المتاحة مع ما يعانيه القطر من ظروف استثنائية تحتم علينا التعامل بما هو متاح ريثما يتوفر الأفضل.