“الفلافل” تنتعش.. هل تصبح الأكلة الشعبية “برغل بفروج” حلماً على المائدة؟
لم تتوقف أسعار الفروج عن الارتفاع خلال الأشهر القليلة الماضية، ويبدو أن الفروج هذه الأيام سيصبح “نسراً” يحلّق بأسعاره أكثر فأكثر في “العلالي”، ليغدو حلماً صعب المنال على موائد السوريين، وهو أكلتهم المفضّلة عندما كان يُباع (المشوي أو البروستد وحتى المسحب) في عام 2010 بسعر لا يتجاوز الـ 250 ليرة عند أفخر المحال بالبلد، فبحسب ما نُقل عن المعنيين في لجنة مربي الدواجن أن الأشهر القادمة ستشهد ارتفاعات في مادة الفروج، خاصة وأننا على أبواب شهر رمضان المبارك الذي يكثر فيه استهلاك الفروج، ويبدو أن الأمور ذاهبة نحو ارتفاع كبير خاصة مع صعوبة تأمين الأعلاف، وإن توفرت فأسعارها نار كاوية، إضافة إلى غلاء أسعار الطاقة والمحروقات، عدا عن صعوبة تأمينها للتدفئة، فخلال موجة البرد الماضية حدثت كوارث في مداجن المربين، حيث نفقت آلاف الطيور البيضاء نتيجة البرد القارس، وفي ظل هذه الأوضاع ومع تصاعد الأسعار ربما يرتفع سعر الكيلو إلى أكثر من 10 آلاف ليرة، وهو رقم سيجعل طبخة البرغل بفروج (الطبخة الشعبية) حلماً على موائد السوريين!.
الغريب أن ارتفاع أسعار الفروج لم يُقابل بإجراءات عملية من المعنيين، باستثناء تأمين الفروج المجمّد بأسعار أقل بقليل من المطروحة بالسوق، ولكن إذا كان ذلك مناسباً إلى حدّ ما لقلة من المستهلكين، فما ذنب الغالبية أن تصوم عن أكل الفروج المجمّد أو الحيّ، وماذا عن المُنتج الذي يفكّر جدياً “بكسر الجرة” وإعلان التوبة عن تربية الفروج الذي بات مخسراً وغير مربح؟
يُشار هنا إلى أن مربي الدواجن حذروا من خطوة استيراد الفروج، معتبرين ذلك ضربة موجعة لقطاعهم المنهك نتيجة غياب الدعم الحقيقي، رغم التصريحات والوعود الكثيرة، مشيرين إلى أن كلّ ما يُقدّم من دعم لا يكفي لإطعام الفروج ليومين.
انتعاش الفلافل..
في الريف القريب من دمشق، وحتى باقي المدن والمحافظات، أغلب محال الشاورما أغلقت أبوابها أو تحوّلت لبيع الفلافل، بعد أن ارتفعت الأسعار بشكل جنوني لا تقدر على حملها جيوب من يحب هذه الأكلة التي صدّرها السوريون لكل دول العالم.
يقول أبو أحمد صاحب مطعم لبيع الشاورما والفروج الجاهز: قلّة قليلة ممن يرتادون المطعم لشراء الشاورما، حيث لم يعد المواطن قادراً على شراء السندويشة بـ4000 ليرة، فكيف سيفكر بشراء فروج بروستد أو مشوي بـ25000 ألف ليرة؟، ويؤكد كلامه جاره بالسوق الذي حوّل محله لبيع الفلافل بقوله: لم يعد هناك إقبال على الشاورما بعد أن ارتفع سعر السندويشة من 2000 ليرة إلى أكثر من 4000 آلاف، مشيراً إلى أن سندويشة الفلافل وإن ارتفع سعرها أيضاً لكنها تبقى أوفر للمواطن وأنسب لهم كمطعم، مشيراً إلى أن أغلب الناس قاطعت أكلتها المفضلة (الشاورما) بعد غلاء أسعار الفروج.
وبيّن أبو غدير صاحب محل لبيع الفروج الحيّ، لا تتجاوز مساحته تسعة أمتار، أنه امتنع عن بيع الفروج الحيّ لأنه لم يعد مطلوباً، عدا عن أنه لا يحقّق له الربح الذي يريده، مشيراً إلى أنه اكتفى ببيع قطع الفروج التي يحضرها من المسلخ “جوانح وقوانص” وهي القطع المطلوبة أكثر نظراً لانخفاض سعرها مقارنة بباقي قطع الفروج “دبوس، وردة، شرحات”.
وتساءل مواطن: إذا صحّت توقعات أحد أعضاء لجنة الدواجن، فمَن سيكون قادراً على شراء فروجٍ حي بـ 30 ألف ليرة والجاهز بـأكثر من ذلك، والراتب مئة ألف ليرة، بل وأقل عند الكثير من الموظفين؟!
ويستغرب المواطنون كيف ترتفع أسعار الفروج والبيض بين ليلة وضحاها، متسائلين: هل أسعار الأعلاف ترتفع كل ساعة؟! بالمناسبة سعر صحن البيض حالياً يتراوح ما بين 10500 إلى 11500 حسب الوزن وهذا السعر ثابت منذ أكثر من شهر.
شجون المربين
المربي عصام من ريف حمص بات يحلم أن تتحقّق وعود المعنيين بدعم صناعة الدواجن، مشيراً إلى أن المشكلة ليست بالأعلاف فقط، وإنما بكل مستلزمات الإنتاج الأخرى، كالأدوية والمازوت اللازم للتدفئة شتاء والتبريد صيفاً والذي ارتفعت أسعاره مؤخراً مما زاد الطين بلّة، الأمر الذي أجبر الكثير من المربين – حسب قوله – على العزوف عن العمل في هذا القطاع المهمّ نظراً لتكبدهم خسائر كبيرة.
وبرأي مربٍ آخر أن من حق المربين المطالبة برفع سعر الفروج أو بيعه بالسعر الذي يناسبهم من أجل تعويض الخسارة.
اعتراف مسؤول
في كلام سابق لوزير الزراعة محمد حسان قطنا قال فيه “إن مُربي الدواجن ليس مرتاحاً حالياً نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، حيث إنه يخسر في بعض الأحيان والسعر الذي يوضع للمنتج حقيقي (تكلفة إنتاج حقيقية) مع هوامش ربحية بسيطة”. كما كشف الوزير قطنا أن إنعاش قطاع الدواجن واستقراره يعتمد على تحقيق التوازن بين مستوى الدخل وقيمة المنتجات من جهة، وعودة تمويل قطاع الدواجن ديناً من قبل مستوردي الأعلاف من جهة أخرى.
أخيراً وبعيداً عن التشاؤم، نقول: إن استمر وضع الأسعار على هذه الحال نحن نسير باتجاه الصوم عن أكل اللحم الأبيض والبيض أو الحكم بالإقفال على المؤسّسات الإنتاجية، فهل يتحرّك أصحاب الشأن في وزارتي الزراعة والتجارة الداخلية بدعم فعلي لمربي الدواجن بتأمين مستلزمات إنتاجها بأسعار مقبولة لتبقي المنشآت على قيد الحياة؟، نعتقد أن أي قرار غير ذلك سيكون ظالماً.
غسان فطوم