188.1 مليار ليرة “مرابح” تعيد الأمل لصناعة نصفها مدمر ومتوقف والنصف الآخر مهدد بالصدأ
دمشق- علي بلال قاسم
أعطت مؤشرات المؤسّسات والشركات الصناعية الحكومية التي تمّ تحقيقها خلال العام الماضي فرصة لتنفس الصعداء بأن ثمة أملاً ما بإحياء آلات هذا القطاع صاحب الإنجاز في زمن الريادة، لتسارع وزارة الصناعة لاستثمار رصيد الأرقام في توثيق وإثبات القدرة على الانتفاض من تحت رماد الدمار الذي أكمل أوجه الأذى على عقود من الخسائر والترهلات المتعاقبة، بسبب ظروف العمل المخنوقة أو بفعل فاعل من الهياكل الإدارية الصدئة التي توالت على سدة القيادة في شركات أجهز عليها القائمون والمسؤولون بنيّة إحلال البديل الخاص واستفراده بالإنتاج والسوق الداخلي والخارجي، لدرجة راح البعض يذكر بالانتقام من لعنة التأميم قديم العهد.
لا “يبل الريق”
عبر عقود طويلة لم يخلُ بيان حكومي من شعارات وعناوين عريضة، مفادها الاستمرار بدعم القطاع العام الصناعي بروائز الإصلاح والهيكلة والتأهيل، وتطوير القوانين مع “رشة فلفل” من توطين المحتوى التكنولوجي العالي، وزيادة القيمة المضافة وتوسيع الاستثمار في الطاقات البديلة، ومع ذلك لم يكن التطبيق بذلك القدر الذي “يبل الريق” ويعيد شيئاً من ماء الوجه المخطوف على قارعة خطوط الإنتاج وبين حنايا الآلات المهترئة والمعطّلة، ولم ينفع لا إقرار الهيكل التنظيمي للوزارة، ولم تؤثر جولات وصولات تعديل القوانين والتشريعات، لتصل الأمور إلى درجة “العلاج بكي” الشراكة مع القطاع الخاص لإعادة تشغيل الشركات المدمّرة والمتوقفة في صيغة أكثر تهذيباً وتشذيباً لتهم الخصخصة الملعونة وغير مستحقة الدعم من قبل الرأي العام وشريحة الغيارى على رصيد الدولة على قلّتهم.
الانعطافة الإيجابية
في تفاصيل الانعطافة الصناعية باتجاه “الإيجابية”، يأتي إعلان الوزارة عن قيمة أرباحها خلال العام 2021 والتي قدّرتها بـ188.1 مليار ليرة سورية بزيادة 96 ملياراً عن العام 2020، ليقدم وجبة تفاؤل للمسؤول والمراقب معاً، ولاسيما أننا أمام وزارة سجلت خسائر وأضراراً منذ بداية الحرب وإلى الآن بنحو 1069 مليار ليرة، منها 539 مليار ليرة أضراراً مباشرة و530 أضراراً غير مباشرة.
وحسب تقرير الوزارة السنوي فقد تصدّرت المؤسسة العامة للصناعات الهندسية قائمة المؤسسات بأرباح تُقدّر بـ68.2 مليار ليرة، تلتها الصناعات النسيجية بـ42 ملياراً ثم الإسمنت بـ39.1 مليار ليرة، بينما بلغت أرباح مؤسسة التبغ 18 ملياراً، والصناعات الغذائية 10.4 مليارات ليرة، والمؤسسة العامة للصناعات الكيميائية 6.2 مليارات ليرة، والمؤسسة العامة للسكر 3.7 مليارات ليرة، وحلج وتسويق الأقطان 400 مليون ليرة.
وتحدث التقرير عن قيمة الإنتاج لمؤسّسات الوزارة خلال العام 2021 بنحو 934.9 مليار ليرة بمعدل تطور 220% عن العام 2020، فيما وصلت قيمة المبيعات إلى ألف و132 مليار ليرة بمعدل تطور 84% عن العام الماضي.
وتقول الوزارة إنها أنجزت عدداً من الأعمال على مستوى الشركات ومواقع الإنتاج التابعة للمؤسسات العامة الصناعية، واستثمار الطاقات المتوافرة فيها، لدعم العملية الإنتاجية وزيادة الريعية الاقتصادية والمساهمة بشكل أكبر في الناتج المحلي، ووصل عدد المنشآت الصناعية المنفذة إلى 291 منشأة والحرفية 231 منشأة، حيث عملت الوزارة خلال العام الحالي على إعادة تأهيل بعض المنشآت والشركات العامة، منها الشركة العامة للمنظفات “سار” في منطقة تل كردي بريف دمشق ومحالج تشرين والشرق وأمية في حلب، إضافة إلى عودة الإنتاج للشركة الصناعية للملبوسات “زنوبيا وشمرا” بحلب، كما قامت بتأهيل خطوط الإنتاج بشركة سكر تل سلحب لاستلام محصول الشوندر السكري من الفلاحين.
وحسب وزارة الصناعة افتتحت الشركة العامة للألبسة الجاهزة “وسيم” وحدتين إنتاجيتين لتشغيل ذوي الشهداء، فيما يتمّ تجهيز وحدتين جديدتين ليصبح عدد الوحدات 12 إلى جانب نقل العديد من آلات “نول بروكار وحلاقات بذور القطن” من الشركات المتوقفة إلى الشركات العاملة الأخرى، حيث أعيد تأهيلها ودخلت مرحلة الإنتاج من جديد.
وبمشاركة القطاع الخاص تمّ البدء خلال عام 2021 بإعادة تأهيل شركة اسمنت العربية وشركة سكر مسكنة بحلب ومعمل خميرة شبعا بريف دمشق، إضافة إلى البدء بتنفيذ وحدة تعبئة مياه “نبع الفوار” في محافظة القنيطرة، إلى جانب وضع آلية جديدة في توزيع المياه المعدنية سيتمّ تطبيقها مطلع العام 2022، حيث سيتمّ توزيع 70% من الإنتاج في صالات السورية للتجارة و30% في فروع المؤسسة الاجتماعية العسكرية.
دستة نصوص
جديرٌ بالذكر أن العام 2021 شهد صدور مجموعة من القوانين والقرارات التي ساهمت في تنشيط القطاع الصناعي، منها القانون رقم 30 المتضمن إعفاء المواد الأولية المستوردة كمدخلات للصناعة من الرسم الجمركي 1% من الضرائب والرسوم المفروضة على الاستيراد، والمرسوم رقم 25 القاضي بتمديد إعفاء مستلزمات الإنتاج والمواد الأولية للصناعات الدوائية البشرية من كل الرسوم الجمركية والضرائب، إضافة إلى قانون الاستثمار الجديد رقم 18 الذي يتيح توفير الظروف الجيدة لفعاليات الاستثمار ويخلق البيئة المشجّعة لجذب رؤوس الأموال، إضافة إلى السماح للصناعيين بالاستفادة من حصصهم في قطع التصدير لاستيراد موادهم الأولية وفق قراري المصرف المركزي 1070 و1071 الخاصين بتمويل المستوردات وتعهد قطع التصدير، وكذلك السماح للصناعيين باستيراد الأقمشة المصنّرة ضمن مخصّصاتهم والترخيص لاستيراد الكحول الطبي من الدرجة 97 إلى 100 وصدور قرار إدراج العديد من الصناعات ببرنامج هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات.
إلى ذلك تمّ إعفاء مصنّعي الأدوات المنزلية الكهربائية من رسم “الضميمة” لبعض المواد التي لا يوجد لها إنتاج محلي مماثل، وكذلك إلغاء الضميمة المفروضة على خيوط الأكريليك المستوردة لكونها مادة أولية أساسية في صناعة الألبسة والنسيج، واستثناء المدن الصناعية من التقنين الكهربائي ضمن برامج معينة، إضافة إلى تحديث واعتماد مواصفات قياسية لعدة منتجات صناعية من قبل هيئة المواصفات والمقاييس السورية.