” تكلس وظيفي
لا نجد حرجاً بالقول والتأكيد أن واقع حال مدينة حلب ليس على ما يرام، وهناك الكثير من المشكلات والأزمات تعوق دورة الانتاج واستكمال تنفيذ المشاريع الحيوية والتنموية، يضاف إلى ذلك تراكم الخطط والدراسات الفنية والمالية لعشرات المشاريع الخدمية والتي تنتظر فقط التصديق وتخصيص الميزانيات المالية من الجهات التنفيذية الأعلى للشروع في تنفيذها وإطلاقها إلى النور.
هذا التعثر تسبب في توقف وتأجيل العديد من المشاريع التي أقرها مجلسي المحافظة والمدينة في دوراتهما العادية المتتالية، خاصة ما يتعلق منها بالواقع الخدمي الفوضوي وغير المرضي في الأحياء الشرقية من المدينة والتي تعاني من سوء واضح في الخدمات لجهة رداءة النظافة وتراكم الأنقاض وانتشار الحفريات وتصدع الطرقات والأرصفة والمرافق العامة، ناهيكl عن الخطر الداهم الناتج عن تصدع الأبنية، بالإضافة إلى ما يعانيه وسط المدينة من فوضى مرورية عارمة ومن انتشار البسطات والباعة الجوالين والتعدي على الأرصفة وغيرها من الجوانب الخدمية والمعيشية وانفلات الأسواق وارتفاع الأسعار بشكل لحظي والذي أكثر ما يقلق المواطن.
لا يمكن إغفال ما يدور في أروقة وكواليس المديريات والمؤسسات من حالات ابتزاز واستغلال للمراجعين وتفشي حالات الفساد في معظم مفاصل العمل، والأمثلة كثيرة في هذا السياق يصعب تعدادها في هذه العجالة، وهو ما يجب أن يكون في سلم أولويات عمل مجلس المحافظة لوضع حد لهذا الاستهتار الوظيفي ووقف النزيف الحاصل في العمل المؤسساتي، ومن جانب آخر للتخفيف من معاناة المواطنين والعمل على تلبية احتياجاتهم ومتطلباتهم.
في الواقع، ينظر البعض إلى أن ما يتخذ من اجراءات وقرارات على مستوى ضبط آليات العمل والتخفيف من حدة الأزمات هي عبارة عن تحصيل حاصل، سيما وأنها غالباً ما تكون حبراً على الورق، بل على العكس تزيد الواقع تعقيداً، خاصة عندما تتخلى معظم الجهات المعنية عن المهام المنوطة بها، وتحديداً ما يتصل بالجانبين الرقابي والعقابي، وهو ما يجب تفعيله وبصورة ناجزة لضبط ايقاع العمل التنفيذي والذي لم يعد مقبولاً في ضوء مؤشرات الإنجاز المتراجعة في مجمل ميادين العمل.
هنا، لا بد من التذكير مجدداً بأن الطريق الأسهل والأقصر لتذليل كل ما يعيق العمل هو تحديد مرتكزات وأولويات العمل ومكافحة الفساد ومعالجة حالات التكلس الوظيفي وتفعيل لجان مجلسي المحافظة والمدينة كل حسب اختصاصه، وعدم الركون والاتكاء على الظروف والإمكانات، والاستمرار في اتباع سياسة الأبواب المغلقة.
نعتقد أن قضية تصحيح مسار العمل مرتبط أيضاً بمنح وYطلاق الصلاحيات لأهل الاختصاص والكفاءة وعدم حصرها بأشخاص محددين بعيدين كل البعد عن الواقع الميداني، وقد يكون مجدياً وبالتزامن مع الاحتفال السنوي بيوم المجالس المحلية، تفعيل دور مجالس المدن والوحدات الادارية والمديريات الخدمية وأن لا يقتصر عملها على يوم واحد في السنة، عبر إطلاق حملات النظافة وغيرها من الأعمال الخدمية، وهنا يكمن سر النجاح والمفتاح لإنجاز أي مشروع، وعكس ذلك لن تستقيم الأمور، وستستمر المراوحة في المكان..!.
معن الغادري