فرص الدبلوماسية لم تغلق
ريا خوري
يشهد العالم حالة من الترقب والتوتر غير مسبوقين، وفي مثل هذه الأزمات الكبرى التي تشكّل مفصلاً هاماً في العلاقات الدولية نجد أن الجهود الدبلوماسية تأخذ مداها الواسع وسط قرع طبول الحرب، حيث توصي العلوم السياسية في مثل هذه الحالة بالابتعاد عن دبلوماسية المدفع، والاتجاه نحو الدبلوماسية الناعمة، لأن بديل العمل الدبلوماسي سيكون كارثياً بكل المعايير، الأمر الذي يجعل من العمل الدبلوماسي مساراً وحيداً لتجنب الكوارث الهائلة التي تدركها كل القوى المنخرطة في الصراع بشأن أوكرانيا، والتي تستخدم الحشود العسكرية والتهديدات المباشرة وغير المباشرة سلاحاً تريد منه تحقيق أهدافها ومراميها دون الضغط على الزناد.
من هنا جاء وصف دبلوماسية الهاتف كواحدة من الطرق المجدية نوعاً ما، فقد تم وصف المحادثات الهاتفية الأخيرة بين الرئيسين: الروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي ايمانويل ماكرون التي استمرت نحو ساعة وخمس وأربعين دقيقة بأنها (الفرصة الأخيرة)، وفي هذا الوصف مبالغة كبيرة، لأن هناك جهداً يبذل للتوصل إلى حلول مقبولة لمعظم الأطراف، وحبل التواصل لم ينقطع بين الأطراف المعنية بالصراع، لأن الجميع يدرك ما معنى ألا تكون هناك فرصة أخيرة.
من هذا المنطلق، فإن الزعيمين بوتين وماكرون اتفقا على استمرار المحادثات، وإعطاء الأولوية لحل دبلوماسي للأزمة الحالية بعيداً عن قرع طبول الحرب، وأكدت القيادة الفرنسية من قصر الاليزيه أن العمل الدبلوماسي سينفذ في الأيام والأسابيع المقبلة، وهو ما أكده أيضاً جوزيب بوريل، مسؤول السياسة الخارجية الأوروبية الذي شدد على أن التركيز حالياً على الوصول إلى حل دبلوماسي للأزمة.
من الواضح تماماً أن جمهورية روسيا الاتحادية لا تريد غزو أوكرانيا، وقد أكدت القيادة السياسية والعسكرية في موسكو ذلك مراراً رداً على الحملة الإعلامية الغربية التي كانت حددت ساعة الغزو قبل أيام، والتي تندرج تحت سقف البربوغندا الإعلامية وصب الزيت على النار من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن السفير الروسي في واشنطن، أناتولي أنطونوف، كان واضحاً في تصريحاته العلنية عندما أكد أن بلاده لا تنوي شن أية عملية غزو لأوكرانيا، ولا تحاول جمهورية روسيا الاتحادية على الإطلاق السيطرة على أراضي أية دولة أجنبية، وكل ما تريده هو تطبيق اتفاقية “مينسك” مع الأخذ بالاعتبار البروتوكول الخاص بنتائج مشاورات مجموعة الاتصال الثلاثية القاضي بوقف الحرب في دونباس بأوكرانيا بتاريخ 5 أيلول 2014 الذي ينص على منح الإقليم بأغلبيته الروسية حكماً ذاتياً.
حتى الآن ورغم مسار الصراع إلا أن فرصة الجهود الدبلوماسية لم تغلق، وهي مازالت مفتوحة في كل الاتجاهات الممكنة.