السفير صباغ: معاناة الشعب السوري تتواصل جراء ممارسات دول غربية غلبت مصالحها على أرواح السوريين
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بسام صباغ أن معاناة الشعب السوري تتواصل جراء ممارسات دول غربية غلبت مصالحها وأجنداتها على أرواح السوريين وأمن المنطقة واستقرارها مشيراً إلى أن تحسين الوضع الإنساني يتطلب رفع الإجراءات القسرية غير الشرعية وإنهاء الاحتلال الأجنبي للأراضي السورية ووقف دعم التنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية.
وشدد صباغ خلال جلسة لمجلس الأمن اليوم على أن الدولة السورية تبذل قصارى جهدها للارتقاء بالوضع الإنساني وتوفير الاحتياجات والخدمات الأساسية وإعادة إعمار ما دمره الإرهاب والعودة بسورية إلى مسار التنمية المستدامة وضمان عودة المهجرين إلى بيوتهم وحياتهم الطبيعية لكن هذه الجهود تصطدم بعقبات كبيرة تحد من تحقيق نتائجها المأمولة جراء السياسات الخاطئة والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة بما فيها فرض إجراءات قسرية أحادية الجانب والتي ترتكبها دول غربية غلبت مصالحها وأجنداتها على أرواح ورفاه السوريين وأمن واستقرار سورية والمنطقة.
وأوضح صباغ أن سورية تميزت حتى وقت قريب بالاكتفاء الذاتي في الكثير من المنتجات الزراعية في حين تجد نفسها اليوم مضطرة لاستيراد كميات من تلك المنتجات فمثلاً كان إنتاجها السنوي من القمح قبل الحرب يقارب المليونين ونصف المليون طن أما اليوم فتحتاج إلى استيراد مليون ونصف المليون طن من القمح سنوياً لتوفير الخبز للمواطنين والسبب استيلاء قوات الاحتلال الأمريكي والميليشيات الانفصالية العميلة لها في شمال شرق البلاد على إنتاج القمح السوري ونهبه وهناك نقص كبير في مياه الري اللازمة للزراعة ناجم عن استمرار النظام التركي في انتهاك الاتفاقات الثنائية الناظمة لتدفق نهر الفرات فضلاً عن استخدامه المياه سلاحاً ضد المدنيين وحرمانه أكثر من مليون مواطن سوري من مياه الشرب.
وأشار صباغ إلى أن سورية كانت تنتج قبل الأزمة 9500 ميغاواط من الطاقة الكهربائية أما اليوم فإنتاجها لا يتجاوز 2600 ميغاواط وهذا العجز في إنتاج الطاقة ناجم عن نهب قوات الاحتلال الأمريكي وأدواتها حوامل الطاقة من النفط والغاز إضافة إلى جرائم التنظيمات الإرهابية واعتداءات ما يسمى “التحالف الدولي” التي ألحقت أضراراً بالغة بمحطات توليد الكهرباء وشبكات النقل والتوزيع وأفضت لخروج نحو 50 بالمئة من منظومة الكهرباء عن الخدمة.
ولفت مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة إلى أن قطاع الصحة والخدمات الطبية والصناعة الدوائية السورية التي كانت رائدة قبل الحرب وحققت اكتفاء ذاتياً لأغلبية الأدوية إلى جانب تصدير إنتاجها إلى عشرات الدول بات هذا القطاع المهم يئن اليوم من وطأة نقص حاد جراء الحصار وتفاقم مع تفشي جائحة كوفيد 19 ما أدى لحرمان السوريين من حقهم في الحصول على الرعاية الصحية الضرورية والدواء.
وبين صباغ أن الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشكل غير شرعي على الشعب السوري طالت مختلف القطاعات بما فيها المصارف والطاقة والاتصالات والنقل الجوي والبحري والبري وتضاعفت خلال السنوات الأخيرة ما أدى إلى مفاقمة معاناة السوريين وتراجع مؤشرات التنمية المستدامة بعد أن كانت تحقق تقدما ملحوظاً قبل عام 2011 ونمواً اقتصادياً وصل إلى 9 بالمئة.
وأشار صباغ إلى أن آثار تلك الإجراءات غير الشرعية طالت أيضاً عمل منظمات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية في سورية حيث ارتفعت تكلفة السلة الغذائية التي يقدمها برنامج الغذاء العالمي للمحتاجين خمسة أضعاف وانخفضت قيمتها الغذائية إلى أقل من النصف كما ارتفع سعر الصرف وازداد التضخم وتدهورت القدرة الشرائية والمفارقة أن بعض الدول الغربية التي أضرت وعلى نحو متعمد بالاقتصاد السوري تشتكي من تقلبات أسعار صرف العملة الوطنية.
وأوضح صباغ أنه مع انقضاء ثمانية أشهر على اعتماد مجلس الأمن القرار 2585 وتبقي أربعة أشهر فقط على انتهاء ولايته لم نلمس أي تقدم ملحوظ في تنفيذ مشاريع التعافي المبكر جراء غياب الإرادة السياسية لبعض الدول الغربية في تطبيق مضمونه كما لم نشهد حتى الآن تعزيزاً على النحو المأمول للعمل عبر الخطوط رغم التعاون الكبير الذي أبدته سورية وتقديمها تسهيلات كثيرة للأمم المتحدة لدعم تنفيذ أحكامه ولاسيما تلك المتعلقة بتعزيز الوصول عبر الخطوط وتنفيذ مشاريع التعافي المبكر.
وقال صباغ: مقابل تسيير 16 قافلة تتضمن 1261 شاحنة عبر الخطوط خلال شهري كانون الأول والثاني لم تنجح الأمم المتحدة خلال الأشهر الثمانية الماضية سوى بتسيير قافلتين تضمان 28 شاحنة فقط عبر الخطوط إلى الشمال الغربي وذلك جراء عرقلة النظام التركي وأدواته من التنظيمات الإرهابية إيصال المساعدات وتوزيعها لخدمة أجنداته العدائية حيث يمثل هذا النظام الراعي والحامي الأساسي لتنظيم جبهة النصرة وغيره من الكيانات الإرهابية الأخرى المسيطرة على إدلب ومحيطها.
وأكد صباغ أن تحسين الوضع الإنساني في سورية وإعادة الأمن والاستقرار إليها يتطلب تغيير المقاربة السياسية وإجراء حوارات عقلانية مبنية بشكل رئيسي على تحقيق مصلحة الشعب السوري تقود إلى إنهاء الاحتلال الأجنبي التركي والأمريكي والإسرائيلي للأراضي السورية ووقف اعتداءاتهم المستمرة على الأراضي السورية ووقف رعايتهم للتنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية وإغلاق المعسكرات والمخيمات غير الشرعية على الأراضي السورية وإخراج الإرهابيين الأجانب وعائلاتهم من سورية وإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية ووقف المسرحيات الخطيرة التي تهدف إلى إعادة تدوير الإرهابيين وكذلك الرفع الفوري وغير المشروط للحصار الاقتصادي الأمريكي-الأوروبي المفروض على سورية ودعم جهود الدولة السورية لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين الوضع الإنساني وتوفير الخدمات الأساسية.
وفيما يتعلق بالشأن السياسي أوضح صباغ أن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة غير بيدرسون زار دمشق الأسبوع الماضي وأجرى محادثات مع وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد والرئيس المشارك للجنة مناقشة الدستور الدكتور أحمد الكزبري حيث تم وضعه بصورة الإنجازات المهمة التي يتم تحقيقها على صعيد المصالحات والتسويات في درعا ودير الزور والحسكة والمناطق المحررة من محافظة الرقة والتي مكنت عدداً كبيراً من السوريين من العودة لممارسة حياتهم الطبيعية كما تمت الإشارة إلى مراسيم العفو العام التي استفاد منها آلاف السوريين وهي خطوات بالغة الأهمية لا بد من التركيز عليها وعدم تجاهلها.
وجدد صباغ التأكيد على التزام سورية بحل سياسي قائم على حوار وطني سوري-سوري بملكية وقيادة سورية وفي ظل الالتزام التام بسيادتها واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها وتأكيدها أيضاً على تنفيذ مضمون الورقة المرجعية التي تنظم أعمال لجنة مناقشة الدستور وعدم تجاوز أحكامها تحت أي ذرائع مشدداً على أن عمل اللجنة حق حصري للسوريين ولا يحق لأي أطراف خارجية التدخل فيه أو عرقلته أو فرض جداول زمنية له أو خلاصات مسبقة لنتائجه.