عبود فؤاد: الأغنية الجزراوية بحاجة إلى دعم
القامشلي – كارولين خوكز
فنان وكاتب وملحن لا يعرف صوته الحدود ولا الطبقات، فكان خير سفير للأغنية الجزراوية في بلاد الاغتراب، قدّم فناً تراثياً عميقاً في القدم ومعاصراً بحلّة عصرية تجمع كل الأجيال، ولديه العديد من التجارب في مهرجانات محلية وعربية، وحصد العديد من الجوائز، ومن أجمل لحظات حياته وقوفه مع الفنان الكبير الراحل وديع الصافي في قصر الأونيسكو ببيروت في دويتو ثنائي.
وفي لقاء خاص بـ “البعث”، تحدث الفنان عبود فؤاد ابن مدينة القامشلي عن موهبته الفنية وعن اللون الجزراوي، وخاصة الأغنية الماردينية، موضحاً أصل التسمية وأنها من تاج الشمال السوري ماردين، وثقافتها السورية الآرامية وما حولها من مدن، أعطت النور والحضارة والمدنية للعالم، ولو يهيّأ لها ظروف الانطلاق والحاضنة الإعلامية لسحرت العالم، ففي الجزيرة السورية مواهب غنائية متعددة: سريانية، أرمنية، عربية، كردية، آشورية، فهي لوحة واحدة لأرض وسماء تجمع كل هذه الألوان التراثية، مشيراً إلى أصل الموسيقى التراثية المستمدة من سلالم الكنيسة السريانية من كنوز (بيث كاز).
تحدث فؤاد عن موهبته الفنية التي بدأت على مقاعد الدراسة، وبتشجيع من الأهل والاستماع إلى عمالقة الفن العربي قائلاً: منذ طفولتي كنت متأثراً بأسمهان وأم كلثوم وفريد الأطرش. وعن صقل موهبته يتابع: التحقت بالمعهد الموسيقي في القامشلي وتابعت دراستي الفنية بداية في مدرسة الفنان جورج جاجان، ومن ثم انتقلت إلى مدينة الطرب الأصيل حلب، وخلال إقامتي لفترة طويلة تابعت دراستي لدى الأساتذة الموسيقيين نوري اسكندر، ومحمد رجب، وتعاملت أيضاً مع سمير كويفاتي، وبيرج قسيس، وكل هؤلاء أضافوا إلى تجربتي المتواضعة أفقاً في تطوير عملي ومكانتي الموسيقية، بالإضافة إلى دراستي لآلة العود، وانتسبت إلى نقابة الفنانين السوريين فرع حلب، متابعاً حديثه عن ألبومه الأول “مامي مامي”: كان عام ١٩٨٦ من كلمات موفق فؤاد شقيقي الأكبر، لاقت الأغنية شهرة واسعة على مستوى الوطن ودول الاغتراب ثم تتالت أعمالي، مشيراً إلى أن في أرشيفه الفني أكثر من 120 أغنية موزعة في 14 ألبوماً غنائياً.
ولفت الفنان عبود فؤاد إلى أشهر أعماله وهي: “مامي مامي”، “ضائع فالبلاد”، “دمك عسل”، “نيال المصيف”، “البنت تجنن”، وأغنية “أنا السوري” من كلماتي وألحاني قدمتها للفضائية السورية، موضحاً أن الأغنية الجزراوية بحاجة إلى الحاضن وتسليط الضوء والدعم المادي، خاصة وأن لها جمهوراً كبيراً داخل سورية وخارجها، وأن الأغنية الجزراوية هي الأغنية السورية الوحيدة بلا منازع التي تحمل على عاتقها عبء الهجرة وتهتمّ بالمغتربين ووجعهم وآلامهم لما لها من تأثير، وكل بيوت الجزيرة دون استثناء لهم مغتربون، إنه جرح مثل السلك الشائك الذي استطاع أن يمزق شمال الوطن عن جنوبه، منهم من استكان للأمر الواقع ومنهم من هاجر بعيداً تلاحقه الذكرى فيورث لأبنائه ما يعرف عن أرضه وثقافته، ومع هذه الهجرة هاجرت الكثير من أصوات أبناء المنطقة. ويوضح فؤاد سبب عدم انتشار المغني في منطقة الجزيرة على الرغم من أنه يمتلك مقومات أي فنان عربي مشهور، مشيراً إلى الإعلام والقائمين عليه، فلو أعطيت الفرصة للأغنية الجزراوية لسحرت العالم.
ويضيف فؤاد أن تجربة الفنان الجزائري “الشاب خالد” باللهجة المحلية غير المفهومة، والتي حققت شهرة عالية قد لاقت دعماً إعلامياً وأمثلة أخرى، فالأغنية الساحلية أخذت فرصتها في السنوات العشر الأخيرة، ونتساءل: هل الصوت الساحلي يمتلك المقومات أم أنها لاقت دعماً إعلامياً لظهورها على الساحات العربية ثم تصديرها إعلامياً، لافتاً إلى عدم وجود حاضنة للمواهب والأصوات الجميلة إنتاجياً وإعلامياً.
ويفصحُ الفنان عبود فؤاد عن وجعه على وطنه سورية ويقول: رغم أن الحمل ثقيل، لكن أبناء سورية كانوا الوساطة بين الله والإنسان، وستنهض سورية لتبقى أم المدنيات في العالم.