اقتصادصحيفة البعث

السؤال الملح الآن..؟! 

قسيم دحدل

أدت المنعكسات الاقتصادية للأزمة الروسية – الأوكرانية، الملفتة في سرعة نتائجها وأثارها، إلى استنفار الكثير الدول غربا وشرقا، بفعل ما رافقها من ارتفاعات في أسعار الطاقة، ما أدى إلى اهتزاز الأسواق والأسعار العالمية في مجالات النفط والنقل والغذاء والصناعة والتجارة..

فعلى سبيل المثال لا الحصر، وصل سعر خام برنت إلى 105 دولارات للبرميل، ووصلت تكلفة الشحن – مثلا – لـ” كونتنر” 40 قدم من اليابان وكوريا أو السويد، إلى شرق البحر المتوسط  إلى أكثر من 16 ألف دولار، الأمر الذي يتطلب بدء إعادة النظر في حسابات تكاليف الشحن والنقل..، ناهيك عن حسابات  تكاليف الغذاء وأثار ارتفاع أسعاره أيضا..نتيجة لاختلال سلاسل التوريد..

ووفقاً لخبراء، إن ما دام هذا الحال على ما هو عليه لأكثر من ثلاثة أشهر، فالمتوقع حدوث ” كوارث” اقتصادية قوية، ومع ارتفاع درجات التوتر تزداد حالة عدم اليقين، نظرا لموقع النزاع والقوى الداخلة فيه ومخاطر توسعه وامتداداته، وحالة عدم اليقين بدورها تؤثر في الاقتصاد العالمي مضيفة مخاطر إلى التطورات الاقتصادية ورافعة أحجام أخطاء التوقعات الاقتصادية، حسب ما يرى الخبراء أنفسهم..

هذا باختزال قراءة سريعة لما هو عليه واقع الحال عالميا، واقع وعلى مستوى انعكاساته المحلية كان له أثارا مباشرة وسريعة أيضا وأولها ارتفاعات غير مبررة في الأسعار وما فاقمها من مظاهر قلق تبدت بعمليات تموين غير منطقية من قبل المقتدرين للمواد الأساسية، لاسيما وأن حكومتنا نفسها لم تخفي في اجتماعها مع الصناعيين والتجار محدودية الموارد من القطع الأجنبي، وإعلانها – وربما هنا كان خطأها – أن هذا يتطلب ترتيباً واقعياً للأولويات والاحتياجات الأساسية للسلة الاستهلاكية ومتطلبات العملية الإنتاجية، وتأكيدها أن استقرار سوق الصرف وضمان دوران العملية الإنتاجية مسؤولية مشتركة للحكومة وقطاع الأعمال.

عودا على بدء، لعل تمديد الحكومة لمهل إجازات الاستيراد لكل من التجار والصناعيين إلى الضعف يرجع لحسابها تكاليف شحن المستوردات، بعد ما طرأ من ارتفاعات كبيرة، وتحسبها بإعطاء التجار والصناعيين فسحة زمنية أوسع لعقد صفقاتهم وتأمين مستلزماتهم بأسعار مناسبة. لكن هذا لم يشفع لها، فقد سبق جنون الأسعار ما أفترض أنه تدبير مسبق..!

والسؤال الُملح الآن: ماذا ستفعل الحكومة إن – لا سمح الله – استمرت الأزمة وأرتفع منسوب مخاطرها وتحدياتها الاقتصادية والنقدية..؟

وبانتظار أن نسمع الرد المُطمئن، نؤكد أن على الحكومة استنفار قطاع المال والأعمال الوطني المقيم والمغترب إقليميا وعالميا، للعمل على تأمين متطلبات السوق المحلية من خلال إيجاد شراكات فاعلة، تقدم فيها الحكومة كل التسهيلات والمحفزات الكافية لتأمين انسياب السلع والمنتجات الاستهلاكية والإنتاجية، وبالحدود التي تحصَن الاقتصاد والسوق الوطني من أية مطبات وهزات مؤثرة.

وعلى الصعيد الإعلامي، نجد أن عليها دراسة خطابها ورسالتها الإعلامية بدقة وحذر، كون الرأي العام الأغلب حساس جدا تجاه أية معلومة تعلن، وقد يفهما على عكس المُراد منها، وهذا ما شهدناه بعد تصريحاتها الأخيرة، رغم ما فيها من تطمينات وتأكيدات..!

تطمينات يجب أن يدرك المواطن السوري أنها حقيقية، وأن حلف مشاريع “ربط البحور الخمسة” و”الحزام والطري” وغيرهما سينتصر، وسيعيد إصلاح التاريخ والاقتصاد العالمي، وأن هذا ما يرعب الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، ولذلك تفتعل بأدواتها ما تفتعله من أزمات وحروب وثورات ملونة.

Qassim1965@gmail.com