ثقافةصحيفة البعث

اللغة العربية واليوم العالمي للشعر في مكتبة الأسد

اللغة هوية المرء ووطنه الحقّ، فهي حاضن تراث أمته وقيمها وخصائصها، لذا نرى تكالب الأعداء على لغتنا العربية بعد أن أدركوا أنها المقوّم الوحيد الذي ما زال صامداً من بين سائر مقومات عروبتنا الأخرى التي صدّعتها ضربات الغزو السياسي والثقافي الهادفة إلى تفريق هذه الأمة وتشتيتها كي لا تقوم لها قائمة، من هنا، ومن أمكنة كثيرة، تأتي أهمية الحفاظ على العربية، فضياعها يعني ضياع عروبتنا وهويتنا ووطننا.

وللشعر عند العرب أهمية كبرى منذ القدم، وكان محطّ إعجاب كبير، لذا أنزلوه أعلى المراتب، وأضحى ديواناً يصون اللغة، وعدّه علماء النحو مصدراً رئيسياً من مصادر تقعيدهم، ووضعوا شروطاً عدة للاحتجاج بالشاهد الشعري، وعليه، يمسي الحفاظ على الشعر والشعراء حفاظاً على اللغة بحدّ ذاتها.

وانطلاقاً من هذا المنظور أقامت وزارة الثقافة  – اللجنة الفرعية للتمكين للغة العربية والهيئة العامة السورية للكتاب – احتفالية بأعياد اللغة العربية وباليوم العالمي للشعر في مكتبة الأسد الوطنية بدمشق. واستهل الحفل بافتتاح معرض لإصدارات الهيئة العامة السورية للكتاب، تلاه مهرجان للشعر شارك فيه قامات من شعراء سورية، هم: إبراهيم عباس ياسين ود. ثائر زين الدين ود. راتب سكر ورضوان السح وصقر عليشي وصالح سلمان وليندا إبراهيم ود. نزار بريك هنيدي، الذين أمتعوا الحضور بباقة من أشعارهم، رافقتها نغمات آلة القانون التي عزفتها المبدعة ديمة موازيني.

وعلق د. ثائر زين الدين مدير عام الهيئة العامة السورية للكتاب على هذه الاحتفالية بالقول: هذه الفعالية تقيمها وزارة الثقافة –الهيئة العامة السورية للكتاب ولجنة تمكين اللغة العربية- إحياءً لأعياد اللغة العربية ومن بينها عيد اللغة العربية واللغة الأم وعيد الشعر العالمي، الذي يصادف في الواحد والعشرين من هذا الشهر، فارتأينا أن نجمع هذه الأعياد معاً وقرّرنا أن نحتفي بها في احتفالية تليق بذلك، وعليه افتتحنا معرضاً للكتاب يضمّ ما لا يقلّ عن أربعمئة عنوان، وركزنا فيه على الكتب التي عالجت قضايا اللغة، بالإضافة إلى كتب أخرى في الشعر وفي الأدب، لأنها تصبّ في النهاية في خانة تمكين اللغة العربية.

وعن الكتب الشعرية المعروضة لفت د. راتب سكر إلى أنها تضيف للقارئ بعداً معرفياً وبعداً وجدانياً، والبعد المعرفي يستلهم تفاعلات اجتماعية وثقافية تغني الهوية العربية بالتفاعلات الإنسانية العالمية بمختلف الآفاق الإنسانية العامة، وقال: إن “اللغة العربية تمرّ بمرحلة عسيرة بسبب تراجع الاهتمام بها، ولكنها ستبقى محافظة على قيمتها، كونها المكوّن الأساسي للهوية العربية، وهي الأقوى في حفظ تراثنا والأقدر على تخطي حاجز اللهجات المتعدّدة، للتواصل الفاعل بين الشعوب الناطقة بها”.

أما الشاعرة ليندا إبراهيم فقد أكدت أن قراءة الشعر تساعد على تطوير الخيال وتفتح مجالاً للإبداع، فالنجاح برأيها “يرتبط ارتباطاً وثيقاً بخيال الإنسان، لذا نلاحظ أن أغلب الأشخاص الذين يملكون خيالاً خصباً تمكّنوا من اختراع أهم الإنجازات العلمية التي مازلنا نستخدمها إلى يومنا هذا”، وأشارت إلى أن اللغة العربية “تمرّ بمأزق حقيقي لمزاحمة اللغات الأجنبية لها، ولكنها على الرغم من هذا الزحام ستبقى محافظة على قيمتها، كونها لغة القرآن، وأنها اللغة التي أبهرت العالم بفصاحتها وسهولة التعبير بها”.

لكن عدد الحضور القليل اليوم – على الرغم من القامات العالية الحاضرة – يشهد بأن هناك تراجعاً كبيراً في عدد الغيورين على اللغة العربية، وخاصة بين الناشئة، وهذا من بواعث القلق الشديد، ما قد يدعونا أو يوجب علينا اتخاذ مقاربات جديدة لحلّ هذه المشكلة ورأب الصدع بين العربي ولغته.

علاء العطار