كنان أدناوي: الأولوية في كتابتي الموسيقية للعود
افتتاحية “من أوغاريت” التي عُزفت بأسلوب تقني صعب، وحملت بعداً أسطورياً بلحن يعكس الروح الشرقية، موزّعة على بعض الآلات الشرقية والغربية مع الإيقاعيات وحضور الإكزلفون والساكسفون، كانت مدخلاً لتعريف الجمهور بتطور مشروع كنان أدناوي، ليكون العود نواة هذه المجموعة التي قدّمت ارتجالات وتقاسيم منفردة في مواضع، وأظهرت العلاقة بينها وبين العود في مواضع أخرى، في الأمسية المختلفة من حيث الكتابة والبرنامج على مسرح الدراما في الأوبرا. إذ قدّم أدناوي مجموعة من مؤلفاته التي تضمّنت مقتطفات من التراث في بعضها، ووشى عنوانها بخاصية اللحن، ففي مقطوعة “وتر” كانت البداية مع الصوت الرخيم لصولو التشيللو ثم القانون مع مرافقة الضربات الإيقاعية الخافتة والكمان ببعض التفاصيل، ليأخذ العود دوره بطابع لحني هادئ، ثم يعود التشيللو بنغمات من روح اللحن وتأتي القفلة الجماعية.
الوقت والساكسفون
واختلفت أجواء الأمسية مع مقطوعة “الوقت” المعبّرة عن الزمن المتلاحق، بجمل موسيقية سريعة تخللتها الفواصل الإيقاعية مع العود، وتتميّز بدور الساكسفون (دلامة شهاب) بتوظيف قدرات الأبعاد الصوتية للآلة بلحن يمزج بين الامتدادات والانعطافات، تلتقي مع نغمات الإكزلفون البراقة (علي أحمد).
توزيع جديد
والجديد أيضاً الذي قدّمه أدناوي هو عزف مقطوعته الشهيرة “الطريق إلى دمشق” بتوزيع جديد على آلات المجموعة، فبدت بانطباعات أجمل. وكونها تعكس عراقة وحضارة دمشق فقد دمج فيها بين أسلوبي العزف الطربي والتقني بإدخال الإكزلفون والساكسفون مع آلات التخت الشرقي، فأضفت أبعاداً جميلة للحن الأساسي من مقام العجم، وأفرد فيها مساحة للارتجالات من مقام الرست، كما تضمنت التراث بالانتقال إلى “ياطيرة طيري يا حمامة” ثم “طال المطال”، فأخذ العود صوت الغناء، ثم العودة إلى اللحن الأساسي وحضور الكمان بفاصل رقيق.
المقطوعة الرومانسية كانت “حكاية حبّ”، إذ سردت بالتفاصيل الموسيقية تخيلات يقرؤها المتلقي من زاوية ما وفق رؤيته، فبدأت بنغمات جمل قصيرة للعود تومئ بالبدايات العاطفية، لتمتد ألحان العود بجمل طويلة مع مرافقة التشيللو والكمان وتأثير القانون.
واختُتمت الأمسية بمقطوعة “حلم” بضربات الصنجات القوية مع العود والقانون، ثم يلتقي العود مع الساكسفون والمؤثرات الإيقاعية واللحنية البراقة، ليمضي اللحن مع العود بعزف بتكنيك عالٍ ومرافقة التشيللو والقوس على الكونترباص.
تقنية مختلفة
وقد دلّ تفاعل الجمهور على تطور الثقافة الموسيقية بمتابعة عزف العود بأساليب ومدارس مختلفة، وتخللت الأمسية تقاسيم بالعزف المنفرد لأدناوي، الذي أوضح في حديثه لـ”البعث” أنه بدأ بتقاسيم النهاوند، وتضمنت مقطعاً من أغنية لفيروز من مقام البيات ثم عاد إلى النهاوند وقدم مقطوعة من مؤلفاته للعود المنفرد، وتابع: تقنياً تختلف عن بقية مقطوعات البرنامج كونها كُتبت للعود من حيث الكتابة وتكنيك اليد اليمنى كريشة واليسرى كتقنية. والأولوية بالنسبة إليّ للكتابة الموسيقية للعود كونه اختصاصي الأساسي، ورغم أنني كتبت مقطوعات لبعض الفرق والمجموعات الموسيقية والأوركسترا والكورال، لكن العود في أمسياتي يكون له الأولوية بكل شغلي.
ملده شويكاني