اقتصادات العالم مستمرة بتلقي تداعيات الأزمة الأوكرانية.. “الفاو”: أيام قادمة صعبة
دمشق – البعث
تستمر اقتصادات العالم بتلقي تداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا لحظة بلحظ، فالمتتبع لمؤشرات الأسواق سرعان ما يلحظ تغيراتها المتناغمة مع كل خبر عسكري أو سياسي يرد من شرق أوروبا وغربها.
وإذا ما بدأنا بالذهب التي شهدت أسعاره – ولا تزال – ارتفاعات متتالية، يتبين من خلال آخر تحديث لأسعاره تجاوز الأونصة حاجز الـ2000 دولار، لتصل إلى 2004.80 دولار بالضبط، علماً أن السعر في المعاملات الفورية كان قد بلغ 1986.83 دولار للأونصة، مرتفعاً بذلك إلى أعلى مستوى له منذ 19 آب 2021 مسجلا 2000.69 دولار في وقت سابق من اليوم، وذلك مع إقبال المستثمرين على هذا الملاذ الآمن في أعقاب الأزمة الروسية الأوكرانية المتصاعدة في الوقت الذي دفعت فيه مخاوف من توقف الإمدادات البلاديوم إلى أعلى مستوياته على الإطلاق.
وفيما يخص المعادن الأخرى فقد ارتفع البلاديوم 4.3% إلى 3130.16 دولار للأونصة بعد أن سجل أعلى مستوى له على الإطلاق عند 3172.22 دولار في وقت سابق من الجلسة. وارتفعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.4% إلى 25.76 دولار للأونصة بينما قفز البلاتين 2% إلى 1143.47 دولار.
أما إذا ما تحدثنا عن النفط، فسنجد مستجد آخر يلعب دوراً بقفز أسعاره إلى أعلى مستوى لها منذ 2008، حيث يفرض التأخير في اختتام المحادثات النووية الإيرانية نفسه على المشهد، ولاسيما لجهة التأخير في احتمال عودة الخام الإيراني إلى الأسواق العالمية التي تعاني بالفعل من تعطل الإمدادات الروسية، وبناء عليه ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 12.2 دولار أو 10.4% إلى 130.3 دولار للبرميل، بينما ارتفع خام تكساس الأميركي 10.70 دولار أو 9.3% إلى 126.3 دولار، مع الإشارة هنا إلى ارتفاع كلا الخامين في الدقائق القليلة الأولى من التداول يوم الأحد إلى أعلى مستوى لهما منذ تموز 2008 حيث بلغ برنت 129.13 دولار للبرميل وخام تكساس الأميركي 130.50 دولار.
يأتي ذلك في وقت دقت فيه منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو” ناقوس الخطر من خلال تقريرها بأن الأيام القادمة ستكون صعبة على دول العالم خاصة مع تسجيل أسعار الغذاء ارتفاعا قياسيا في شباط بنسبة قاربت 28%، فموجة ارتفاع الأسعار تهدد 52% من واردات مصر على سبيل المثال، الأمر الذي صعد بأسعار الخبز السياحي والذي يعرف بغير المدعوم بنسبة 50% فيما تعاني دول مثل سورية ولبنان من مزيد من الارتفاع على أسعار المواد الغذائية الأولية خاصة المنتجات المتعلقة بالبذور.
كما أن تداعيات الحرب لا تتوقف عند الغذاء والطاقة، فالحرب تهدد تراجع السياحة الروسية في المنطقة العربية في ظل ارتفاع التكلفة خاصة مع تصاعد العقوبات وتدهور الروبل، لكن بالمقابل تعد روسيا شريكاً قوياً للأسواق العربية مما يفتح الأبواب أمام فرص لجذب استثمارات الأثرياء الروس خلال السنوات القادمة مع غلق أوروبا أبوابها أمامهم.
على المستوى المحلي، تشهد الأسواق السورية ارتفاعات متتالية بأسعار السلع والمواد الأساسية مترافقة مع حالات احتكار غير مسبوقة وخاصة لمادة الزيت، ما حدا بوزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بإجراء مناقصة لاستيراد 25 ألف طن من الزيت بمعدل 25 مليون عبوة سوف تطرح في السورية للتجارة فور وصولها.
اللافت في المشهد العام للاقتصاد السوري، أنه ورغم تأثره بالأزمة الروسية الأوكرانية، مثله مثل باقي الاقتصادات العالمية على الأقل لجهة ارتفاع أسعار الطاقة وأجور النقل، إلا أن ثمة مواد لم يتم استيرادها من أوكرانية منذ سنوات – كالأعلاف على سبيل المثال – سرعان ما رُفعت أسعارها بذريعة الأزمة، وكذلك الأمر بالنسبة للرز الذي يتم استيراده من دول أخرى، ما يعني أن كبار المستوردين خارج إطار الرقابة التموينية، أو أنهم متواطئون مع بعض المفاصل التنفيذية..!