في ندوة “ثورة آذار والتجدد المستمر”: مشروعية الثورة تزداد مع كل إنجاز يتحقق على أرض الواقع
دمشق- بشار محي الدين المحمد:
بمناسبة الذكرى التاسعة والخمسين لثورة الثامن من آذار المجيدة، استضافت دار البعث ندوة تحت عنوان”ثورة آذار والتجدد المستمر”، وذلك بدعوة من اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني، ومؤسسة القدس الدولية- سورية، وتحالف القوى والفصائل الوطنية الفلسطينية.
وشددت المداخلات على محورية ثورة الثامن من آذار في تاريخ سورية المعاصر، وأهمية توضيح مصطلح الثورة الذي يتعرض اليوم للاستهداف الممنهج بل وحتى للإسقاط من مصطلحات علم الاجتماع السياسي نحو مجالات أخرى جديدة مغايرة لمفهوم الثورة، كثورة المعلومات وثورة التكنولوجيا الرقمية، وظهر استبداد غير مسبوق في استخدام المفهوم من قبل القوى المضادة، وقامت القوى الرجعية والمتآمرة، التي كانت الجماهير تثور عليها، بمصادرته وسرقته وإلصاقه زوراً بقوى ما يسمى بـ “الربيع العربي” وجعله مصطلحاً بائداً تحت المصادرة، وأكد المتداخلون أن روح الثامن من آذار ما زالت مستمرة فنحن اليوم لا نقف ضد الإرهاب والتكفير بل نقف أيضاً ضد قوى القطب الواحد والليبرالية الحديثة والقوى الرجعية.
الدكتور صابر فلحوط اللجنة الشعبية العربية السورية لدعم الشعب الفلسطيني ومقاومة المشروع الصهيوني استهل الحديث بالتأكيد على قدسية مناسبة الثامن آذار لدى جميع المناضلين والأحرار داخل الوطن وعلى الساحتين العربية والدولية، حيث استطاع حزب البعث أن يطلق سهماً تجاوز الستين عاماً من التطور والبناء والصمود، وبين الدكتور صابر فلحوط أن حزب البعث العربي الاشتراكي سعى وعمل لتحقيق مشروع وطني استراتيجي قومي عروبي وأن مشروعية ثورة الثامن من آذار تزداد مع كل إنجاز يتحقق على أرض الواقع ولا يمكن أن نتحدث عنها كجزء من الماضي.. بل هي ماض يمتد إلى حاضر ويستمر للمستقبل. مشيراً إلى أن سورية هي البلد الوحيد الذي انتزع كلمة “بيان رقم واحد”على مستوى الوطن العربي، ففي العام 1963 وبعد مضي شهر واحد على انطلاق ثورة الثامن من آذار نطق الرفيق سليمان حداد بهذا البيان عبر أثير إذاعتي دمشق وحلب، وكانت الثورة تختلف عن غيرها من الثورات، فثورات بلادنا بلا دماء كميزة أساسية تعتمد الفكر مختلفة عن كل ثورات البلدان الأخرى.
بدوره الرفيق سليمان حداد تحدث عن أهمية إحياء هذه الذكرى حتى وإن كانت غير مهمة للبعض، لكونها مبادئ أساسية وتاريخ حافل، فهي الواقعة والحقيقة التي نبعت من فكره مع فكر رفاقه الشبان الذين خرجوا من القرى الفقيرة المعزولة ليضعوا مبادئ البعث والثورة بعد أن تعلموا مبادئ الوحدة والحرية والاشتراكية، وبدأ الحزب عمله انطلاقاً من محبة الناس وبدأت تجربة الثامن آذار كربيع متجدد، وستبقى ذكراها مهما عانينا ومهما تقدمت السنين ومهما زاد التآمر على سورية، أو تهدمت الجدران واحترقت الأشجار في وطننا، في ضل صم العرب لآذانهم عن سماع آهاتنا، فبالرغم من ذلك فإن المحن تصنع الرجال وكل مواطن شريف سيزداد تعلقه بالوطن، وسننتصر كما انتصرت جميع الدول التي عانت المحن وانتصرت.
ولفت حداد إلى أن سورية كانت أنشودة العرب وما زالت وهي الوطن ولا وطن بلا روح، وإن الغرب وأمريكا لا يدافعون عن حقوق الشعب السوري مهما ادعوا ذلك بل لديهم استراتيجيتهم وأهدافهم الأمبريالية.
من جانبه بين المدير العام لمؤسسة القدس العربي- سورية الدكتور خلف المفتاح أن البعث ليس حزب بل هو فكر وقضية وفلسفة حياة بدأت حتى قبل إعلان ولادة الحزب بعدة سنوات عندما اجتمع المناضلون ووضعوا مبادئه الأساسية، فهو حزب ليس لجماعة أو مجموعة بل للعرب جميعاً رغم أن ولادته القطرية انطلقت من هنا.
وتابع المفتاح إن الوحدة بين سورية ومصر نتاج إرادة البعث بحكم حضوره على مستوى الساحة العربية فدمشق كانت الجامعة للفكر القومي وقلب العروبة النابض، أما بالنسبة لما حدث في العام 1961 لم يكن نكسة انفصال بل كان انقلاباً على الشرعية، لأن الوحدة بين سورية ومصر تمت بعد إجراء استفتاء لشعبي البلدين، وليس بإرادة منفردة من جمال عبد الناصر وشكري القوتلي، وثورة الثامن من آذار لم تكن ضربة للانفصال بل كانت إعادة للشرعية التي تم الانقلاب عليها، أما الحركة التصحيحية فقد نقلت البعث من شرعية الثورة والإنجاز إلى الشرعية الدستورية وبناء دولة المؤسسات.
ونوه المفتاح إلى أن أهداف الحزب الأساسية بقيت ثابتة، وبقي الحزب يسعى لتحقيق الوحدة العربية سواء مع مصر وليبيا، أو مع الأردن، أو مع العراق، وبالرغم من التآمر على تلك المحاولات ما زال هذا الهدف من ثوابت الحزب حتى اللحظة، وحتى في ظل صعوبة الوضع العربي الآن فدول كثيرة حققت الوحدة كألمانيا التي كانت أكثر من 300 إمارة، أو إيطاليا التي كانت 80 إمارة وتوحدتا عند وجود الإرادة الحقيقية.
وتحدث الرفيق الدكتور عبد اللطيف عمران مبيناً أن الثامن آذار مناسبة وليست ذكرى، فالذكريات مكانها الآرشيف وعلينا بيان هذه الفكرة للأجيال الجديدة التي تكاد تغيب عنها تلك المناسبات، وتكاد أن تصبح طي النسيان، وذلك عبر تقديم الخطاب المناسب والسرديات المقنعة لهذه الأجيال بأنها مناسبات كأية أعياد يتم الاحتفال بها في مجتمعاتنا. مشيراً إلى أنه في حال بقينا في ذات الإطار الأرشيفي فهذا سيشكل كارثة لأن الجيل الناشئ إن عاد إلى الأرشيفات لاستحضار الذكرى فهذا يعني أنه قد يصل إلى أفكار مؤرشفة تناقض فكر الحزب.
ونوه الدكتور عمران بالسرديات التي يتم تقديمها اليوم في ظل ثورة المعلومات والاتصالات حول التاريخ والواقع النضالي للشعب العربي السوري، ولحزب البعث العربي الإشتراكي، التي يتم تقديمها للجيل الطالع، والتي عليها أن تواجه السرديات المضادة لما جرى ويجري الآن، موضحاً كيف أن روح الثورة وأهدافها ما تزال مستمرة مع القيادة الحكيمة والشجاعة للسيد الرئيس بشار الأسد. مؤكدا على ضرورة الإجابة على التساؤل الهام حول ماهية الخطاب الذي يجب توجيهه الى الجيل الجديد، والعمل منهجياً لإقناع الجيل الطالع أن الحديث في المناسبات الوطنية التي هي ليست ذكريات بل نقدمها لهم بأنها أعياد وطنية يجب استلهامها لتعزيز صمود سورية وانتصارها.