يوم المرأة العالمي والمساواة الإنسانية
غالية خوجة
لا تكفي كلّ ورود الغابات النادرة لأقدّمها لكل إنسان مؤنث في يوم المرأة العالمي، ولا تكفي نبضات القلوب لتصافح قلب كل أنثى في هذا اليوم وكلّ يوم، سواء كانت أمّاً أو بنتاً أو أختاً أو زوجة أو خالة أو عمة أو حفيدة ستكمل الرسالة الإنسانية في المستقبل القريب.
وبعيداً عن هذه الورود والشموع والاحتفالات الشكلية، نتساءل: ماذا يقدم كل ٌّمن القانون والمجتمع للمرأة؟ وهل نالت المرأة حقوقها كإنسان لا كامرأة؟.
عادة، ما يحتفي العالم بالمظلومين في الأعياد العالمية، مثل المرأة والطفل، للتذكير بإنسانية هذا المخلوق وتفعيل المغزى الجوهري ليوم الاحتفال، ولاسيما المرأة التي لا تريد المساواة بالرجل، بل تريد للمرأة والرجل التساوي الإنساني، لأن كلّ من عمل خيراً من ذكر أو أنثى فهو له، ومن أساء فلنفسه وعليها، وتبعاً لهذه القاعدة الذهبية، أقترح أن يتمّ تعديل القوانين إنسانياً من الناحية الأسرية في حالات الطلاق والانفصال ضماناً للمرأة كإنسان، وضماناً للأطفال الناتجين عن الزواج ثم الانفصال ليكونوا مستقرين مع أمهم وهو أضعف الإيمان، بحيث لا يحدّد القانون سناً معينة للبنت أو الولد ليأخذه الأب الذي لم يحمل به 9 أشهر، ولم يرضعه، ولم يشعر بذاك الترابط الذي بين حمله وفصاله عامين.
لا يتساوى الذكر مع الأنثى بالحمل والرضاعة والمسؤوليات الأخرى تجاه الأبناء.. إذن، لماذا لا يتغيّر القانون لمصلحة الإنسان والمجتمع لكي لا يسود الظلم والجهل واللاوعي، ويصبح المستقبل أكثر ظلامية مع جيل ناشئ عن انفصال لم تحكمه القوانين لمصلحة الإنسان والمجتمع والوطن، ولو كنّا فعلنا ذلك، لخفّت وطأة الحرب العشرية الإرهابية.
لماذا القانون ذكوري وليس إنسانياً على كافة الأصعدة، ولاسيما الخاصة بشؤون الأسرة؟ ولماذا لا يتمّ تشريع قانون لا يترك المرأة في الشارع بعد الانفصال حتى بعد 70 سنة زواج؟ ولا يترك الأبناء ريشة في مهب التفكّك الأسري والظلم والجهل؟ ولا يترك المجتمع في ظلمات يجب أن تُضاء بقليل من التفاعل الإنساني فيما لو تمّ التعديل القانوني، ما ينعكس على الوعي المنفتح المضيء لكل إنسان في هذا المجتمع، طفلاً، أنثى، ذكراً، وهذا يعني الاقتراب من الخط البياني البنائي للذات الإنسانية والمجتمع والوطن والمستقبل، والابتعاد عن العادات والتقاليد المظلمة الهدامة للذات الإنسانية والمجتمع والوطن والمستقبل.
ولنتساءل: لماذا الغالبية تقلّد العالم الآخر بالسلبيات ولا ننتبه إلى الإيجابيات، مثل التشاركية في الحياة، ومنها التشاركية مادياً، فلا تكون الأملاك المنقولة وغير المنقولة إلاّ تناصفية بين الزوج والزوجة، وثانياً، لا بد من يوم عربي وسوري للأخوة لكي لا تتفكك الأواصر والروابط العائلية، بل لتزداد تلاحماً ومؤازرة وبناءً، خصوصاً في زمننا الذي جعل الابن يتخلّى عن أمه وإخوته وعائلته، وجعل الابنة تهتمّ بزوجها وأولادها وتتناسى والديها!
وللقارئ أن يمشي في الشوارع ليكتشف بلمحة المرأة التي تستعطف الناس، والمرأة العجوز التي تحمل حاجاتها وتمشي بصعوبة، أو متكئة على عصاها، كما نلمح رجلاً عجوزاً بقلب حزين يحكي عن فقده لأبنائه، أو ضياعهم في الغربة والمهجر، بينما هو يعيش ذكريات طفولتهم وآثار خطواتهم في كل مكان.
المرأة ليست بحاجة ليوم عالمي لتحتفل به، بل هي بحاجة ضرورية للتراحم الأسري والعائلي والمجتمعي والقانوني، لتشعر بأنها إنسان كامل خلقها الله بأحسن تصوير، لها كرامتها وعزتها ووجودها الطبيعي، وكيانها الذي يساهم مع الإنسان المذكر في بناء الذات والمجتمع والوطن، فهل من مدّكر بأن بناء الإنسان الكامل لا يكون في ظل مجتمع ناقص وقانون ناقص؟!