الدكتور جودت إبراهيم يبحث عن الباحث الأدبي
البعث – نزار جمول
ما زالت رابطة الخريجين الجامعيين بحمص تختصر المسافات بين أدبائها والمتلقي من خلال أبحاثها ومحاضراتها القيّمة، ومن هذا المنطلق قدّم الدكتور جودت إبراهيم، وهو أحد أعضاء هذه الرابطة وأستاذ جامعي مخضرم في كلية الآداب بجامعة البعث وعضو في مجلس اتحاد الكتّاب العرب، محاضرة بعنوان “الباحث الأدبي من هو؟”، بحضور جمهور من المثقفين ملأ صالة الرابطة.
وأكد إبراهيم مع انطلاق محاضرته أن المنهج هو طريقة من الطرائق التي يسلكها الإنسان بغضّ النظر عن كونه كاتباً أو باحثاً أو عالماً للوصول لهدفه بالبحث عن الحقيقة، مبيناً أن الباحثين الغربيين اهتموا بمنهج البحث منذ القدم، أما الجامعات العربية فلم تبدأ الاهتمام بالبحث إلا في خمسينيات القرن الماضي، واعتبر أن المنهج قدم للباحث تسهيلات متعدّدة ووفر عليه الكثير من الجهد والعناء، وأن الإنسان تقدم بخطاه بوجود حضارته وثقافتها، مصوراً من خلالها صوراً عديدة للمعرفة والعلم، ولا يمكن لأي كان أن يتعرف على الحضارات الأولى في سورية وبلاد ما بين النهرين ومصر والصين على سبيل المثال من دون منهج ومناهج.
وركز إبراهيم في محاضرته على أهمية البحث ومنهجه، موضحاً أن القرن السابع عشر يعدّ من العصور المهمّة في مجال البحث بعد أن برز فيه علمان كبيران “بيكون 1561- 1626″، “وديكارت 1596- 1650″، وهما اللذان نصَّا على طريقتين في العلم والصرف “الاستدلالي في الرياضيات والتجريبي في الطبيعيات”، وليبلغ الأمر إعلاء مكانة المنهج “الطريقة”، وليقول ديكارت “خيرٌ للإنسان أن يعدل عن التماس الحقيقة من أن يحاول ذلك من غير منهج”. واعتبر إبراهيم أن البحث في الأدب علمٌ أيضاً له ما له، وكما كان في العلم “نظرية تطور” يمكن أن يكون مثلها في الأدب، وكما كان في العلم “البيئة والجنس والعصر” يمكن أن يكون في الأدب كذلك. وبيّن أن بحث الماجستير هو عبارة عن رسالة أو أطروحة علمية، والدكتوراه هي أعلى الشهادات الجامعية، وهذا يؤدي إلى الشدّة في الطلب والدقة في الحساب ويسمّى البحث بالرسالة أو الأطروحة، مؤكداً أن أهم شروط الباحث تكمن في “الرغبة، الصبر، الحافظة والذاكرة، الربط، الشك، التثبت، الإنصاف، الموضوعية”.
وتوصل إبراهيم في نهاية المطاف إلى أنه لا بدّ للباحث من أن يكون موضوعياً ويسمو بنفسه عن أن تضعف هذه النفس إزاء هذا العرض أو ذاك، لأن الحقيقة ستبقى أكبر من كل شيء، والإنصاف أن تعطي كل ذي حق حقه، فالباحث يدرس مقولات الآخرين ولكنه ينصفهم بقول الحقيقة بردّ القول لصاحبه.