الفلاح أَولى بالدعم من أشباه التجار والصناعيين!
حسن النابلسي
مواقف عدة – لسنا بوارد ذكرها في هذه العجالة – أثبت خلالها قطاع الأعمال أنه “بلا أعمال”، ولاسيما على صعيد الإنتاج الصناعي، ومع ذلك، لا يزال يطالب بمزيد من دعم التجارة والصناعة.. والنتيجة: لا استثمارات تحقق قيما مضافة، ولا تأمين للمواد بأسعار منطقية، سواء ما يُنتج منها محلياً – وأسعار القهوة مثال على ذلك – أم ما يستورد منها – وأسعار مادة الزيت مثال آخر -.. مقابل تضخيم ثروات من استساغوا الريعية من أشباه تجار وصناعيين.. مع الإشارة هنا إلى وجود مناطق صناعية تحظى بتيار كهربائي على مدار الساعة دون انقطاع حتى أيام العُطل من خلال اشتراكها بالخط الذهبي حيث يُسعّر الكيلو واط ساعي بـ 375 ليرة سورية، تُحمّل بالنهاية على فاتورة المستهلك لما تُنتجه هذه المناطق!
إن القطاع الذي يتطلب الدعم الحقيقي هو الزراعة لاعتبارات عدة، يتصدرها تداعيات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا على الأمن الغذائي العالمي، وبكل تأكيد، الاقتصاد السوري ليس بمنأى عنها، ما يستوجب بالتالي إعطاء مزيد من الزخم للبنية الإنتاجية الزراعية، وأن يكون هدف الحكومة الوصول بالبلاد إلى حد الاكتفاء الذاتي غذائياً..!
ثاني الاعتبارات.. إن دعم الإنتاج الزراعي عادة ما ينعكس على تفعيل الإنتاج الصناعي، من خلال التصنيع الزراعي الكفيل، بالمحصلة، بتحقيق قيم مضافة للمحاصيل الزراعية في حال تصديرها، هذا فضلاً عن أن توفر الإنتاج الزراعي ينعكس بالإيجاب على المستهلك.
الاعتبار الثالث.. الفلاح دائماً هو الحلقة الأضعف لجهة المردود، وبذات الوقت هو الحلقة الأقوى لجهة الإنتاجية، ورغم ذلك فإن الجدوى الاقتصادية الحقيقية للأخيرة “أي الإنتاجية” تذهب لسماسرة أسواق الهال ممن يصنفون جزافاً بـ “تجار” على حساب المُنتِج الفعلي.. ونجزم بعدم وجود من ينكر تعرّض الفلاحين على مساحة الجغرافية السورية لخسارات كبيرة بين موسم وآخر، نتيجة اضطراره لتسويق منتجاته – في كثير من الأحيان – بأبخس الأسعار لسمسار يُتقن استثمار الظروف، ليسوّقها بدوره إلى المستهلك بأسعار مضاعفة.. ما يعني بالخلاصة أن الدعم يجب أن يذهب للفلاح وليس لأشباه التجار والصناعيين، ولاسيما إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن القطاع الزراعي سيسد فجوة كبيرة من الاستيراد في حال تم وضع خطط زراعية تحدد حاجة البلاد من المحاصيل وفقاً للمقومات الطبيعية والمناخية لكل من منطقة.
أخيراً.. تجدر الإشارة إلى مفارقة مستهجنة مفادها إحداث “المجلس الأعلى للسياحة”، وإلغاء “المجلس الأعلى للزراعة”.. وبغض النظر عن صحة مبررات إلغاء الأخير أو عدمها لدى اتخاذ قرار الإلغاء منذ أكثر من عقد على ما نذكر.. ألا تستوجب الظروف الحالية إلغاء الأول وإعادة الثاني؟!
hasanla@yahoo.com