الذكاء الاصطناعي يرمم نصوصاً تاريخية بدقة متناهية
أتاحت تقنية للتعلم العميق بالاستناد إلى الذكاء الاصطناعي استعادة نصوص يونانية قديمة من القرن الخامس قبل الميلاد، وتأريخها وتحديد موقعها بدقة لا مثيل لها، على ما أظهرت نتائج دراسة نشرتها مجلة “نيتشر”.
ولمساعدة علماء النقوش على فك رموزها، طور باحثون من جامعات البندقية وأكسفورد وأثينا وشركة DeepMind التابعة لـ”غوغل” أداة للتعلم العميق، وهي تقنية للذكاء الاصطناعي تُستخدم فيها “شبكة عصبية” تحاكي بنية دماغ الإنسان.
هذه الأداة المسماة “إيثاكا” في إشارة إلى جزيرة أوديسيوس في “الإلياذة والأوديسة” تم تدريبها على ما يقارب 80 ألف مدوّنة مشار إليها في قاعدة بيانات معهد باكارد للعلوم الإنسانية، وهي أكبر مجموعة نقوش رقمية باليونانية القديمة.
تأخذ تقنية المعالجة التلقائية للغة في الاعتبار الترتيب الذي تظهر فيه الكلمات في الجمل وعلاقاتها، من أجل وضع سياق لها بشكل أفضل.
وفي ضوء الفجوات المتعددة في النصوص، كان على “إيثاكا” دمج كل من الكلمات والأحرف الفردية الموزعة بطريقة مشتتة على الألواح والقطع التي دّونت عليها، ثم تناولت الأداة مجموعة وثائق من القرن الخامس قبل الميلاد منقوشة على ألواح حجرية وُجدت في معلم الأكروبول بأثينا.
بعدها يكون الأمر متروكاً للمؤرخين لاختيار التوقع الأكثر مصداقية، وقد تم تسهيل عملهم إلى حد كبير إذ إن أداة “ايثاكا” التي تم تقديمها على أنها “متاحة”، حققت وحدها دقة بلغت 62% وعند استخدامها من قبل المؤرخين، يقفز معدل الدقة هذا من 25% إلى 72%، وفق الدراسة التي نشرت نتائجها مجلة “نيتشر” ما يبرز التأثير المفيد لهذا “التآزر” بين الإنسان والآلة.
تقترح أداة “إيثاكا” كذلك مواقع متعددة في 84 منطقة، وتقترح الأداة أخيراً تاريخاً دقيقاً لكتابة الوثائق: وهو عام 421 قبل الميلاد، أي بعد حوالي 30 عاماً من التواريخ التقريبية التي اقترحها المؤرخون.
وعلقت ثيا سومرسشيلد من جامعة كافوسكاري في مدينة البندقية الإيطالية، وهي من معدي الدراسة، خلال مؤتمر صحافي بالقول: “قد يبدو الأمر تافهاً، لكنه ضروري لفهمنا لأثينا الكلاسيكية، خلال فترة عاش فيها بريكليس وسقراط”، ولفتت الباحثة إلى إمكان استخدام أداة “إيثاكا” في جميع اللغات القديمة مثل: اللاتينية أو لغة المايا القديمة أو الكتابة المسمارية لبلاد ما بين النهرين.