ثقافةصحيفة البعث

التشكيلي فتحي محمد.. “سيزان” حلب

حلب – غالية خوجة 

للمبدع أن ترسو روحه في أعماله، وتشرق على مرّ الأزمنة والأمكنة، وضمن هذه الجوقة، يحضر فتحي محمد قباوة أحد أعلام حلب بسيرته وأعماله وثقافته، ليكون بيننا بإضاءة جديدة قدّمتها الشاعرة التشكيلية لوسي مقصود من خلال محاضرة بعنوان “أن تكون.. تلك هي الحكاية”، رافقها عرض لبعض أعمال الفنان، وذلك بمشاركة التقنية ولاء وزان، قدّمتها المهندسة وفاء علايا مديرة مركز الفنون التشكيلية، واحتضنها مركز فتحي محمد للفنون التشكيلية – صالة تشرين – السبيل.

ويلاحظ المتلقي كيف مرّ التشكيلي الحلبي المولود في أحد أحياء حلب الشعبية، عام 1917، والمتوفى عام 1958، بمراحل مختلفة من الصعاب والتحديات للعبور إلى بصمته المختلفة جمالياً، وهذا ما سرده فيلم توثيقي عرض على الشاشة الإلكترونية، وأوضح كيف عاش فتحي محمد يتيماً في ظروف حياتية قاهرة، محورها شغفه بالثقافة الفنية التي أراد أن يجعلها أعمالاً إبداعية في كل مكان سافر إليه، مثل مصر وروما.

ثم تحدثت مقصود، المدرّسة أيضاً لقسم الإعلان بمركز فتحي محمد، عن الكثير من الأعمال الفنية التي قدّمها هذا الفنان، والتي لا يعرف أغلب الحلبية أنها من توقيعه، مثل مجسم أبو العلاء المعري الذي جسّد من خلاله الطبيعة الفلسفية والجمالية للمعري، وما زال يستقبل الزوار في دار الكتب الوطنية، ونصب الشهيد عدنان المالكي في دمشق، وتمثال سعدالله الجابري بمركز الفنون، وتمثال “المفكّرة” في متحف حلب، إضافة لأعمال إبداعية أخرى أنجزها خلال سنوات حياته الـ 41 التي عاشها، واقتنتها عدة متاحف عربية وعالمية، منها في روما ومصر وفلورنسا، كما أن متحف حلب يزخر بالميداليات والجوائز العديدة التي نالها، إضافة إلى مقتنيات متنوعة بين التماثيل واللوحات الزيتية الموجودة أيضاً في مركز الفنون التشكيلية الذي أُحدث في حلب باسمه.

من رواد الريليف 

وعن أهم ما يميّز منحوتات ومجسمات ولوحات المبدع فتحي محمد، أكدت مقصود لـ “البعث” دقة التفاصيل والحرص على الواقعية والجدية ميزة المنحوتات والمجسمات، أما لوحاته الزيتية فتمتعت باختزالات، خصوصاً بعدما أوفدته البلدية لإيطاليا، وبعدما عاد عمل تمثالاً للشهيد عدنان المالكي، والملفت أنه برع في “الريليف”، أي اللوحة المنحوتة الناتجة عن الرسم والنحت معاً، تميّز بها ودرسها في إيطاليا. وف إجابتها على أهم ما يميّز سيرة حياته قالت إنه بدأ الحفر على الخشب منذ طفولته واتخذ من هذا الفن مهنة ليعيل نفسه وهو اليتيم، ووظف فقره إيجابياً، وكان كريماً رغم ذلك، والمحزن أن الفقر ظل يداهمه إلى أن باع حتى جوائزه القيّمة.

مهرجان باسمه

وعن رأيها بإقامة فعاليات تكريمية باسمه في حلب وسورية، مثل مهرجان فني، أو ورشة “سمبوزيوم”، أو ورشات عمل فنية، قالت: أؤيد هذه المبادرة، آملة أن تكون ورشات عمل رسم ونحت معاً “الريليف”، وهذا ما علينا القيام به تجاه الأعلام والرواد الآخرين في الفن التشكيلي، ولاسيما في حلب، لنتحدى ليس الظروف الراهنة فقط، بل الانقطاع المعرفي بين جيل وآخر، فلا يكفي أن نذكر هذه الأسماء المبدعة عبوراً، بل لا بد من التوقف طويلاً معها، ولاسيما الجيل الشاب الذي يعرف بيكاسو أكثر من أن يعرف مثلاً فتحي محمد، فاتح المدرس، وحيد اسطنبولي، لؤي كيالي!.

في بيوتهم!

لكن، أين دور النقد والنقاد؟!

ردّت: نفتقد النقد في حلب، لذلك، يبدو النقاد في بيوتهم!.

ورأت مقصود أن الجيل الشاب شغوف بالمعرفة، وكانت سعيدة بالحضور، خصوصاً الطلاب والشباب الذين طالبوا بالمزيد من هذه المحاضرات للإضاءة على أعلامنا وفنونهم في حلب وسورية، وكل ما يخصّ الفن التشكيلي عموماً.