نساء سوريات من نسل عشتار يحتفلن في عيد المرأة
البعث الأسبوعية- جمان بركات
الحديث عن المرأة كان يعبر عنه في المواضيع الأدبية أنه حديث عن نصف المجتمع، أما اليوم فيذهب الكثير من المشتغلين في الحقل الثقافي إلى تصنيفه على أنه حديث عن المجتمع كله فالمرأة أضيف لمكانتها كأم وزوجة وأخت وحبيبة تصنيفات كالطبيبة والمقاتلة والعاملة والمعلمة وكل مناحي الحياة ومحاورها، حيث باتت الأم كأطلس تحمل هم مجتمعها وتفاصيل حياة أبناء هذا المجتمع كما يحمل أطلس كرته الأرضية، واليوم العالمي للمرأة هو الوقت المناسب للاعتراف بإنجازات المرأة وجدارتها وتميزها، وفي كل عام يحل يوم الثامن من آذار لتنطلق احتفالية كبرى فكان للبعث الأسبوعية هذه الوقفات.
أم الشهيد
مرهقة كسوريا اليوم… حفر الزمن أخاديده في وجهها المليء بالحياة كستها سنواتها الثمانين بنور ما زال يغرق من حولها بالأمل والعمل إنها سوريا سلوم (أم معن) الأم الفاضلة التي منذ نعومة أظافرها طحنتها الحياة بسنونها القاسية التي لا ترحم لكنها صنعت منها أقوى النساء، ومع ذلك ظلت الطيبة والعطاء عنوانها المميز فهي تغمر كل من عرفها بالحب وتتفانى في خدمة أبناءها وأقاربها حد الثمالة بحب الناس وتستكشف نقاط ضعفها لتستخرج منها قوة في وجه الدنيا الشرسة القاسية.
نعم سوريا الصغرى ابنة سوريا الكبرى فهي التي فدت سوريا الكبرى بفلذة كبدها الشهيد البطل الذي رضع حب الوطن مع حليبها واختار الجيش العربي السوري ليزود عن حياض الوطن الذي زرعت أمه محبته في قلبه هذه الأم التي ربت تسعة من الأولاد أربعة أمهات مثلها ترجموا محبتهم لوطنهم التي ورثوها عن والدتهم وتجلت بأبنائهم الأطباء والمهندسين الذين سيعيدون أمجاد الوطن وخمسة من الشباب الغيورين المحبين لمن حولهم وواحد منهم شهيدنا البطل.
إنها أرض سوريا التي تزرع بالجميع فيضاً من العطاء والمحبة فكيف بمن كان على تماس معها طوال ثمانين عاماً يأخذ منها ويعطيها.
المرأة المعلمة
وبدورها قالت معلمة اللغة العربية صبا خطيب: اليوم الخاص بالمرأة يعني أن العالم كله يلتفت باحترام لعطاء النساء في كل مناحي الحياة باحترام وتقدير، وفي سورية يطيب لنا أن نتغنى بأن نسائها من نسل أسطورتنا الأولى عشتار ربة الربيع وتجدد الحياة كل عام، ومن رحمها يخرج الخير لهذه الأرض كلما ضربها اليباس، في عملي المرتبط بتعليم الأطفال مبادئ لغتنا العربية أحس دائماً بان تغليف المعلومة بحنان الأم والأخت الكبرى يعطي الكثير من الفاعلية في وجدانهم، للمرأة في مجتمعنا قدسية عالية فهي أمي وأختي وبقية أفراد عائلتي كما أنها يمكن أن تكون مديرتي المسؤولة وصاحبة القرارات المهمة في محيطي وحياتي، لذلك كل عام وكل معلمة وأم وامرأة عاملة في سورية بألف خير وعطاء.
المرأة الأديبة
أما الكاتبة والمترجمة كنينة دياب فقالت عن عيد المرأة: ليس من يوم واحد يعطي المرأة السورية حقها، منذ الأزل وهي الأنثى الأولى الآلهة والآمرة الناهية ورويداً رويداً أخذ الرجل السلطة منها ثم شرع يجردها من كل قوتها وسلطتها حتى صارت الأم التي تربي وتكافح وتصمد من أجل بناء أسرة متماسكة وتنشئة أجيال للوطن.. أمهات هذه الأرض ربت أبناءها على عشق الأرض والدفاع عنها بأرواحهم والأمثلة كثيرة.
بالنسبة لي أنشأت ولداً وبنتاً على حب الوطن حيث كنت في كل مناسبة أرافقهما لزيارة الأوابد الأثرية والقلاع حتى يتعلقا بأرض الوطن والبلد، حين كبرا وصار لكل منهما أسرة ولهما عالمهما الخاص بدلاً من أن أجلس وأفكر وأدقق في غيابهما عني شغلت نفسي بأن رجعت إلى الدراسة وسجلت في جامعة دمشق التعليم المفتوح أنا وابنتي وحفيدتى لنتخرج معاً أيضاً في عام ٢٠١٨ أنا وابنتي من قسم الإعلام وحفيدتي تصميم أزياء، علما أنني خريجة أدب إنكليزي ترجمة من جامعة دمشق ١٩٧٢م، لا عمر يحدد متابعة الدراسة أو التفوق، في الوقت الذي كنت أحضر المحاضرات كنت أقيم ورشات للأطفال لقراءة وكتابة قصص الأطفال بهدف الترويح عن الأطفال أثناء الحرب على بلدنا وفي حال جائحة كورنا، وفي الوقت ذاته كنت أتابع عملي كمترجمة عن اللغة الانجليزية والكتابة والتأليف لقصص للأطفال والناشئة وللكبار أيضاً، إضافة إلى حضور اجتماعات اتحاد الكتاب وحضور ندوات ثقافية في أماكن متعددة، حين نحب الحياة تحبنا هي أيضاً وتفتح لنا ذراعيها بكل الأمل والحب.
كل التحية لكل امرأة في سورية التي تجعل من الضعف قوة وصامدة رغم كل الظروف.