ارتفاعات جديدة للأسعار قبيل رمضان.. والمشكلة بالاحتكار والقانون “الفضفاض” و”لا حيلة” الوزارة!
دمشق – ريم ربيع
قبل بداية الأزمة الأوكرانية بأيام قليلة، أعلن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عبر تصريحات صحفية عن التوجه لتأمين جميع المواد الأساسية في الأسواق، وبكميات جيدة قبيل شهر رمضان المبارك، كاشفاً عن خطة لترميم الشح الحاصل فيما حدده بـ33 مادة غذائية رئيسية.
ولم يكد التصريح ينتشر حتى بدأت أزمة أوكرانيا بكل تبعاتها الاقتصادية على السوق السورية، وما رافقها من نقص واحتكار وغلاء وفوضى، حتى كادت كل الحسابات الرمضانية تخرج من الأذهان، وأصبح جلّ الاهتمام تمضية “كل يوم بيومه”، ومحاولة استيعاب “الفورة” السعرية التي استبقت المتغيرات الاقتصادية العالمية وسجلت أرقاماً قياسية جديدة لمختلف السلع بلا استثناء، بالتزامن مع انخفاض قيمة الليرة في السوق الموازية بعد أن استقرت لأشهر طويلة.
لا نقص.!
أما المواد الـ 33 التي تحدث عنها الوزير، فرغم أنها امتدت لتشمل قائمة أوسع، لكنها فقدت، أو قل عرضها، في الأسواق، إلا أن المعنيين باتوا يرفضون الاعتراف بنقصانها، وتغيرت التصريحات من “يوجد شح بالمواد” إلى “السلع مؤمنة ونلاحق كل المحتكرين”، فيما يتوقع متابعون أن ما خزّن هذه الفترة سيطرح خلال شهر رمضان وبأسعار قياسية.
وفيما يشد المستهلك الحزام حتى آخر نفس، فقد أخرج من حساباته كل العادات الرمضانية في المونة والتنوع بعد أن أصبحت جميع الأصناف الغذائية بلا استثناء أكبر من مقدرته الشرائية، أما حماية المستهلك فهي تخطط وتحضر خطة عمل للشهر الكريم لم تصرح لنا بها لدى سؤالنا.!
متوفرة بلا “بحبوحة”..!
عضو غرفة تجارة دمشق عماد قباني بيّن أن للتاجر “بيت المونة” الخاص به، كما هو متعارف عليه في البيوت العربية، حيث يحرص التجار على توفر المواد في مستودعاتهم بالتزامن مع ما يتم ضخه في الأسواق، وعقود التوريد التي يتابعونها، مؤكداً أن المواد كلها مؤمنة لشهر رمضان حتى لو حدث نقص “بسيط” فيها إثر الأزمة الأوكرانية، فتوفر المواد لا يعني رفاهية أو “بحبوحة” غير أنها قادرة على تغطية الطلب.
منبوذ..؟
واعتبر قباني أن لا أسباب لرفع الأسعار حالياً، فلا يوجد متغيرات تتطلب هذا الارتفاع، موضحاً أن الزيت متوفر بشكل جيد إلا أن بعض ضعاف النفوس عمدوا إلى احتكاره وتخزينه، فيما شددت وزارة التجارة الداخلية على ملاحقة المحتكرين قانونياً ومحاسبتهم، أما أدبياً فمن يستغل الشهر الكريم لاحتكار المواد ينبذ في الوسط التجاري.
سوق خيري
وكشف قباني عن تحضيرات عالية المستوى لشهر رمضان الكريم، حيث سيتم افتتاح سوق رمضان الخيري على أرض مدينة المعارض القديمة بدمشق بالتعاون بين مديرية شؤون الشهداء والجرحى والمفقودين والمحافظة وغرف تجارة وصناعة دمشق وريفها، وذلك لتأمين كافة المواد الغذائية بأسعار خاضعة للرقابة والمتابعة.
ولفت عضو غرفة التجارة إلى تخصيص نحو 30 منفذ بيع للجرحى أصحاب المشروعات الصغيرة، حتى الجرحى من خارج محافظة دمشق، سيتم تأمين إقامة ومنافذ ووجبات فطور وسحور لهم طيلة مدة المعرض، الذي سيفتتح قبل شهر رمضان بـ3 أيام ليستمر حتى نهايته، متضمناً مواد غذائية وألبسة.
مركزية
كما سيشمل السوق منفذاً للسورية للتجارة تبيع من خلاله المياه المعدنية واللحوم البيضاء والحمراء، إضافة إلى بيع البيض بأسعار مناسبة ضمن منفذ لغرف الزراعة، ووفقاً لقباني سيتضمن السوق الذي سيحمل اسم “بسمة أمل” قسائم شرائية وتبرعات من التجار وتكريم لذوي الشهداء والجرحى.
وأشار قباني إلى توقيع اتفاقية للمركزية بين غرف صناعة وتجارة دمشق وريفها للتحضير والتشبيك فيما يتعلق بالشهر المبارك، لافتاً إلى افتتاح سوق خيري في دوما يوم الخميس الماضي، ليستمر حتى عيد الأضحى، متضمناً مواد غذائية ومنظفات بأسعار ملائمة، وإقبال ممتاز.
الحلقة الأضعف..!
الأستاذ في الاقتصاد الدكتور زكوان قريط، رأى أن ارتفاع الأسعار لا بد منه، نظراً لارتفاع الأسعار العالمي الذي بلغ 20-30%، غير أن مشكلة السوق السورية تكمن بالاحتكار الذي عجزت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك عن ضبطه، فالقوة الضاربة اليوم هي للتجار، وأصبحت الوزارة الحلقة الأضعف، مبيّناً أن محاربة الحيتان تتطلب سلاح قوي، فيما لا تملك الوزارة سوى القانون “الفضفاض”.
وأوضح قريط أن المواجهة بآلية السوق يجب أن تكون بالعرض، عبر امتلاك رصيد ومخزون قوي وكافي من المواد، حتى تنافس جهات التدخل الإيجابي بها في الأسواق، إلا أن الوزارة حتى الآن لم تفكر بعقلية التاجر، والسورية للتجارة بدل خفض الأسعار اتجهت نحو رفع سعر الزيت مثلاً دون أن تقدر على تلبية الطلب حتى؛ فما يتم الآن من تدخل يوصف بالخجول ولا يرقى لمستوى المنافسة.
زيادة أكثر.!
وفيما بات عرفاً أن يشهد شهر رمضان كل عام زيادة نحو 20% في الأسعار، توقع قريط أن يسجل هذا العام زيادات أكبر خلال الفترة القادمة، مما يتطلب دور أقوى للوزارة.
وحول قلة العرض من المواد الغذائية، بيّن قريط أن النقص منطقي فكل الدول أصبحت تفكر بعقلية “اللهم نفسي” تخوفاً من القادم، ومنعت التصدير رغم الفائض لديها، مما رفع الأسعار عالمياً، فالطلب على النفط زاد مقابل قلة عرض، ومثلها بالنسبة للحبوب والقمح.