دلع نادر تجذب مخرجي المسرح والسّينما والتّلفزيون
تقدّمت إلى المعهد العالي للفنون المسرحية أربع مرّات، لكنّها لم تنجح إلّا في الخامسة، في عام 2017، لتتخرّج منه في عام 2021 بعرض اسمه “٣٠٢١” من إخراج الدّكتور سامر عمران.. فور تخرّجها، اشتغلت دلع نادر على العرض المسرحي “كاستينغ” تأليف وإخراج سامر محمد إسماعيل مع كلّ من عامر العلي ومجد نعيم، حيث أدّت دور فتاة تحلم بالنّجومية وتذهب إلى أحد المخرجين من أجل تجربة أداء تخوّلها أو ترشّحها لبطولة أحد أعماله.
في هذا العرض، قدّمت دلع حالات انفعالية ونفسية وعاطفية مختلفة ومتناقضة أيضاً، أدهشتنا بنشاطها ومرونتها على خشبة المسرح، وأثبتت منذ بداية طريقها حضورها كممثلة موهوبة ومتمكّنة من أدواتها الفنّية، فكانت – وكما يقال – مثل “دينامو” العرض الذي ترافق بأقاويل عن تعرّضها للظّلم إعلامياً باعتبارها خريجة جديدة وكل الأضواء كانت من نصيب عامر العلي، مقولةٌ تدحضها نادر بالقول: لا أبداً.. لم أشعر بذلك، بل على العكس تماماً الإعلام لم يقصّر معي، ومن الطّبيعي أن يكون التّركيز على عامر لأنّه ممثل وله تاريخه ولديه خبرة كبيرة، أمّا أنا فلا أزال في بداية طريقي.
لم تكن دلع تتوقّع أن تعود إلى المسرح بعد تخرّجها بفترةٍ قصيرة، لكنّها قرأت النّص وأحبّته، وبالسّؤال عمّا إذا كان الخرّيج يقبل بأيّ عمل لأجل الظّهور مباشرةً، توضح: النّص جميل جدّاً وفكرته تشدّ كثيراً، والشّخصية أغرتني لأنّها مركّبة وصعبة ولم أشتغل سابقاً هكذا نوع من الشّخصيات، وكان هذا العمل بمنزلة اختبار أقدّمه على خشبة المسرح مع ممثّلين مهمّين مثل عامر العلي ومجد نعيم. في البداية شعرت أنّ هذه الخطوة قد تكون خطرةً، لكن لاحقاً حاولت أن تنجح الشّخصية قدر المستطاع، مضيفةً: لا أتوقّع أن يقبل الخرّيج بأي عمل فقط لأجل الظّهور، فأنا عندما أريد أن أظهر أوّل مرّة أمام الجمهور أو المشاهدين يجب أن أحسب خطواتي جيّداً قبل أيّ شيء آخر كي لا أندم على شيء أبداً، ولو لم يكن النّص والشّخصية بهذه القوّة ما كنت لأقبل بالعمل.
بعد “كاستينغ”، تتالت الأعمال وتنوعّت، إذ بدأت بتصوير مشاهدها في السّلسلة الكوميدية “بقعة ضوء”، تجربة مختلفة من جميع الجوانب من حيث الكاميرا والإخراج والمشاهد، وإن كانت تقترب قليلاً من الكوميديا التي بدأ بها عرض “كاستينغ”، فهل تخوّفت نادر منها وهل هي راضية عن مشاهدها؟ تجيب: العرض المسرحي بدا بشكل كوميدي لكي نستطيع السّيطرة على الجمهور، ومن ثمّ اختلف مسير الأحداث لنصيب المشاهد بصدمة صغيرة ليعرف أنّه لن يشاهد كوميديا، الأمر كان صعباً وممتعاً، أمّا في “بقعة ضوء” فالأمر مختلف، فهو يتحدّث عن مجتمع بأكمله بكوميديا سوداء، وبالتأكيد هناك خوف أو تخوّف، وهي تجربة صعبة وممتعة أيضاً في الوقت ذاته لأنّي جرّبت العمل مع أربعة مخرجين، وحاولت أن أفهم طريقة تفكير كلّ منهم، وهذا ليس أمراً صعباً أبداً، بل جيّد ومهمّ بالنّسبة إليّ كخريجة جديدة، ولاسيّما أنّهم جميعاً متعاونون ويعطونا من خبرتهم ويقدّمون لنا فرصاً جميلة وكثيرة كخريجين جدد، أمّا بالنّسبة لمشاهدي واللوحات التي أشتغلها فكانت جيدة ومتنوّعة.
“حبيب” مسلسل إيراني – سوري مشترك للمخرج جود سعيد، وتجربة أخرى لدلع نادر ومختلفة أيضاً عن سابقاتها، وفيه تؤدّي دور فتاة بسيطةٍ جدّاً تعيش مع عائلتها في إحدى القرى التي تواجه صعوبات كثيرة تنعكس سلباً على شخصيتها وتتسبّب بخسارتها أشياء مهمّة في حياتها.
لكن تبقى التّجربة الأكثر أهمية واختلافاً وربّما نقطة التّحوّل في حياة الفنان هي السّينما، وربّما حلم وكابوس كلّ فنان، وليس من السّهل وصول الخريجين الجدد إليها، لكن دلع استطاعت الوصول إلى عين سينمائية بسرعة وبإمكانياتها الفنية التي لم تخفَ على أحد منذ ظهورها الأوّل، إذ تشارك في فيلم “أيّام الرّصاص” وأمام عدسة أيمن زيدان، وتؤدّي فيه شخصية فتاة صغيرة بسيطة تعيش مع أهلها وتتعرّض لموقفٍ صعبٍ جدّاً من قبل عائلتها لتنطلق الأحداث بعدها، حول هذه التّجربة تحدّثنا: تمّ تصوير الفيلم في شهر تشرين الأوّل الماضي، وهو من بطولة الأستاذ أيمن زيدان وإخراجه، البداية كانت مخيفة لسببين، الأول: لأنّ السّينما مختلفة عن التّلفزيون والمسرح من حيث الأداء ولأنّها تجربتي الأولى، أمّا الثّاني فلأنّها مع الأستاذ أيمن وأمام كاميرته، بهذا الفيلم أستطيع القول إنّي بدأت بكسر حاجز الخوف من الكاميرا.
وبالسّؤال عن هذا الاختلاف تجيب: السّينما تتطلّب منّا دراسة الحركات كلّها وتتطلّب إحساسنا كلّه، فالسّينما إحساس والأداء يكون به وبالعيون فقط لا غير، من دون أي مبالغة و”كليشيهات” لأنّ أي حركة صغيرة وأي أداء كاذب تكشفه الكاميرا وسيظهر فجّاً للمشاهد، هنا كلّ شيء مدروس جيّداً، حركة اليد والعين والجسم.
نجوى صليبه