مؤتمر (الكنيسة بيت للمحبة.. مسيرة مشتركة) يبدأ فعالياته في قصر المؤتمرات بدمشق
بدأت اليوم فعاليات مؤتمر “الكنيسة بيت للمحبة.. مسيرة مشتركة ” الذي يقيمه مجلس رؤساء الكنائس الكاثوليكية على مدى ثلاثة أيام في قصر المؤتمرات بدمشق.
وبحضور شخصيات رسمية ودينية استهل المؤتمر جلساته بصلاة من أجل سورية وقيامتها وتخلصها من الإرهاب وليحل السلام فيها وفي كل أنحاء العالم.
وفي كلمة له أشار وزير الأوقاف الدكتور محمد عبد الستار السيد إلى تزامن انعقاد المؤتمر مع مرور أحد عشر عاماً على الحرب الإرهابية على سورية مبينا أن الأسرة السورية عانت على مدى سنوات من الحرب العدوانية الإرهابية التي دعمتها العديد من الدول التي تدعي الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان بينما هي في الحقيقة تدعم الإرهاب والفكر المتطرف الذي يستهتر بالأديان وتعاليمها الداعية إلى المحبة والسلام وكرامة الإنسان.
وبين وزير الأوقاف أن أدوات وعملاء هذه الحرب الإرهابية هدموا المساجد والكنائس والمدارس واختطفوا وقتلوا علماء ورجال دين مسلمين ومسيحيين مؤكدا أن سورية وشعبها وجيشها وقائدها كانوا دوما المدافعين عن المحبة والسلام في وجه الإرهاب وداعميه مضيفا “سورية مهد الشرائع السماوية ومن هذه الأرض انطلق النور والمحبة والإيمان ليغمر العالم”.
وأكد وزير الأوقاف أن فرض الإجراءات الاقتصادية الجائرة الظالمة على سورية والذي ترافق مع الحرب الإرهابية زاد السوريين إصرارا على الصمود وعلى مساعدة بعضهم البعض للتخفيف من آثارها.
وألقى أمين سر المؤتمر المطران أنطوان أودو كلمة قداسة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان قال فيها: فيما تستمر الحرب على سورية التي دخلت عامها الثاني عشر وتسبب المعاناة والجوع والموت للشعب السوري تتواصل المبادرات في إعطاء الرجاء لهذا الشعب الذي بقي صامدا على أرضه.. ومن هنا نجد الفرصة لنقول للمسيحيين من أبناء هذه الأرض أنتم لستم منسيين لأن الكنيسة تتابعكم باهتمام خاص.
ولفت البابا فرنسيس إلى أن رغبة الكنيسة الكاثوليكية في المساعدة تأتي من كون الإنسانية كالجسد الواحد مكون من أعضاء مختلفة وعندما يتألم أي جزء من هذا الجسد تساعده الأجزاء الأخرى ويشاركونه آلامه ويفعلون ما بوسعهم ليتغلبوا عليه.
وأكد البابا فرنسيس أن مبادرة ممثلي الجمعيات والمنظمات غير الحكومية الناشطة في سورية هي علامة محسوسة على محبة الكنيسة متمنيا أن يكون المؤتمر فرصة من أجل التعمق في طبيعة الكنيسة الإرسالية وإعادة إطلاقها ورسم مسارات جديدة يجب اتباعها معا وتنسيق الأعمال الخيرية مع الاعتناء الخاص بالفقراء والأكثر تهميشا.
بدوره قال بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي: نحن أبناء الكنيسة أتينا على تنوعنا الطائفي والمجتمعي لنرى معا بشفافية وموضوعية كيف نستطيع أن نعبر عن محبة الله للناس أجمعين ولا سيما للشعب السوري وبنوع خاص من خلال عمل الكنيسة الاجتماعي والإنساني بأفعال مادية حسية ولنرى كيف يسعنا أن نعبر عن هذه المحبة بمسيرة مشتركة أي بتضافر جهودنا وأعمالنا ومشاريعنا من أجل إنتاجية وفاعلية وفائدة أفضل.
وأضاف غبطة البطريرك: كلنا يعلم أن الحاجة تزداد وتتسع في أماكن كثيرة من العالم لأسباب مختلفة منها الاستغلال والاحتكار والحرب وكلنا يرى البؤس والوجع وما يجرانه من مآس لا يستطيع ضمير حي أن يقبل بها وهذا ما دفعنا إلى أن ننهض ونكرس ذواتنا لمساعدة من وقع ويقع فريسة لتلك المآسي فالعناية بالمحتاج ليست جديدة ولا غريبة عن كنائسنا الشرقية فالكنيسة منذ تأسيسها بيت للمحبة لكن العناية في أيامنا الحاضرة يلزمها ترتيب وتنسيق وتخطيط .
ولفت البطريرك العبسي إلى ضرورة أن يخرج المؤتمر بنتائج عملية توطد الثقة وتضمن الشفافية قبل أي شيء مبينا أن سورية استقبلت عبر التاريخ آلاف النازحين وقدمت لهم شعبا ومؤسسات المساعدات على أنواعها وعاملتهم معاملتها لمواطنيها وقال: ما اعتدنا ولا نريد أن نكون عالة على أحد إنما نرغب في أن نحصل على السلام لنتمكن من أن نعمر بلدنا ونمد يد المساعدة لمن يحتاجها.
وشكر العبسي المانحين وغيرهم الذين أتوا من الخارج متحدين العقوبات المفروضة على سورية والتي تحول دون نهضتها وإعمارها ومعبرين للشعب السوري عن محبتهم وتضامنهم وراغبين في بناء جسور المحبة في نهج قداسة البابا فرنسيس الذي اتخذ شعارا “كلنا اخوة” ودعانا إلى تطبيقه في حياتنا.
ونوه العبسي بموقف الكاردينال ليوناردو ساندري رئيس مجمع الكنائس الشرقية الشجاع الذي وقفه حين طالب علنا برفع العقوبات عن سورية في اجتماع كنائس البحر المتوسط كما ثمن جهود نيافة الكاردينال ماريو زيناري السفير البابوي في سورية صاحب فكرة هذا المؤتمر والذي ينقل معاناة الشعب السوري إلى المحافل الكنسية والدولية.
من جانبه بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي مار أغناطيوس يوسف الثالث يونان بين أن سورية ورغم الأزمة بقيت بلد الحضارة والأخوة الحقيقية والإيمان كما برهن قائدها الحكيم السيد الرئيس بشار الأسد على أنه رجل الساعة طوال هذه السنوات وأثبت أنه مع شعبه رغم كل التحديات.
ولفت يونان إلى أن دور الكنيسة تجسيد المحبة في عالمنا ولا سيما في سورية المتألمة وعلينا أن نضع في قائمة همومنا واهتماماتنا موضوع الشباب خصوصا في ظاهرة النزوح للخارج وأن نقف كلنا بقوة ونقول للعالم كفى عبثا بهذا البلد.
من جانبه مارلويس روفائيل ساكو بطريرك بغداد للكلدان أعرب عن شكره للمنظمات الخيرية الكنسية والمدنية لدعمها الشعوب التي وقعت ضحية السياسات المزدوجة العبثية فمحبتهم ما كانت فقط للمسيحيين وانما لكل المتضررين والمحتاجين للدعم المادي والمعنوي.
وأعرب ساكو عن شكره لسورية على استقبالها واحتضانها الاف العراقيين من كل الديانات والمذاهب مؤكدا أنه لولا المحبة لكانت الأوضاع تراجعت بشكل كبير موضحا أن كل الجمعيات والمنظمات مطلوب منها العمل بمبدأ الشراكة مشددا على ضرورة العمل معا من أجل مد جسور السلام والاستقرار وحماية حقوق الناس بغض النظر عن الانتماءات الدينية والقومية واللغوية.
وبين رئيس أساقفة حلب للكلدان الكاثوليك وأمين سر المؤتمر المطران أنطوان أودو في كلمته أن المؤتمر وقفة لتقييم العمل الاجتماعي الإنساني في الكنيسة لمتابعة المسيرة بتنسيق أفضل في سبيل تلبية حاجات الناس المتزايدة معتبرا أن مشاركة جميع الأبرشيات الكاثوليكية في سورية مع ممثلي الكنائس الشقيقة والمؤسسات الدولية المدنية والمسيحية علامة اهتمام والتزام تجاه الأزمة في سورية.
وأعرب أودو عن شكره للشباب المتطوعين في العمل الاجتماعي الإنساني في سورية الذين أظهروا مقدرة الإنسان السوري على التأقلم والتضامن والتعلم السريع مؤكداً التصميم على تطبيق تعليم الكنيسة الاجتماعي الذي يقوم على كرامة الإنسان وروح التضامن والخير وأن يكون كل مواطن متمما واجباته تجاه الوطن ومدافعا عن حقوقه وحقوق كل إنسان ولا سيما الفقراء.
وقال أودو إن قراءة تاريخ سورية الحديث القائم على المواطنة الذي لا يعترف بفوارق العرق والاثنيات والدين أثبتت نجاحها مؤكدا أن السوريين مسلمين ومسيحيين يملكون رصيدا حيويا لتعزيز قبول الاختلاف والمساهمة في بناء المواطنة.
ومن جانبه عميد مجمع الكنائس الشرقية في روما الكاردينال ليوناردو ساندري شدد على ضرورة مساعدة سورية لتجاوز النتائج الخطيرة التي تسببت بها الأزمة على الصعد كافة وقال: لذلك جئنا اليوم لنعيد إنعاش التشارك داخل الكنيسة عن طريق تشجيع الأشخاص الأكثر كفاءة وتعاونا وخصوصا في إدارة المساعدات الإنسانية مع التركيز على مساعدة جيل الشباب الأكثر هشاشة وتأثرا من هذه الأزمة.
وأبدى السفير البابوي بدمشق الكاردينال ماريو زيناري تعاطفه مع الشعب السوري الذي عانى جراء الحرب وما زال يعاني داعيا إلى التضامن والوقوف معه في أزمته.
وفي تصريح أكد قداسة بطريرك انطاكية وسائر المشرق الرئيس الأعلى للكنيسة السريانية الأرثوذكسية في العالم مار أغناطيوس أفرام الثاني أن أهمية المؤتمر تنبع من أنه فرصة لإلقاء الضوء على عمل المؤسسات الكنسية والمنظمات التي لبت النداء لمساعدة الشعب السوري لتجاوز آثار الحرب الإرهابية التي شنت على بلادهم وجعلت منهم ضحايا عنف واضطهاد وقتل وفقر وجوع داعيا الى رفع الحصار عن الشعب السوري ليعيش بمحبة وكرامة وتآخ لأنه يستحق الأفضل وقال: ليس من حق أحد أن يفرض علينا هذه العقوبات الجائرة وغير القانونية والظالمة والتي جعلت شعبنا يعاني.
حضر افتتاح المؤتمر الذي يشارك فيه ممثلون عن كاريتاس سورية وجمعيات خيرية وزير الإعلام الدكتور بطرس الحلاق ومعاون وزير الخارجية والمغتربين الدكتور أيمن سوسان ورؤساء وممثلو الطوائف المسيحية في سورية.