“مشاريع حيوية ولكن ؟!”
تتفاوت نسب الإنجاز في مجمل المشاريع الجاري تنفيذها في حلب، وفي وقت مازال الجزء الأكبر منها متوقفاً ومتعثراً، نسمع عن إطلاق مشاريع جديدة أقل ما يقال عنها- في تصريحات المسؤولين- إنها حيوية واستراتيجية، وتسهم في دفع مسيرة النمو، هنا لا نقلل من أهمية هذه المشاريع والتصريحات الرنانة، لكن السؤال الذي يفرض نفسه أمام هذه المعادلة غير مكتملة العناصر هو: هل يكفي إطلاق العنان لتنفيذ عشرات المشاريع التي سرعان ما تتوقف أو تتعثر؟ وثانياً: ما هي مرتكزات ومحددات هذه المشاريع؟ وهل استوفت الخطط والدراسات الموضوعة المعايير والشروط؟ وهل تم البناء على أسس ومعايير علمية، وضمن مدد زمنية محددة تعطي في المحصلة النتائج المرجوة، وليس العكس كما يبدو عليه المشهد في معظم قطاعات العمل والإنتاج؟.
المؤكد، وفي ضوء الأرقام المتراجعة والوهمية في غالب الأحيان أن المؤشرات والمعطيات غير مرضية، ولا تتوافق مع الإمكانات والطاقات المتاحة، والحاجة الملحة للتقدم خطوات إلى الأمام، ما يستدعي إعادة قراءة النص وتحليل مفرداته، وإيجاد علاقة عضوية متكاملة بين ما هو مرسوم ومكتوب على الورق، وآليات العمل التنفيذي، وهو ما تفتقده معظم مؤسساتنا بمختلف اختصاصاتها، ومرد ذلك ضيق الأفق، والاعتماد على الحلول المجتزأة، والإصرار على إعادة إنتاج التجارب الفاشلة بأسلوب ترقيعي جديد يضر أكثر مما ينفع لجهة هدر الجهد والمال على السواء!.
وبالأمس، تم الإعلان عن إنشاء نفق جديد في ساحة الجامعة في حلب دون تحديد موعد دقيق للبدء بالعمل أو لإنجازه، وهو لا شك مشروع حيوي واستراتيجي- كما جاء على لسان محافظ حلب- لكن هذا المشروع، إن كتب له أن يرى النور في المدى القريب، يفتح الباب مجدداً أمام مجموعة من التساؤلات حول الواقع الخدمي المتردي لعدد كبير من أحياء المدينة- الشرقية منها على وجه التحديد- التي تشكّل ثلثي المساحة الإجمالية للمدينة، وتكتظ بالسكان، وحول الخطط الراهنة والمستقبلية لإحداث تغيير إيجابي في هذه المناطق، والسؤال ذاته ينسحب على نفق شارع الزهور في حي السريان الذي كلّف الخزينة ملايين الليرات في ذاك الوقت، ولكنه أصبح مهملاً ومهجوراً ومكباً للأوساخ، وما نخشاه- وبعد عمر طويل- أن يصبح مصير نفق الجامعة كمثيله نفق شارع الزهور، لاسيما أن النفق المقرر تنفيذه في ساحة الجامعة بالأهداف المرجوه تجارياً واجتماعياً ذاتها، وبالمواصفات الفنية والإنشائية نفسها.
مما سبق، وفي الحديث عن آليات التخطيط والأولويات والمحددات نرى أن مسار العمل في القطاع العام أخذ أشكالاً عدة، وانحرف بزاوية منفرجة عن سكته، ما أدى بالنتيجة إلى حدوث خلل حقيقي في مقاربة الأشياء والاحتياجات والمتطلبات، أما القطاع الخاص المفترض أن يكون الذراع الأقوى لمشروع البناء فأخذ هو الآخر مساراً مختلفاً ومغايراً أقل إنتاجاً وأكثر انتفاعاً وربحاً.
معن الغادري