دراساتصحيفة البعث

الصين سترد بحزم على أية عقوبات أمريكية

هيفاء علي

على الرغم من المحاولات الغربية المتواصلة لعزل روسيا، إلا أن النتيجة المترتبة على ذلك تأخذ مرة أخرى منعطفاً معاكساً لمحرضيها، والعلاقة الصينية الروسية أكبر تأكيد على ذلك، إذ لا تزال الصين وروسيا مصممتين على تعميق شراكتهما الشاملة وتفاعلها الاستراتيجي باستمرار. و هذا ما جاء في التصريحات القوية الأخيرة لوزير الخارجية الصيني وانغ يي التي جاءت لتؤكد أن العلاقات الصينية الروسية من أهم العلاقات الثنائية في العالم، حين قال: “إن تعاوننا لا يجلب الفوائد والازدهار لشعبي البلدين فحسب، بل يساهم أيضاً في السلام والاستقرار والتنمية في الكوكب بأسره”. وقد أصدرت الدولتان في الآونة الأخيرة بياناً مشتركاً حول دخول العلاقات الدولية حقبة جديدة من التنمية المستدامة العالمية، حيث أبلغتا العالم بوضوح رفضهما المشترك للعودة إلى عقلية الحرب الباردة. إضافة الى ذلك، لفت رئيس الدبلوماسية الصينية الى أن العلاقات الصينية الروسية تتطور وفقاً لمنطق تاريخي واضح ولديها قوى دافعة قوية داخل البلدين، وأن الصداقة بين الشعبين متينة مثل الصخرة، وأن آفاق التعاون الثنائي هائلة.

تجدر الإشارة إلى أن المؤسسة الغربية والأمريكية بشكل خاص تهدد الصين بفرض عقوبات إذا كانت بكين ستساعد في تعويض روسيا عن الخسائر التي سببتها العقوبات الغربية. من جانبها، ردت جمهورية الصين الشعبية وحذرت مرة أخرى عبر وزارة خارجيتها، بأنها سترد بحزم بإجراءات مضادة إذا قررت الولايات المتحدة فرض عقوبات على الشركات أو الأفراد الصينيين بحجة الوقوف الى جانب روسيا ومساعدتها. وبحسب المتحدث باسم الخارجية الصينية، لا يمكن للولايات المتحدة أن تفرض ما يسمى بالعقوبات طويلة المدى ومقاضاة الشركات أو الأفراد الصينيين عندما يتعلق الأمر بتعاملاتها مع روسيا، وليس لدى الولايات المتحدة سبب لانتهاك حقوق الصين المشروعة، وإذا فعلت ذلك، فستضطر الصين للرد بحزم.

كل هذا يذكر بأنه على الرغم من الترهيب القادم من واشنطن، يبدو أن القيادة الصينية مصممة ليس فقط على الحفاظ على علاقة تحالفها الاستراتيجي مع روسيا، ولكن على العكس من ذلك، أن تسعى إلى توسيعها وتقويتها، بما في ذلك في مجالات جديدة. علاوة على ذلك، ليس هناك شك في أنه في الوقت الذي وصلت فيه التوترات الآن إلى ذروتها بين موسكو والكتلة الأطلسية التي يقتلها الحنين إلى الأحادية القطبية، فإن العلاقة الصينية الروسية ستخرج منها أقوى، وهذا على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري وعلى الصعيد الأمني.

لذلك يجب أن يكون واضحاً للغربيين أنه إذا كان حلفاؤهم التقليديون اليوم في العديد من مناطق العالم يبتعدون تدريجياً عن الكتلة الأطلسية، فهذا بالتأكيد لأن الصين القوة الاقتصادية الرائدة في العالم من حيث الناتج القومي، وإحدى القوى الدولية الرئيسية اليوم التي سوف تتراجع أمامها المواقف الأمريكية والغربية. والحقيقة الرئيسية التي يجب ملاحظتها هي سقوط الأقنعة من أعين جزء كبير من البشرية. ففي حين أن جزءاً كبيراً من مواطني الدول الغربية قد استسلم بالفعل للهستيريا المستمرة ضد روسيا، هناك في العالم غير الغربي، والذي يمثل الغالبية الساحقة من البشرية، تضامن كبير مع روسيا. وفي مواجهة هذه الآفاق، فإن العلاقات الصينية الروسية مدعوة للحفاظ على نهج منسق وقوي في الشؤون الدولية، خاصة وأنه لن تكون هناك عودة إلى عصر القطب الواحد، فهذا العالم قد ولى إلى غير رجعة، وولت معه كل أحلام الحنين إلى الماضي، التي تدفع أصحابها للاستمرار في التخطيط على أمل الرجوع إلى ذلك الماضي.