“الغث من السمين”!
معن الغادري
تزداد الحاجة إلى تحسين الواقع الخدمي والمعيشي، وتهيئة الظروف المناسبة للتخفيف ما أمكن من حدّة الأزمات اليومية المتفاقمة والطارئة والمفتعلة منها، وتحديداً ما يتعلق بالتغذية الكهربائية وبساعات التقنين المتزايدة، والتي تجاوزت 14 ساعة قطع مقابل ساعة أو أقل وصل، ما أعطى الفرصة مجدداً لمشغلي المولدات بتجاوز كل القرارات النافذة، ورفع سعر استجرار الأمبير الواحد أسبوعياً خلال اليومين الماضيين إلى نحو 20 ألفاً مع تخفيض عدد ساعات التشغيل، يضاف إلى ذلك الأزمات المفتعلة بما يتعلق بالمتاجرة بقوت المواطن والجشع المتزايد من قبل كبار التّجار، واحتكارهم المواد الأساسية والتحكّم بالأسعار صعوداً، والتي تتفاقم تدريجياً مع انتعاش البيئة الفاسدة للسماسرة، وتجار الأزمات ومنتهزي الفرص، والذين يقومون ببيع ليتر الزيت النباتي بنحو 18 ألف ليرة، وهو قابل للزيادة مع اقتراب قدوم شهر رمضان المبارك، ومن أزمة الزيت إلى الارتفاع الحاد في أسعار باقي السلع الأساسية والخضار والفواكه واللحوم وغيرها من احتياجات الأسرة، ما أدّى، وهي نتيجة طبيعية، إلى عزوف المواطنين عن الشراء وتراجع حركة البيع والشراء في الأسواق عموماً!
من مشهد الأسواق غير المنضبط إلى حالة الاستعصاء المروري اليومي والاختناقات والانسدادات عند ساعات الذروة، والفوضى العارمة في مسارات النقل ومحاور باصات النقل الداخلي والسرافيس، وفوضى الباعة الجوالين، وخاصة في وسط المدينة، وانتشار البسطات عشوائياً أمام المحال التجارية وعلى الأرصفة، وصولاً إلى التعديات الصارخة على الأملاك العامة والواقع الخدمي المتردي في عدد من المناطق والأحياء والمسالك والطرقات.
كلّ ذلك يعيدنا إلى نقطة البداية والتساؤل مجدداً حول جدية إجراءات المحافظة المتخذة حيال ما تمّ إنجازه من خطط وبرامج ومشاريع لإحداث تغيير في هذا المشهد اليومي المعقّد، وللتخفيف ما أمكن من حدّة هذه الأزمات التي باتت تشكّل عبئاً ثقيلاً على كاهل المواطن.
ما نودّ قوله: إن استمرار تدوير الزوايا واتباع سياسة الحلول الترقيعية والمجتزئة زاد من تشابك وتعقيد الأمور، وأنتج واقعاً فوضوياً بكل تفاصيله ومفرداته، ووسّع من دوائر الفساد في كافة مفاصل العمل.
ونرى أنه لزاماً وأمام هذا الكمّ الكبير من المشكلات والهموم والمتاعب، والمتوقع أن تتضاعف مع الأيام الأولى للشهر الفضيل، سرعة المعالجة من خلال وضع نواظم وضوابط جديدة وتحديد الأولويات والمسؤوليات والارتكاز على قواعد عمل جديدة تفرز (الغث من السمين)، وبمعنى أدقّ اعتماد مبدأ المحاسبة الصارمة بحق كل مخطئ ومرتكب، واعتماد آليات تقييم حقيقية معيارها وقياسها خدمة الوطن والمواطن، حينها يمكننا القول والتأكيد بأن كلّ المشكلات والأزمات المفتعلة والطارئة ستجد طريقها إلى الحلّ. فهل ستبادر الجهات المعنية إلى اتخاذ ما يلزم والقيام بالمهام المنوطة بها، أم سيبقى الحال على ما هو عليه، وربما على نحو أسوأ؟؟!!.