مجلة البعث الأسبوعية

 في عيد الأم ويوم الشعر… كُوني أماً لتكوني شاعرة

البعث الأسبوعية- أمينة عباس

لأن الأم بوصلة الحياة، والشعر بوصلة العالم ليس بغريب أن يجتمع عيد الأم مع اليوم العالمي للشعر، فالأمهات قصائد ودواوين شعرية، والقصائد أبناء لأصحابها، لا ترى النور إلا بعد مخاض طويل يمر به الشاعر، ولأن الأم رمز الحياة، والشعر بهجتها كان اختيار يوم 21 آذار أول أيام الربيع عيداً للأم وللشعر.

الشعر والأمومة

تبين الشاعرة عبير غالب نادر أن هذه الازدواجية بين الشعر والأمومة في هذا اليوم الذي يتم فيه الانقلاب الربيعي يذكرنا أن الأم عطاء دائم، والكلمة كذلك، وإذا وجِد قاسمٌ مشترك بين الأمومة والشعر فهو الحب الصادق ووقود الشعر، وطوبى لمن ذاقت نار الجمرين، جمرة العشق وجمرة الأمومة، حينها لا بد للشعر أن يُصقل مرتين، مشيرة نادر إلى أن الشاعرة عندما تكون أماً لا بد أن تكون أكثر حناناً ورأفة بأولادها لأن مشاعرها ستكون أكثر رقة ورهافة، ولا بد أن يكون أطفالها ملهِمين لها لتكتب لهم القصائد التي تتغنى بالأمومة والطفولة، ولكن وفي الوقت ذاته قد تشغل الأمومة برأيها الشاعرات عن كتابة الشعر لأن الأطفال بحاجة للكثير من الوقت والجهد، موضحة أنها حين أصبحت أماً أصبح ولداها هما القصيدة والكلمات، فأخذا كل وقتها وجهدها واهتمامها: “كنت أسرق بعض الوقت لأكتب قصيدة أو سطراً في كتابي” وبمناسبة عيد الأم تقول نادر لكل الأمهات: “لا تنسي أن تكوني أنت.. الأمومة تضحية، ولكن اتركي لنفسك مساحة لتكوني ذاتك، فيوماً ما سيتركك أولادك ويسيرون في حياتهم فتعودين وحيدة.. عوّدي نفسك على هواية تمارسينها من أجل ذاتك، وكوني قوية لتكوني سنداً لأولادك، فالأم القوية تحمي أولادها من الضياع” وللشعراء تقول: طوبى لكل شاعر سلاحه الكلمة، وطوبى لمن كانت أمه وطناً، حينها سيشعر بالأمان دائماً وأبداً، وطوبى لمن كانت الكلمة رسالته فسيكون رسولاً دائماً وأبداً”

 

الأم الشاعرة

وترى الشاعرة طهران صارم أن القاسم المشترك بين الشعر والامومة هو أن الشعر يجنح ليتلمس كل قضايا الحياة، وربما كل ما فيها من مشاعر، وهنا تبرز الأمومة كحالة نابضة بالحياة ومفعمة بالعاطفة ومزينة بقدرتها على بناء جيل جديد، وبالتالي تلتقي مع الشعر من هذه الزاوية، حيث أن رغبة وتطلع الشاعر والأم لبناء الإنسان تشكل هدفاً واحداً، موضحة أن الأم هي قبل كل شيء إنسان، والشعر يتعامل مع الإنسانية بمختلف مستوياتها، وعندما تتفجر مشاعر الأمومة تضيف شيئاً جديداً لتجربة المرأة الشاعرة، وبالنسبة لها فإنها لم تتلمس تغيراً أو إضافة لتجربتها أو لتطورها كونها شاعرة أصبحت أماً لاعتقادها أن الشاعر عندما يتعامل مع القضايا الإنسانية بشكل عام فإنه ودون وعي سيلامس قضايا الأمومة، وهذا ينطبق على الشاعر الرجل والشاعرة المرأة، وتتوجه صارم بمناسبة عيد الأم وعيد الشعر لتقول للشاعرة الأم: “كوني أماً لتكوني شاعرة تكتب قصيدتها من خلال بناء الفرد” وللشعراء تقول: “كونوا كما النبع المتجدد واتركوا للقادم منارة يهتدي بها”.

الأمومة قصيدة

وتؤكد الشاعرة فاتن ديركي وجود تناغم كبير بين المناسبتين، عيد الأم ويوم الشعر، فكلمة شعر مأخوذة من الشعور، وليس هناك أبلغ ولا أعظم من شعور الأمومة، فهو يتوج كل القيم الكبيرة في الحياة، مبينة أن الأمومة قصيدة بحد ذاتها، وضعت فيها كل قوافي الشعر بجرْس موسيقي ولحن جميل، محتوية المعاني العظيمة النبيلة والعاطفة المتأججة التي تحملها الأم لأبنائها والتي عندما تكون شاعرة تعطي القصيدة إحساساً عميقاً ورهافة تتجلى في الكلمات والمعاني لأن الامومة هي قمة الحب والعطاء، موضحة ديركي أن الأمومة أضافت لها ولشعرها الكثير، فقد علّمتها الالتزام بالكلمة والشعور بالمسؤولية تجاهها، ومنحتها الزخم الكبير من المشاعر التي مكّنتها من التحليق مع القصيدة، مؤكدة أن الأمومة فجّرت لديها كل مشاعر الحب في هذا الكون، فاختزلتها بكلمة أم، وربما جعلتها هذه المشاعر أكثر تعلقاً بأمها وأكثر تقديراً لها ولأهمية وجودها في حياتها، واليوم هي تقول لكل أم: “أنت أجمل وأعظم وأرق شاعرة في الوجود، وعلى يديك خُلقت ملايين الكلمات، ومن ريشة محبتك التي تغمسينها في حبر قلبك تتشكل القصيدة، تنقشينها بأعذب وأعظم المشاعر التي تحملينها لأبنائك” وللشاعرة الأم تقول: “لقد كتبتِ القصيدة الأجمل والأبيات الأروع حين أصبحتِ أماً”.

أنتِ أم

وتبين الشاعرة رشا معتز الخضراء أن الأمومة والشعر يصبان في بوتقة الإحساس المرهف، فالأمومة تعني الإحساس بالحياة والإحساس بواقع الطفولة التي تضفي لهذه الحياة جملاً نعبّر عنها بلغة الكلام والتعبير ما يعني أنّ جمال الكلمة وإحساسها وموسيقاها يصبّ في عالم الشعر والجمال، منوهة إلى أن الشاعرة الأم تعبّر بسطورها ورحيق قوافيها المغنّاة عن الطفولة لتجسدها على السطور، ترقص تيهاً بعذب الكلام ورقة الوصف، موضحة الخضراء أنها تكتب الشعر منذ فترة طويلة وضمن عدة محاور وقد جمعت ما كتبته في دواوين ثمانية، وعندما أصبحت أماً لطفلين تجوهر لديها هاجس الإحساس بالأمومة لترسمه في سطورها شعراً وقصصاً للأطفال، وهي لا تعتقد بوجود رابط حول مصادفة تاريخ عيد الأم بيوم الشعر لأن عيد الأم من وجهة نظرها هو في كل يوم، أما الشعر فهو في تجدد دائم، والكلمة تختلف فيه حسب الظروف، حيث يحول الشاعر دائماً المواقف التي يواجهها أو يراها إلى كلمات مغناة.

وتختتم الخضراء كلامها مخاطبة الشاعرة الأم: “أنتِ بوتقة شعرية مليئة بكتلة من الأحاسيس والمشاعر التي ترسمينها عبر سطورك” وللأم الشاعرة تقول: “أنتِ أم استطاعت نقل الواقع الطفولي لنا بأعذب كلمات لغتنا العربية”.

الشاعرة الأعظم

وتوضح الشاعرة نوار الشاطر أن الشعر هو تدفق للمشاعر، والأمومة هي التجلي الأعظم للمشاعر الإنسانية، لذلك فإن الأم محور شعري هام تناوله الكثير من الشعراء في كل العصور وستبقى محطّ اهتمام الشعراء لأنها اختزال لمشاعر المحبة في أبهى صورة بشرية، مؤكدة أن الأم هي الشاعرة الأعظم في هذا العالم حتى لو لم تكتب الشعر، وأن الشاعرة عندما تكون أماً فذلك يكسبها تجربة شعورية أعمق لأن تجربة الأمومة هي ثورة شعورية تجتاح المرأة وتجعلها تعيد ترتيب أولوياتها في الحياة، فنجدها تضيف لمسة الحب والحنان التي اكتسبتها من أمومتها في كل شيء حولها وفيما تكتبه، فتصبح أمومتها ممتزجة وجدانياً بقصائدها في القالب الفني والحسّ المعنوي والتراكيب اللغوية، موضحة الشاطر أن أمومتها فجرت شاعريتها، فقبل أن تكون أماً لم يكن الشعر من أولوياتها، لكن عندما أنجبت طفلها الأول ونظرت إلى عينيه الجميلتين شعرت أن الشاعرة النائمة في داخلها قد استيقظت لتكتب لعينيه، وتعمقت رغبتها في كتابة الشعر عندما أنجبت ابنتها، وعندما كبرا وبدآ بقراءة وحفظ الشعر الذي تكتبه ولدت فكرة الكتابة للطفل لديها واستحضرت الطفل الذي بداخلها وتخيلت نفسها طفلة لتكتب بلغة يفهمها الأطفال، وقد وجدت أن الكتابة للطفل من أرقى وأسمى أنواع الكتابة، أما رسالتها لكل شاعرة بمناسبة عيد الام والشعر: “استمري بالكتابة ولا تتوقفي أبداً رغم الصعوبات والمسؤوليات الكبيرة وضيق الوقت، وجاهدي ليكون لك وقتك الخاص للكتابة لتبقى جذوة الشعر لديك متوهجة تضيء الأوقات الحالكة، فالكلمة شفاء ودواء عندما تصدر من قلب محب عارف كقلب الأم” وللأم الشاعرة تقول الشاطر: “استمري بالحب والعطاء غير المشروط لتبقى الأغنيات التي غناها قلبك الشاعر لأطفالك وهم صغار أناشيد أحفادك الكبار لأطفالهم الصغار”.