“المسرح المدرسي” تمثيل من خلف المكاتب والواقع تقصير وإهمال وغياب!
لم يستطع المعنيون في وزارة التربية ومديرياتها الخروج من بوتقة تأدية الواجب، وتنظيم الاحتفالات والمهرجانات كخطط وبرامج، متناسين، ما بعد العرض، المبدعين والموهوبين المشاركين في تلك الاحتفالات. فمن يتابع ما جرى على مسرح المركز الثقافي في القطيفة بريف دمشق في يوم مسابقة المسرح العالمي يرى أطفالاً في قمة الإبداع والموهبة، في ظل ضعف الإمكانيات بل انعدامها، أو بالأصح تقصير وإهمال من القائمين على تلك المهرجانات!.
غياب واستفهام وتعجب؟!
“البعث” رافقت أكثر من 50 طفلاً وطفلة من مختلف مدارس المحافظة توجّهوا منذ الصباح الباكر إلى مدينة القطيفة، متحمّلين معاناة السفر والبرد الشديد، ليزيد الطين بلّة انتظارهم في المسرح لأكثر من 8 ساعات قبل قدوم المسؤولين ليبدأ العرض.
هؤلاء الأطفال لو لم يكن في حقائبهم قليل من الطعام والماء لكان الوضع سيئاً جداً، ولاسيما أن المعنيين لا يعنيهم الأمر، فزجاجات الماء لم تحضر إلا بحضور ثلة من مسؤولي الوزارة وبعض أعضاء اللجنة، وغاب القائمون والمعنيون في تربية الريف، فلم يحضر مديرها ولا حتى أحد من معاونيه، ما ترك أكثر من إشارة استفهام وتعجّب حول عدم الحضور، وفتح باب الغمز والهمس من البعض، إذ قالوا مازحين: “لو حضرت الكاميرات والتلفاز لكانوا في المقدمة، ولكنهم يعلمون أن الاحتفالية بلا تغطية متلفزة”.
توسيع العدسة
ورغم كلّ المعوقات والبرد القارس، إلا أن الأطفال عوّضوا ذلك بحرارة وحلاوة العرض المسرحي الرائع وفقرات الرقص الشعبي، حيث نالت هذه العروض استحساناً وإعجاباً كبيرين من الجمهور الغفير الذي ملأ المسرح من الشغوفين بهكذا فنون.
العرض الذي قصّ شريطه خمسة أطفال من خلال مسرحية “الدمية”، أكد أن هناك مواهب بحاجة إلى توسيع عدسة المجهر من قبل القائمين على المسرح والتلفزيون وغيرها من الفنون، فكان الأداء على أعلى درجة من الإتقان، إذ شاهد الحضور كباراً بأجساد أطفال.
تهميش وإهمال..!
مخرج المسرحية نبيل مرعي تحدث لـ”البعث” عن تهميش المسرح المدرسي من قبل المعنيين وغياب الاهتمام والرعاية، مؤكداً أن المسرح المدرسي ليس خطة دراسية أو جداول واستكمال برامج فقط، بل إبداع ومتابعة ما بعد العرض، متسائلاً: أين عيون القائمين من هذه المواهب التي تستحق الظهور وزجها بمسلسلات ومسرحيات خارج نطاق محافظة الريف؟!!.
واعتبر مرعي أن المسرح المدرسي في ريف دمشق مظلوم، وخاصة في ظل غياب الإمكانيات وعين الرعاية والمتابعة، فالجهود المقدمة أغلبها ذاتية ودعم شخصي من المؤمنين بأن المسرح المدرسي ركيزة أساسية للمستقبل الفني.
“رائدة” بلا تكريم!
حديث مرعي توّجته الممثلة الطفلة شهد الحاصلة على مرتبة رائد طليعي على مستوى القطر منذ 4 سنوات، ولم تتلقَ أي تكريم أو اهتمام من جهة الطلائع ولا التربية.
الممثل والمشرف إياس أبو غزالة أوضح أن الريف يذخر بالمواهب الفنية الرائعة، ولكنه بحاجة للاهتمام والدعم من القائمين، معتبراً أن ما شاهدناه من مسرح وعروض فنية ورقصات شعبية خير دليل على أن المواهب موجودة وتثبت رغم كل ما يجري من معوقات وصعوبات وظروف راهنة أن هناك إبداعاً حقيقياً.
“بوستر” مسؤول!
ختاماً، ومع نهاية هذا اليوم الطويل، لفت انتباهنا “البوستر” الخاص بالاحتفالية، إذ تجاهل وجود رقصات وفنون شعبية، علماً أنها أساسية ومشاركة بالمسابقة، في حين حلّت مكانها أسماء مديرين ومشرفين وغيرهم من الأسماء الحاضرة والغائبة عن الاحتفالية، ما أثار حفيظة المدرّسين والمدرّبين الحاضرين مع الأطفال، خاصة وأنهم تدربوا على تلك الرقصات والفنون الشعبية طيلة أشهر!!.
علي حسون