ثقافةصحيفة البعث

انقطاع التّيار الكهربائي يحدّ من التّخييل وينعكس سلباً على المنتوجات الأدبية

يحتاجُ الأديب أيّاً كان النّوع الأدبي الذي يكتب فيه ظروفاً خاصّة وعامّة جيّدة -على الأقلّ- ولن نخوض هنا في الخاصّة بل في العامّة، منها تحديداً انقطاع التّيار الكهربائي وتأثيره على القراءة والمطالعة والكتابة الأدبية. تقول الشّاعرة طهران صارم: من دون شك تعدّ الكهرباء عصب الحياة وانقطاعها يحمل تأثيرات سلبية على مختلف نواحي الحياة ومنها الحياة الثّقافية، وفي ظلّ الانقطاع الطّويل الذي يصل إلى عشرين ساعة من المنطقي أن يتأثّر الإنسان نفسياً، حيث يصعب على الكاتب أو أي شخص أن يمارس عاداته الطّبيعية في الكتابة والقراءة، بل تصبح المطالعة عبئاً ثقيلاً وكذلك الكتابة، مضيفةً: هل يوجد إنسان قادرٌ على إجهاد عينيه لقراءة كتاب في العتمة؟ وكيف للمبدع أن يبدع نصّاً وهو مشغول بتدبير أموره الحياتية إضافة لانقطاعه عن أخبار العالم نتيجة عدم توافر التّلفاز والإنترنت والمواقع الإلكترونية بسبب الكهرباء.. إنّها مأساة حقيقية تشلّ كلّ جوانب حياتنا.

ينعكس انقطاع التّيار الكهربائي سلباً على كلّ مرحلة من مراحل العمل أو المنتوج الأدبي ومنها الموضوعات، تقول الفنّانة التّشكيليّة والشّاعرة خلود كريمو: الحقيقة هو انعدام الكهرباء وليس انقطاعها!!. الأمر الذي زاد من معاناة الكاتب وأثّر على نتاجه الأدبي ونوع هذا النّتاج أيضاً، لأنّه يؤثّر على الحالة المزاجية والنّفسية التي تؤثّر بدورها على الحالات الشّعورية والتّخييلية للكاتب والشّاعر خاصّة، ولا توجد أي وسيلة يمكنها أن تغطي يوماً كاملاً من الانقطاع المتواصل، وبالتّالي الظّلام يستهلك الوقت والنّفس ويولّد حالةً مزاجيةً سلبيةً تعيق الكاتب عن الكتابة وقراءة الكتب ونتاج الأصدقاء ومتابعة كلّ جديد، أتحدّث عن تجربتي كشاعرة، أكتب شعر الغزل منذ سنوات عدّة، لكن لثقل هذه المعاناة بدأت أتطرّق إلى موضوعات أخرى تتناول هموم الحياة والجوع والفقر، فالأدب ما هو إلّا انعكاس للواقع.

تنضيد المادّة الأدبية مرحلة أخرى لا يمكن إنجازها من دون كهرباء، يقول الشّاعر قاسم فرحات: طبعاً يؤثّر انقطاع التّيار الكهربائي سلبياً على المنتج الإبداعي، ولاسيّما تتضيد هذا المنتج، فالشّحن المتوافر في الهاتف المحمول أو الحاسب المحمول غير كافٍ لفترات طويلة مع زيادة فترات التّقنين في كثير من الأيّام عن خمس ساعات قطعٍ، أمّا بالنّسبة للمطالعة فالأمرُ نفسه من حيث عدم كفاية الشّحن بالنّسبة للكتاب الإلكتروني وعدم كفاية الإنارة بالنّسبة للكتاب الورقي.

وعلى ما يبدو لعب هذا الانقطاع دوره في اختيار المستطلعة آراؤهم، فانحصر بمن استطعنا التّواصل معهم عبر شبكة التّواصل الاجتماعي والذين استمتعوا بنصف ساعة من الكهرباء لإرسال أجوبتهم ومشاركتنا بها ولو على حساب أعمالهم المنتظرة “اللمعة”، لكن على المقلب الآخر كان هناك من احتال على المشكلة والتفّ عليها، يقول الشّاعر عزّام عيسى: لا أثر على الإطلاق لانقطاع التّيار الكهربائي على قراءتي أو إنتاجي الأدبي فأنا مدمن هاتف جوّال ولديّ “باور بنك” وبطارية احتياطية، ولا أقرأ الكتب أبداً منذ انطلاق الـ”فيسبوك”، لديّ مكتبة خاصّة فيها أكثر من ألفي كتاب، ومنذ اندلاع الأزمة لم أقترب منها، لكن كنت كلّما تهجّرت من منزلي واضطر للانتقال إلى منزل آخر كنت أحمل هذه الكتب معي وسط اعتراض نصف الأهل، لأنّها ليست من الأساسيات، وكنّا كلّما حاولنا إنقاذ أغراضنا كنّا نلملم الأساسيات.

ويتابع عيسى: حتّى كتابة الشّعر، أنا أنظم مباشرةً عبر لوحة مفاتيح الجوّال، لا كتاب ولا ورقة ولا قلم وحاسب منذ فقدان حاسبي في عام ٢٠١٤، أمّا المطالعة فهي من خلال السّبعة آلاف صديق عبر حسابي على الـ “فيسبوك” وما يتحفوننا به من شعر وأدب وفكر وعبر الملتقيات الأدبية أحياناً، ونادراً بعض الكتب الإلكترونية، والسّبب الرّئيسي في حالتي هذه هو أنّ اصطحاب الكتب الخاصّة ربّما يكون غير مقبول بالنّسبة لمقاتل على الجبهة، وأنا معظم الوقت ولاسيّما منذ ٢٠١١  في الجيش وليس في البيت.

نجوى صليبه