لافروف: العالم اليوم متعدّد الأقطاب.. وحقبة فرض الإملاءات الغربية انتهت
باختصار شديد قالها رئيس الدبلوماسية الروسي سيرغي لافروف، ووفّر على الغرب آلاف التقارير الكاذبة التي يسوّقها لاستعداء روسيا وشيطنتها، وصولاً إلى إخضاع هذا البلد والحفاظ على الهيمنة الغربية على العالم، فالأمر ليس عملية عسكرية لاحتلال بلد أوروبي والعودة إلى حقبة الاستعمار كما يسوّق هذا الغرب الغارق إلى الآن في أحلامه الاستعمارية، بل هو مخاض نظام عالمي جديد متعدّد الأقطاب ينهي الهيمنة الأمريكية والغربية على العالم سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، ويفتح الآفاق أمام نظام جديد أكثر عدالة يلمح حقوق دول العالم جميعاً ويلغي ازدواجية المعايير التي يمارسها الغرب في تعاطيه مع قضايا الشعوب.
فقد أكد وزير الخارجية الروسي أن حقبة الغرب الذي يفرض إملاءاته انتهت ولا يمكن له عزل روسيا، فالعالم اليوم متعدّد الأقطاب.
وقال لافروف خلال لقاء مع وسائل إعلام صربية بموسكو اليوم: “لا يمكن للغرب عزلنا فلدينا شركاء كثر في كل أنحاء العالم كالصين والهند ودول الشرق الأوسط وإفريقيا”، مبيّناً أن حقبة الغرب الذي يفرض إملاءاته ويتجاهل الحقوق السيادية للدول الأخرى انتهت ومن الضروري إقامة العلاقات بين الدول على أساس الاحترام المتبادل، فالعالم اليوم متعدّد الأقطاب.
ولفت لافروف إلى أن العقوبات الغربية الأخيرة والضغوط غير المسبوقة جزء مما يسمّيه بعض الساسة الغربيين الحرب الشاملة ضد روسيا بهدف عزلها والنيل من استقلالها على الساحة الدولية، موضحاً أن العقوبات جاءت كردّ فعل من الغرب على فشل خططه في أوكرانيا، وأن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي “ناتو” يحاولون فرض الهيمنة ويضغطون على العديد من الدول من أجل أن تنضم للعقوبات على موسكو.
وأشار لافروف إلى أن هذه الممارسات لم تبدأ أمس، وأن الاتحاد الأوروبي يطالب البلدان التي تتطلع إلى الحصول على عضويته بمعاداة روسيا أكثر فأكثر.
وأعاد لافروف التذكير بأن الدول الغربية تتجاهل كل الجرائم التي ارتكبتها سلطات كييف بحق المدنيين في إقليم دونباس منذ عام 2014 وتعمل على دعمها بالسلاح والمرتزقة الذين تقدّم لهم السفارات الغربية التأشيرات للقدوم إلى أوكرانيا في انتهاك واضح للقانون الدولي، محذراً من أن هؤلاء المرتزقة سيذهبون لاحقاً إلى المدن الأوروبية.
وفيما يتعلق بالمفاوضات الروسية الأوكرانية أعرب لافروف عن أمل موسكو في أن تتوّج الجولة القادمة من المفاوضات المزمع عقدها في تركيا بنجاح يتمثل في المقام الأول بوقف قتل المدنيين في دونباس، لافتاً إلى أن أي اتفاق مستقبلي مع كييف يجب أن يتضمّن نزع سلاحها واجتثاث النازية منها.
وعن إمكانية عقد لقاء بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي قال لافروف: “إن بوتين أكد مراراً استعداده للقائه لكن بشرط الإعداد الجيد لهذا اللقاء”.
وفي شأن آخر، أفادت الهيئة الفيدرالية الروسية لرقابة حماية حقوق المستهلكين روس بوتريبنادزور بأن أكثر من 300 مختبر بيولوجي مموّل ينتشر في العالم بتمويل أمريكي.
وقالت رئيسة الهيئة آنا بوبوفا خلال المؤتمر السنوي لعموم روسيا حول الأمراض المعدية وفقاً لوكالة نوفوستي: “هناك مناطق يوجد فيها تركيز عالٍ من المختبرات الأمريكية العسكرية والمدنية على حد سواء ويزداد عددها يوماً بعد يوم وهي حالياً أكثر من 300 مختبر”.
وأشارت إلى أنه على خلفية جائحة فيروس كورونا في العالم تقوم بعض الدول ببناء منشآت جديدة من هذا القبيل.
وفيما يخص الردّ على العقوبات الغربية الأحادية المفروضة على موسكو، أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تعليماته إلى مجلس الوزراء والبنك المركزي الروسي وشركة غاز بروم لاتخاذ التدابير الضرورية لتغيير عملة الدفع لإمدادات الغاز إلى الروبل بحلول نهاية الشهر الجاري.
ونقلت وكالة (تاس) عن بيان صحفي لمقر الرئاسة الروسية: “يتعيّن على الحكومة الروسية جنباً إلى جنب مع البنك المركزي الروسي وشركة غاز بروم المساهمة بتنفيذ مجموعة من الإجراءات لتغيير عملة الدفع لإمدادات الغاز الطبيعي إلى دول الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى التي اتخذت إجراءات تقييدية ضد مواطني روسيا وعدد من الكيانات القانونية الروسية إلى الروبل الروسي”.
وكان الرئيس الروسي أصدر تعليماته يوم الأربعاء الفائت بتحويل كل مدفوعات إمدادات الغاز إلى أوروبا إلى العملة الوطنية في أسرع وقت ممكن، مشدّداً على أنه لا معنى لتوريد السلع الروسية للاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة الأمريكية وتلقي المدفوعات باليورو والدولار.
وكان المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أكد في وقت سابق اليوم أن السلطات الروسية تعمل على تحويل ثمن غازها الى الروبل.
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية الروسية طردها 3 دبلوماسيين سلوفاك ردّاً على إجراء مماثل من دولتهم.
ونقلت وكالة نوفوستي عن الوزارة قولها في بيان اليوم: “إن على الدبلوماسيين السلوفاكيين مغادرة البلاد خلال 72 ساعة”.
وأوضح البيان أن روسيا احتجّت لدى سفير سلوفاكيا بسبب العراقيل التي تعترض عمل الدبلوماسيين الروس.
وكانت وزارة الخارجية الروسية أكدت في الـ14 من الشهر الجاري أنها ستردّ على طرد ثلاثة من دبلوماسييها من سلوفاكيا بمبدأ المعاملة بالمثل، مشدّدة على أن مزاعم براتيسلافا حول انتهاك الدبلوماسيين الروس بنود اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية باطلة.
دوليّاً، أعلن المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ ون بين أن بلاده تعتزم اتخاذ التدابير اللازمة للردّ على العقوبات الأمريكية ضد روسيا التي تضر بمصالح الصين.
ونقلت وكالة (تاس) عن المتحدث الصيني قوله اليوم: “المشكلة الآن ليست في أن هناك من يساعد روسيا في الالتفاف على العقوبات، لكن الدول التي لها علاقات تجارية واقتصادية منتظمة مع موسكو تعرّضت لأضرار لا مبرّر لها والصين من بين هذه الدول”.
وأكد وانغ أن الصين ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لتحمي بقوة الحقوق المشروعة لشركاتها وأفرادها، مشدّداً على وجوب قيام الجانب الأمريكي عند حل القضية الأوكرانية والعلاقات مع روسيا بأن يأخذ في الاعتبار مخاوف وقلق الجانب الصيني.
ولفت وانغ إلى أن 140 دولة من بين أكثر من 190 دولة عضو في الأمم المتحدة لم تنضم إلى العقوبات الأحادية الجانب ضد روسيا ما يعني أن معظم دول العالم تتخذ موقفاً حذراً ومسؤولاً بشأن هذه العقوبات.
وخلص وانغ إلى القول: “آمل أن تُظهر الأطراف المعنية رباطة جأشها وأن تركّز جهودها على دفع عجلة المفاوضات وألا تسعى إلى تشديد العقوبات”.
من جهة ثانية، أفادت صحيفة (ساوث تشاينا مورنينغ بوست) الصينية بأن الصينيين يتفهّمون قلق روسيا على أمنها القومي والهدف من عمليتها العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
وأشارت الصحيفة في مقال كتبه البروفيسور في جامعة آلبورغ الدنماركية (لي شينغ)، إلى أن الأغلبية العظمى من الصينيين يعربون عبر شبكات التواصل الاجتماعي الصينية عن فهمهم العميق لتصرفات روسيا في أوكرانيا، ما يعكس إدراكهم أن كلاً من بلدهم وروسيا أصبح هدفاً للغرب بقيادة الولايات المتحدة.
وأشار البروفيسور إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ينتهجان سياسة “المعايير المزدوجة” حيال العديد من القضايا العالمية.
وجدّدت الصين في وقت سابق مطالبتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي ناتو بإجراء حوار مع روسيا بدلاً من بدء حرب باردة جديدة، حيث أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية (وانغ وين بين) أنه لا ينبغي أن تكون هناك معايير مزدوجة في التعامل والعلاقات الدولية ويجب الدفاع عن سلام أوروبا واستقرارها واحترام مخاوف روسيا الأمنية المشروعة.
إلى ذلك، تظاهر العشرات في العاصمة البلجيكية بروكسل تنديداً بمعاداة روسيا ومضايقة مواطنيها في بلجيكا والاتحاد الأوروبي بسبب تحدّثهم باللغة الروسية.
وأكد المتظاهرون الذين تجمّعوا في الحي الأوروبي في بروكسل أمام المفوضية الأوروبية الطبيعة الإنسانية للفعالية من دون رفع أعلام أو شعارات سياسية خلالها، في حين كُتب على اللافتة الوحيدة التي تجمّع المتظاهرون تحتها “روحي لا تحمل الجنسية”.
وحضر الاعتصام مواطنون من روسيا وبيلاروس ومولدوفا وأوسيتيا الجنوبية وتحدّثوا عن المشكلات التي يواجهونها في التواصل مع من حولهم بسبب اللغة الروسية، بينما حضر الفعالية مواطنون بلجيكيون للإعراب عن دعمهم.
وتحدّث المتظاهرون لمراسلي وسائل الإعلام عن حالات الفصل من العمل والحاجة إلى تغيير المدرسة ومكان الإقامة بسبب التنمّر والتهديد بالاعتداء والمعاملة غير العادلة من المسؤولين ورفض الشرطة قبول شكاوى الناطقين بالروسية.
ووفقاً لأليكسي البالغ من العمر 19 عاماً وهو طالب في جامعة لييغ بدأت المشكلات مع معارفه وزملائه الطلاب، موضحاً أن من يكتشفون أنه من أصول روسية لا يخفون موقفهم السلبي تجاهه.
في حين واجه الفتى يارومير البالغ من العمر 9 سنوات تنمّراً حقيقياً في مدرسته وحسب والدته اضطرّت العائلة إلى اللجوء لطبيب نفسي شخّص إصابته بصدمة نفسية استلزمت إعفاءه من المدرسة مدة أسبوعين.
وفي إطار البروباغندا المكشوفة التي تمارسها وسائل الإعلام الأمريكية والغربية لشيطنة روسيا، تعمّدت قناة سي إن إن الأمريكية تزييف حقيقة حريق مشتعل في مدينة إدمونتون الكندية ونسبته إلى مدينة لفوف الأوكرانية مدّعية أن الحريق ناجم عن قصف روسي.
وذكر موقع قناة روسيا اليوم أن “القناة الأمريكية أطلقت بثاً مباشراً من المكان المزعوم، ولكن المثير للاهتمام وجود رجال إطفاء يرتدون زيّاً كتب عليه ادمونتون وهي مدينة في كندا، إضافة إلى وجود سيارة إسعاف في أوكرانيا في التقرير الملفّق كتب عليها /ينقذ/ بالإنكليزية لا بالأوكرانية”.
وكانت روسيا طالبت مؤخراً الولايات المتحدة بوقف نشر المعلومات الكاذبة والانخراط في التغطية الموضوعية للأحداث في أوكرانيا.