خبر رسمي..!.
حسن النابلسي
من اللافت فعلاً ألا تفرد الجلسة الأسبوعية للحكومة ذلك الحيز ليس الواسع فقط لمناقشة الواقع المعيشي وما يشهده من تأزم غير مسبوق بات يقض مضجع المواطن بأبسط مستلزمات عيشه، وإنما اتخاذ قرارات استثنائية وجريئة كفيلة بالحد من التصاعد المستمر للأسعار دون أي رادع أخلاقي أو قانوني..!.
إذا ما عدنا إلى الخبر الرسمي لجلسة أمس فنلحظ أن اهتمام الحكومة بهذا الشأن مرّ مرور الكرام واقتصر على فقرة مقتضبة فحواها “بهدف ضبط الأسواق خلال شهر رمضان المبارك طلب المجلس من الوزارات المعنية تكثيف الجولات الرقابية على الأسواق والتأكد من الالتزام بنشرة الأسعار الرسمية ووجود جميع المواد بكميات كافية في الأسواق وإنزال أشد العقوبات القانونية بالمخالفين والمحتكرين”..!.
ربما لا يختلف اثنان على ضرورة استنفار الحكومة قاطبة للتخفيف من ضغوط هذه المرحلة العصيبة على الاقتصاد والمواطن معاً، وليس أقله تخصيص الجلسة الأسبوعية لاتخاذ إجراءات فعلية ومبادرات استثنائية واقعية، لا مجرد “طلب” تكثيف الجولات الرقابية، التي أثبتت فشلها بامتياز، ولعلنا لا نبالغ بالقول إنها ساهمت بارتفاع الأسعار، لكون أغلب رموز هذه الجولات من المتواطئين مع التجار ولاسيما الكبار منهم، ما يدفع بالتالي هؤلاء “التجار” إلى تحميل ما يرشون به المتورطين من مراقبي الأسواق على الفاتورة النهائية للمستهلك..!.
طبعاً معظم جلسات الحكومة لا تتخذ قرارات واضحة تجاه أي ملف، فالخبر الرسمي للحكومة يعطي انطباعاً بأن ما تتداوله الجلسة مجرد عناوين وتوجيهات عامة لعدد من القضايا ولا تخرج عن سياق “التشديد والتوجيه والطلب”..!.
قد نتفق مع من يقول: “ليس بالضرورة أن يتضمن خبر المجلس تفاصيل الجلسة، فهناك خصوصية يجب أن تحترم، وبالتالي من الطبيعي أن يتضمن الخبر عناوين رئيسية، فالاجتماع الحكومي يشهد نقاشات حامية الوطيس، وتوجيهات صارمة، ويتم اتخاذ قرارات غير معلنة نظراً لحساسية الملفات والقضايا المثارة”.. لكن إذا كان هذا الكلام دقيقاً.. أين أثر ما يثار ويناقش ويتخذ بشأنه قرارات خلال الجلسة على الواقع الاقتصادي والمعيشي معاً..؟.. فهناك كثير من القضايا لا تزال مستعصية، لا بل تزداد سوءاً، ولعل أبرزها استمرار انخفاض القوة الشرائية لليرة بسبب لتذبذبات الحادة لسعر صرفها مقابل الدولار.. فأين أثر هذه القرارات غير المعلنة المتعلقة بهذا الموضوع إن وجدت بالأصل..؟!.
للأسف توحي الجلسات الأسبوعية للحكومة بأن جعبة الأخيرة باتت خاوية من أي أفكار ومقترحات.. وبالتالي إن كانت جادة بتجاوز ما يواجه الاقتصاد الوطني من تحديات، فعليها توسيع دائرة تعاطيها مع خبراء الاقتصاد، فهناك مهمشون منهم ممن يوثق بهم وبأفكارهم..!.
hasanla@yahoo.com