لافروف من بكين: سنتحرّك مع الصين وشركائنا نحو نظام عالمي متعدّد الأقطاب
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف حرص روسيا على التطوّر الثابت والمستمر للعلاقات مع الصين، مشيراً إلى أن البلدين يعتزمان السير قدماً نحو نظام عالمي عادل ومتعدّد الأقطاب.
ونقل موقع روسيا اليوم عن لافروف قوله في تصريحات أدلى بها اليوم في الصين حيث وصل في زيارة يلتقي خلالها نظيره وانغ يي: “نحن مهتمون بأن تتطوّر علاقاتنا مع الصين بشكل ثابت ومستمر وهو ما اتفق عليه زعيما البلدين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ.. واليوم سننظر في الخطوات الملموسة التي تهدف إلى ضمان تنفيذ كل الاتفاقات التي تم التوصل إليها”.
وأضاف لافروف: إن “روسيا والصين وشركاءهما سيتحرّكون معاً نحو نظام عالمي متعدّد الأقطاب وعادل بناء على نتائج المرحلة الخطيرة التي يمر بها تاريخ العلاقات الدولية”، معرباً عن قناعته بأنه “في أعقاب هذه المرحلة ستتضح ملامح الوضع الدولي بشكل كبير”.
من جانبه أكد وزير الخارجية الصيني أن العلاقات بين البلدين منذ بداية العام صمدت أمام التحديات الجديدة للوضع الدولي المتغيّر وحافظت على المسار الصحيح وعلى مسار التنمية المتبادلة.
وكان لافروف وصل إلى مدينة تونغشي الصينية حيث سيُعقد اجتماع لوزراء خارجية الدول المجاورة لأفغانستان وسيخصص اليوم للاجتماعات الثنائية.
من جهة ثانية، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن أمريكا لا تريد تطوير أوروبا ولا تريد رؤيتها قوية وموحّدة ومستقلة، لافتة إلى أن عامل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وكذلك طبيعة العقوبات المناهضة لروسيا التي تضرب أوروبا في المقام الأول يثبتان ذلك.
وكتبت زاخاروفا على حسابها في تلغرام: “إن الولايات المتحدة تريد تحويل الاتحاد الأوروبي إلى ملحق بحلف شمال الأطلسي وإلى دائرة اقتصادية إقليمية ضمن تكوين جديد فعلي للسيطرة على العالم الغربي بأكمله”.
ولفتت إلى أن الاتحاد الأوروبي كان “رابطة اقتصادية بحتة منذ عقود وفي إطاره جرى تنسيق الملفات السياسية العامة بما في ذلك الخط المشترك للسياسة الخارجية، لكن القضايا العسكرية والدفاع الوطني لم يتم رفعهما إلى مستوى بروكسل”.
وفي هذا السياق أشارت زاخاروفا إلى أن الرئيس الأمريكي جو بايدن في قمة الاتحاد الأوروبي الأخيرة في بروكسل دعا علناً ناتو والاتحاد الأوروبي إلى الاتفاق فيما بينهما على شراكة عميقة لأغراض دفاعية، ما يعني تحويل الاتحاد فعلياً إلى ملحق لـ”ناتو”.
في سياق متصل، دعا السفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنتونوف الولايات المتحدة إلى العودة لحوار مهني وغير مسيّس حول الأمن النووي.
ونقلت وكالة تاس عن انتونوف قوله اليوم رداً على مزاعم نائبة وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الحدّ من التسلح والأمن الدولي بوني جينكينز حول إثارة روسيا مخاطر نووية في أوكرانيا: “مثل هذه التصريحات تندرج في إطار المحاولات الهادفة إلى إشاعة الرهاب من روسيا على الساحة الدولية”، داعياً واشنطن إلى العودة للحوار المهني في مجال الأمن النووي.
وشدّد أنتونوف على أن المزاعم الأمريكية الأخرى حول مسؤولية روسيا عن أزمة غذائية في أوكرانيا والعالم هي جزء من الحرب الإعلامية ضد موسكو.
وقال رداً على تصريحات نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان واتهاماتها روسيا بقصف ثلاث سفن مدنية تصدّر البضائع من موانئ البحر الأسود: إن هذه التلميحات “لا تتفق مع الواقع”، مشيراً إلى نشوء وضع معاكس في أوكرانيا، إذ إن المناطق التي يسيطر عليها الجيش الروسي يسودها السلام والهدوء.
وأكد أنتونوف أن العسكريين الروس لا يستخدمون الأسلحة ضد المدنيين بل يقدّمون المساعدات الإنسانية لهم، مبيّناً أنه تم إيصال نحو 6 آلاف طن من الشحنات المناسبة بما فيها المواد الغذائية والملابس والمستحضرات الطبية، وأن روسيا “ستواصل تقديم مساعدات مماثلة للمناطق الأوكرانية التي تم تحريرها من النازيين”.
وفيما يخص العقوبات الغربية المفروضة من جانب واحد على موسكو، حذر مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا من أزمة اقتصادية ذات “أبعاد تاريخية” في العالم بسبب العقوبات الغربية ضد روسيا.
ونقل موقع روسيا اليوم عن نيبينزيا قوله خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي الليلة الماضية: إن “الأسباب الحقيقية التي تهدّد سوق الأغذية العالمية بتقلبات خطيرة لا تكمن في أعمال روسيا بل في هستيريا العقوبات التي لا حدود لها والتي شنّها الغرب على روسيا دون أن يفكّر في سكان الجنوب العالمي ولا مواطني الدول الغربية”، مضيفاً: إن “محاولة الغرب إبعاد روسيا اقتصادياً ومالياً ولوجستياً عن قنوات التعاون التي تم ترتيبها منذ سنوات قد بدأت بالتحوّل إلى أزمة اقتصادية ذات أبعاد تاريخية”.
وأشار إلى أن “تخفيف التوترات عن الروابط اللوجستية والنقل والصلات المالية وضمان استمرار التوريدات وإحلال الاستقرار في الأسواق الزراعية والغذائية الدولية يكمن فقط عبر التخلي عن القيود غير الشرعية المفروضة من طرف واحد”.
وحول العملية العسكرية الروسية الخاصة لحماية دونباس أكد نيبينزيا أن روسيا تنفذ بدقة التزاماتها الدولية، وبالتالي لن يكون هناك أي تهديد للعسكريين الأوكرانيين الذين سيلقون سلاحهم.
وانتقد نيبينزيا الدعوات الغربية لهدنة إنسانية في أوكرانيا، مشيراً إلى أن موقف تلك الدول غير منطقي إذ إنها رفضت مشروع القرار الروسي حول الوضع الإنساني في أوكرانيا الذي كان “يتضمّن عدداً من الخطوات لتسوية الأزمة الإنسانية بشرق أوكرانيا قبل كل شيء”، لافتاً إلى أنه “بناء على هذه الخلفية تبدو التصريحات التي أطلقت من الوفود الغربية منافقة”.
وأعرب المندوب الروسي عن قلق موسكو إزاء الأنباء عن الاضطهادات بحق بعض النشطاء والصحفيين والشخصيات الاجتماعية في أوكرانيا، كما طالب بتقديم توضيحات لمشاركة عربات تحمل لوحات دبلوماسية في القتال قرب خاركوف، معبّراً عن قلقه إزاء مصادرة القوات الأوكرانية السيارات التي تحمل رموز الأمم المتحدة واستخدام النازيين سيارات منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وكذلك سيارات شركة “دي اتش إل” اللوجستية لنقل الأسلحة، ما سيلحق أضراراً بجميع البنى الدولية التي تخفي وقائع استخدام السيارات التي تحمل شعاراتها لمثل هذه الأغراض.
من جانبه قال نائب المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي ردّاً على اتهامات وجّهتها نائبة وزير الخارجية الأمريكي ويندي شيرمان لموسكو: إن “واشنطن لم تبذل الجهود المطلوبة في مفاوضاتها مع موسكو حول الضمانات الأمنية”.
وأضاف بوليانسكي: “إن لم تنجح المفاوضات فهذا يعني أن الولايات المتحدة لم تبذل جهوداً كافية على هذا الاتجاه”، موضحاً أنه كان “يجب العمل بشكل أفضل واقتراح أمور أكثر جدية.. والآن وصلنا إلى ما وصلنا إليه”.
يذكر أن روسيا طالبت الولايات المتحدة و”ناتو” في كانون الأول الماضي بتقديم ضمانات أمنية بعدم توسّع ناتو شرقاً ونشر البنية التحتية العسكرية للحلف بالقرب من الحدود الروسية، لكن المفاوضات حول هذه الضمانات انتهت في كانون الثاني الماضي دون تحقيق أي نتائج.
دولياً، أكد مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة تشانغ جون أن العقوبات الأحادية التي تفرضها بعض الدول تؤثر بشكل خطير في الأسواق المالية العالمية وتخلق مشكلات إنسانية جديدة.
وقال تشانغ في كلمة خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي الليلة الماضية: إن “العقوبات التي تفرضها دول عدة من جانب واحد أثرت سلباً بشكل خطير في الأسواق المالية والتجارة والغذاء وسيؤثر ذلك في حياة الشعوب وسيخلق مشكلات إنسانية جديدة”.
وأشار تشانغ إلى أن “الدول النامية ليست أطرافاً في هذا الصراع ولا ينبغي أن تنجرّ إلى المواجهة ولا يجب أن تعاني من تداعيات المواجهات الجيوسياسية بين القوى الكبرى”.
وفي السياق، انتقد وزير الخارجية والدفاع البرازيلي الأسبق، سيلسو أموريم، بشدة العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على روسيا بسبب التطورات الأخيرة في أوكرانيا.
وقال أموريم في حديثه لوكالة “نوفوستي”: “العقوبات رهيبة.. الناس يعتقدون أن العقوبات ستؤثر في المصرفيين.. لا، العقوبات تقتل. كنت رئيساً للجنة الأمم المتحدة بشأن العراق ورأيت الشر الذي تمّت إثارته هناك”.
وأضاف: إن العقوبات تعدّ مصدراً للقضايا الجدية، مشيراً إلى أنها سخيفة. وذكر أن أوروبا أعفت نفسها من العقوبات المفروضة على النفط والغاز من روسيا بينما لا تزال البرازيل ممنوعة من شراء الأسمدة.
وأوضح: “ليست لدينا أي صلة بذلك… نقع بعيداً جسدياً ونطبّق في الواقع العقوبات التي ستلحق ضرراً بالبرازيل، في حين تتحرّر أوروبا من قضية مهمة بالنسبة لها”.