لم يكن حزب البعث أقوى مما هو عليه اليوم !!..
د. مهدي دخل الله
سأبرهن على هذه المقولة بتجارب ومشاهدات ميدانية …
عندما بدأت الحرب على سورية , كانت أعداد البعثيين كبيرة جداً . وكانت غالبيتها أرقاماً شكلية حيث كان على القيادات القاعدية تنسيب أكبر عدد ممكن من الناس لصفوف الحزب دون أي التزام من عدد كبير من المنتسبين . كانت تلك سياسة ” التجميع ” التي أساءت للحزب أكثر مما فادته ..
انهار قسم كبير من هذا ” البرج العددي ” مع بداية الحرب , وذابت الأرقام الخلبية غير مأسوف عليها . عملت قيادة الحزب بتوجيه من الأمين العام , منذ أواخر عام 2013 , على إعادة بناء الهيكل التنظيمي على أسس انتقائية وليس تجميعية . طلبت القيادة من الحزبيين تثبيت عضويتهم خطياً فقام بذلك مئات الآلاف من الحزبيين بينما سقطت الأرقام التجميعية إلى غير رجعة ..
هذه التصفيات خلّصت جسم الحزب من الشوائب والأعشاب الطفيلية بحيث أصبح تيار النهر أكثر انسياباً. فأثناء الحرب لن ينتسب إلى الحزب أو يثبت عضويته القديمة إلا كل مخلص للحزب مؤمن بوطنيته .. كانت هذه عملية جراحية هادئة , تلتها عملية بناء الكادر النوعي وسط الكم الحزبي , أي إيجاد هيكلية تضم الكم والنوع معاً بما يخدم الرافعة الفكرية للحزب مع استمرار جماهيريته الواسعة ..
اليوم ليس الوضع مثالياً بالتأكيد لأن المثالية هدف متحرك إلى الأمام باستمرار كلما اقتربت منه سبقك. لكن الوضع قوي بوجه عام . التجربة الملموسة أثبتت ذلك . ففي كل عام تنعقد مؤتمرات الفرق في القرى والبلدات والأحياء على امتداد الوطن (آلاف المؤتمرات) . ثم بعد ذلك تعقد مؤتمرات الشُعب (حوالي 175 مؤتمراً) . وفي النهاية تعقد مؤتمرات الفروع (18 مؤتمراً) . هذه المؤتمرات , على المستويات الثلاثة , تعطي صورة حقيقية عن أوضاع الحزب ومدى قوة دوره على المستوى المجتمعي العام (السياسي والاجتماعي والاقتصادي) .
يقتسم أعضاء القيادة المركزية حضور مؤتمرات الشُعب والفروع . ولاشك في أن مؤتمرات الشُعب هي الأهم لأنها الحلقة الوسطى بين الفِرَقِ والفروع , وهي المرآة الأوسع والأدق لحالة الحزب الميدانية .
ومن بين مؤتمرات الشُعَبْ , لابد من التركيز على تلك التي تعقد في المدن والنواحي المحررة حديثاً والقريبة من خطوط المواجهة مع الإرهاب وداعميه . إنها المؤشر الأكثر أهمية على قوة الحزب وجودة أدائه . مؤتمرات الشُعَب في البوكمال والميادين والسبخة ودبسي عفنان والقامشلي والحسكة وأبو الضهور ومعــرة النعمـان وديـر حـافــر وغيـرهــا أثبتـت قـوة الحــــزب . فالحضـور كان كامـلاً إلا عدداً قليلاً (لا يتجاوز 4%) من الذين غابوا بعذر موضوعي . هذا من حيث الحضور , وكذلك كان مستوى الالتزام بثقافة النقاش والتصويت وتبويب المقترحات رفيعاً , الأمر الذي يؤكد الوعي الحزبي الجيد . من يشارك في هذا الحراك لا شك في أنه سيرى أن البعث لم يكن أقوى مما هو عليه الآن آخذين بالحسبان الأوضاع العامة بكل جوانبها .